المناورة الإسرائيلية الأضخم: محاكاة لمواجهة “التخمة الصاروخية”

2020-12-17

المناورة الإسرائيلية الأضخم: محاكاة لمواجهة “التخمة الصاروخية”


أنهى الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء “مناورات دفاعية” هي الأولى من نوعها في العالم مع “وكالة الدّفاع الصاروخي الأميركية” تحاكي “ترابط منظومات الدّفاع الجوّي والصّاروخي” في صدّ هجمات لصواريخ بعيدة ومتوسّطة وقصيرة المدى وطائرات بدون طيّار في وقت واحد في سماء البحر المُتوسّط. وقالت وزارة الدّفاع الإسرائيلية إنّ المناورات “توفّر حماية ضدّ التهديدات التي تُشكّلها إيران ووكلائها على طول الحدود الشّمالية والجنوبية”.

هي المرّة الأولى التي يجري الجيش الإسرائيلي اختباراً متكاملاً يجمع مكوّنات أنظمة مختلفة:

– “السهم”: الذي يعترض الصواريخ بعيدة المدى.

– “مقلاع داوود”: الذي يهدف إلى اعتراض الصواريخ متوسّطة المدى.

-“القبة الحديدية”: التي يستخدمها الجيش منذ سنوات لاعتراض صواريخ قطاع غزّة.

المناورات قامت على محاكاة سلسلة تهديدات وتضمّنت عمليات اتّخاذ قرار بشرية وإلكترونية وصفها الإعلام الإسرائيلي بالـ”مُعقّدة”. وكان لافتًا فيها اعتراض ما يُعتبر عسكريًا “أهدافًا مُراوِغة” كصاروخ “كروز” المُعروف بسرعته وقدرته العالية على المناورة، وصواريخ “قدس” الإيرانية  التي  سلّمت طهران كميّة منها لميليشيات الحوثي، التي استُعمِل أحدها في العدوان الشّهر الماضي على محطة توزيعٍ للمنتجات البتروليّة شمال مدينة جدّة، غرب المملكة العربية السعودية.

المناورات قامت على محاكاة سلسلة تهديدات وتضمّنت عمليات اتّخاذ قرار بشرية وإلكترونية وصفها الإعلام الإسرائيلي بالـ”مُعقّدة”

وتُعتبر المناورات وتوقيتها مؤشرًا مهمًّا لا بدّ من التوقّف عنده، وقراءته بتأنٍّ وذلك لأسباب عديدة أبرزها:

أوّلًا: يُعتبَر إجراء هذا النوع من المناورات الدّفاعية على نطاق واسع تقييمًا للمنظومة الدّفاعية ورفعًا للجهوزية، ووسيلةً لسدّ الثغرات وتفاديها في أي مواجهة مُقبِلة مع  طهران.

ثانيًا: تدلّ المناورات على انخراط الولايات المتحدة بشكلٍ مباشر في تشغيل وتقييم منظومات الدّفاع الإسرائيلية، ما يؤكّد ارتفاع التزام واشنطن بالأمن الإسرائيلي، كما تدلّ على أنّ الجيش العبري يتحضّر لأسوأ السيناريوهات الممكنة في المواجهة مع إيران.

ثالثًا: عدم اعتبار هذه المناورات بمثابة “رسائل سياسية”، فالرّسائل التي تبعثها تل أبيب غالبًا ما تكون طلعات جويّة، أو خروقات بحريّة، وحتّى “عملية إنزال كوماندوس”. وقد تأتي الرّسائل بواسطة تهديدات على ألسنة مسؤولين إسرائيليين.

رابعًا: هي مؤشّر واضح على أنّ خيار المواجهة لا يزال مطروحًا بجديّة في تل أبيب، رغم تثبيت المجمّع الإنتخابي الأميركي جو بايدن رئيساً للبلاد، ويؤيّد هذا الطّرح المشاركة الأميركية في المناورات.

خامسًا: محاولة الجهات الإسرائيلية تبديد عوامل القلق الأكبر لدى جيشها وجبهتها الداخلية من الـ”Saturation” أو “التخمة الصّاروخية” لدى إيران وأذرعها في المنطقة، وهذا ما يسمح لإيران بمباغتة الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية. إذ إنّ أي نظام فيها يتعامل مع عدد محدود من الأهداف، بالإضافة إلى اتبّاعها سياسة “التفضيل في الحماية”.

عدم اعتبار هذه المناورات بمثابة “رسائل سياسية”، فالرّسائل التي تبعثها تل أبيب غالبًا ما تكون طلعات جويّة، أو خروقات بحريّة، وحتّى “عملية إنزال كوماندوس”. وقد تأتي الرّسائل بواسطة تهديدات على ألسنة مسؤولين إسرائيليين

بكلمات أخرى إذا كان نظام القبّة الحديدة يتعامل مع 6 صواريخ دفعة واحدة، فبإمكان إيران أو أيّ من أذرعها إطلاق 12 صاروخًا كلّ 6 نحو هدف معيّن، عندها لن يعترض النظام الدّفاعي إلا 6 متجهين نحو هدفهم، بينما الـ6 الآخرين ستصيب الهدف، إذ يخشى الإسرائيليون أن تُمارس إيران ومن معها هذه الاستراتيجية على أهداف حسّاسة، تدفع المنظومة الدّفاعية إلى أن تختار بالمفاضلة، تمامًا كحال تخمة المُستشفيات في كورونا. إذ يختار الأطباء بين تشغيل ماكينة التّنفس الاصطناعي للأب أو لابنه.

إقرأ أيضاً: أسرار انفجار جباع: صاروخ فشل في إصابة طائرة إسرائيلية

ويقول مراقبون إنّ أحد الأسباب الرئيسية لهذه المناورات هو محاولة التعامل مع هذه “الثغرة الرئيسية” والحدّ من تأثيرها، إذ إنّه من غير الممكن التخلّص منها بشكل نهائي، ويدخل في هذا الإطار المطالبات الإسرائيلية والأميركية الدّائمة لإيجاد حلّ لـ”صواريخ حزب الله الدقيقة”، ومنها صاروخ فاتح 110 الذي تتطلّب عملية إطلاقه 4 إلى 5 دقائق، لأنّه يعمل بالوقود الصّلب ولا يحتاج إلى تحضيرات مُعقّدة. وهو وقت كافٍ لحماية منصّة الإطلاق من ضربة جوية استباقية. ما يعني أنّ تعامل المنظومات الدّفاعية الإسرائيلية مع صواريخ عديدة من هذا الطّراز لن يكون بالأمر السّهل وستنتج عنه أضرارٌ جسيمة في حال أصاب الصّاروخ الذي يبلغ مداه 300 كلم ووزن حشوته 650 كلغ من المتفجّرات هدفه عبر نظام التوجيه الذي زُوّدَته إيران به بعد أن كان اسمه سابقًا “زلزال 2“.

مواضيع ذات صلة

مناقلات داخل الحزب استعداداً لـ “الثّأر”

عبر ضرباته الأمنيّة والاستخبارية القاسية جداً التي أصابت رأس القيادة العسكرية للحزب يحقّق العدوّ الإسرائيلي ما لا يمكن لاجتياح برّي بالمفهوم الكلاسيكي أن يُحقّقه. تتدحرج…

هل ينجح الحزب بتجاوز الصدمة الكبيرة؟

على الرغم من حجم الضربة القاسية التي تلقّاها الحزب وبيئته يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيين من خلال عملية تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، ومن ثم يوم الجمعة…

الحزب بين فتويَيْن: “تكتيك خامنئيّ” و”سُمّ الخُمينيّ”..

تُصرّ حكومة بنيامين نتنياهو على أنّ هدفها من الضّربات التي تشنّها على الحزبِ دفعه لوقفِ ما يُسمّيه “جبهة المُشاغلة والإسناد” تحت عنوان “إعادة سكّان الشّمال…

برّي متشائم.. الآتي أخطر ممّا مضى

لا يلغي هول المصاب وحجم الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على ضاحية بيروت الجنوبية كمّية الأسئلة التي تفرض نفسها منذ لحظة إعلان إسرائيل هدفها الذي أصابته في…