يوم غد الاثنين تنتهي مهلة الأسبوعين التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى أديب، لكن كلّ المؤشرات والمعطيات المتوفرة لدى مختلف الجهات المعنية بتشكيل الحكومة لا تشير إلى أنه سيتمّ الإعلان عن الحكومة الجديدة في اليومين المقبلين، وأنه سيتم التأخير لأيام أخرى، مع وجود احتمال كبير بصعوبة الوصول إلى اتفاق حول الحكومة في ظلّ استمرار الخلافات حول توزيع الحقائب واختيار الوزراء المعنيين.
إقرأ أيضاً: الحكومة عالقة في وزارة المالية
وقد أوضح نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حوار تلفزيوني قبل أيام أنّ الأمور “لا تزال في دائرة النقاش والحوار ورسم المعالم المحتملة، وبالتالي لا أعلم إن كان هذا الأمر يمكن إنجازه بأيام أو أسابيع، لم تنطلق العجلة بعد لا زالت في دائرة المشاورات”.
حزب الله كان مستعداً للتعاطي بمرونة كبيرة لإنجاح تشكيل الحكومة، لكن العقوبات الأميركية الأخيرة على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس أدّت إلى التشدّد في مواقف حزب الله وحركة أمل
وحول قبول حزب الله بحكومة سياسية أو حكومة تكنوقراط أو كما حكومة مستقلة، أوضح الشيخ قاسم: “نحن أعلننا بوضوح. لا نقبل بحكومة مستقلة على قاعدة أنه لا يوجد شيء اسمه محايد أو مستقل، كلّ الناس لهم انتماءات سياسية إضافة إلى ذلك تمّت تجربة حكومة التكنوقراط، وتبين أنها كانت بحاجة إلى زخم سياسي لتقويتها. نحن مع حكومة تجمع أكبر عدد من الأطراف السياسية القائمة لخصوصية لبنان، ومع أن تكون بالحدّ الأدنى مطعّمة بالسياسة والتكنوقراط أو بالسياسة والاختصاص، ولكن الشكل التفصيلي هذا رهن بالحوارات القائمة الآن مع رئيس الحكومة”.
وفي تفاصيل موقف الحزب أشارت مصادر مطلعة على أجواء الحزب إلى أنّ “حزب الله كان مستعداً للتعاطي بمرونة كبيرة لإنجاح تشكيل الحكومة، لكن العقوبات الأميركية الأخيرة على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس أدّت إلى التشدّد في مواقف حزب الله وحركة أمل، وأنّ الحزب يدعم الرئيس نبيه بري بالتمسك بوزارة المالية. وعلى ضوء ذلك، يمكن تحديد الموقف النهائي من تشكيل الحكومة”.
وكان الرئيس بري قد قال أمام زواره أمس: “أنا الذي أسمّي وزير المالية، وهي للشيعة. قولوا ما شئتم، وإذا أردتم عكس ذلك، باسمي وباسم اخي السيد حسن نصرالله لن نشارك كشيعة في الحكومة. وألفوا حكومة إذا كنتم تستطيعون. الرسالة الأميركية عبر العقوبات وصلت وهي تخصني شخصياً”.
الأيام القليلة المقبلة ستشهد تحرّكات سياسية في كافة الاتجاهات داخلياً وخارجياً وعلى خط بيروت – باريس للإسراع بالوصول إلى تشكيلة حكومية ترضي اللبنانيين أولاً
وأوضحت المصادر المطلّعة على أجواء الحزب أنّ “الضغوط الفرنسية مستمرة على جميع الأطراف اللبنانية لتسهيل تشكيل الحكومة بأسرع وقت، لأن الوقت ليس لصالح لبنان، وأنه إذا لم تتشكّل الحكومة بسرعة، فالأوضاع الإقتصادية والمالية ستتدهور وليس هناك خيارات كثيرة أمام لبنان واللبنانيين، وأنّ نتائج زيارة اللواء عباس إبراهيم الى فرنسا حملت معطيات وإشارات واضحة إلى جميع المسؤولين اللبنانيين بضرورة العمل لتسهيل تشكيل الحكومة وإلا فإن الخيارات الأخرى ستكون قاسية على الجميع”.
وأضافت المصادر أنّ “هناك سباقاً كبيراً بين الجهود لتشكيل الحكومة خلال الأسبوع المقبل وبين احتمال فشل هذه الجهود مما سيضع جميع الجهات المعنية بتشكيل الحكومة، سواء الرئيس المكلّف والجهات التي اختارته، أو القوى الأخرى التي سمّته ودعمته وخصوصاً التيار الوطني الحرّ وحركة أمل وحزب الله، أمام خيارات صعبة بين احتمال الاعتذار أو تشكيل حكومة لا ترضي هذه القوى أو تقديم التنازلات لتسهيل التشكيل، وأنّ الأيام القليلة المقبلة ستشهد تحرّكات سياسية في كافة الاتجاهات داخلياً وخارجياً وعلى خط بيروت – باريس للإسراع بالوصول إلى تشكيلة حكومية ترضي اللبنانيين أولاً، وترسل رسالة إيجابية للقوى الخارجية ثانياً، وإلا فسيكون لبنان أمام خطر كبير في المرحلة المقبلة”.
فهل ستنجح هذه الجهود أو أنّ العقوبات الأميركية تكون نجحت في إفشال المبادرة الفرنسية بدل أن تساعدها في تحقيق الأهداف المطلوبة في إنقاذ لبنان من المخاطر القادمة، فتكون الطريق الأسرع لانهيار لبنان والفشل في تحقيق الحدّ الأدنى من الإصلاح المالي والاقتصادي والسياسي، وهكذا ينهار الهيكل على الجميع داخلياً وخارجياً؟.