يواجه وزير الطاقة ريمون غجر تحدّيات صعبة داخل وزارته “السوبر سيادية” في هذه اللحظات المصيرية. هي الوزارة المسؤولة عن “الذهب الأسود” الذي لا يزال نائماً في باطن البحر اللبناني. كما هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن ملف الكهرباء الذي يريده المجتمع الغربي “حياً أو ميتاً” على طاولة التنفيذ، لكي تتمّ مساعدة لبنان مالياً. وهي المسؤولة عن ملف السدود الذي يشهد جدلاً ونقاشاً صاخباً حول أهميّة تلك السدود في وقت قد لا يجد لبنانيون فتات الخبز ليقتاتوا منه إذا ما تدهورت الأوضاع الاجتماعية أكثر.
ما دون هذه التحديات، يواجه الوزير “أزمة مستشارين”. هؤلاء كانوا جيشاً جرّاراً في وزارته فيما هم اليوم يبحثون عن تمويل يبقيهم إلى جانبه بعد توقّف عقودهم السابقة، في وقت يبدي غجر حاجة إلى من يساعده في الملفات المتشعّبة ويخرجه من حقل الألغام بأقلّ الأضرار الممكنة، لا سيما في ما يخصّ العلاقات الإدارية، لأنّ علاقته بوزارة الطاقة خلال فترة خدمته في صفوف المستشارين كانت جزئية، واهتمامه كان مركّزاً على شؤون البواخر.
إقرأ أيضاً: “فيول” مغشوش… فنيش لـ”أساس”: قنابل دخانية لتغطية ارتكاب ما
يروي متابعون عن وزير الطاقة أنّه لم يستقرّ بعد في اختيار مستشاريه ولا يزال مربكاً بشأن السيطرة على شؤون وزارته، على أكثر من مستوى: شغور في الإدارة المعنيّة بخطط الكهرباء، وجدل حول مشاريع السدود، وتحقيقات حول دور الإدارة المعنيّة بشؤون الفيول المغشوش، و”شبهة” حول ضلوع رأس الإدارة في مؤسسة كهرباء لبنان. ويأتي كلّ ذلك مع انحلال عقد “جيش” المستشارين الذي كان يغطّيه العقد مع شركة “نيدز” “NEEDS”، وقد توقف في العام 2019، من دون أن يتمكّن حتى اليوم من تأمين بديل لهذه التغطية ولا حتّى تمويلاً يبلغ سقفه ملياري ليرة سنوياً في ظلّ تقشف لحق بالإنفاق ودعوات إلى خفض رواتب وتعويضات المستشارين وشحّ الاعتمادات. هذا فضلاً عن تعذّر تمرير أيّ عقد في هذا الإطار مجدّداً في ديوان المحاسبة.
وتشير المعلومات إلى محاولات صعبة للبحث عن تغطية لعقود المستشارين من خلال مشاريع مموّلة بقروض خارجية، تتولّى تنفيذها المؤسسات الخاضعة لوصاية وزير الطاقة، لا سيما وأنّ بعض هؤلاء يعمل تحت أكثر من صفة ومهمة، ويتقاضى أكثر من مخصّص وتعويض.
أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” النواب عماد واكيم وأنيس نصار وأنطوان حبشي، سألوا الحكومة بواسطة رئاسة مجلس النواب، عن العقود الموقّعة مع شركة “نيدز” وأسماء المستشارين المعتمدين لدى وزارة الطاقة والمياه وعقودهم
في المقابل، تضيف المعلومات أن الوزير يكاد يعبّر عن استيائه من “نفوذ” الوزراء السابقين وكأنّهم ما زالوا في الوزارة، حتى تردّد أنّه أبرز نسخة عن استقالته، وهدّد بتقديمها في أيّ لحظة، لاسيما وأنّ حضور وزراء الطاقة السابقين إعلامياً، يكاد يطغى على حضور الوزير الحالي، حتّى في ما يخصّ ملف النفط، خصوصاً مع إعلان “توتال” الأخير المخيّب للآمال حول وجود الغاز، الغامض والمثير للشكّ في توقيته وخلفياته وصياغته وشذوذه عن الحالات المتعارف عليها عالمياً… أو في ما خصّ مشروع معمل كهرباء في سلعاتا، المشوب بالأصل بأكثر من عيب واتهام، لا سيما حول الاستملاكات التي أعلنت الوزيرة ندى البستاني أنّ قيمتها 200 مليون دولار، وتراجعت بعدها إلى 30 مليون دولار، بعد الكشف عن وجود استملاك قديم لأراضٍ صالحة لبناء المعمل يعود للعام 1978، وكتاب صادر عن مؤسسة كهرباء لبنان يدحض تبرير الوزيرة. وبعد الشبهة التي دارت حول أسماء أصحاب العقارات المنوي استملاكها بما فيها الشركة التي نشرت معلومات عن توقفها عن أيّ نشاط منذ العام 2017 والاتجاه نحو تصفية موجوداتها والعقارات التي تملكها.
يذكر أنّ أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” النواب عماد واكيم وأنيس نصار وأنطوان حبشي، سألوا الحكومة بواسطة رئاسة مجلس النواب، عن العقود الموقّعة مع شركة “نيدز” وأسماء المستشارين المعتمدين لدى وزارة الطاقة والمياه وعقودهم، بعدما جاء ردّ وزير الطاقة والمياه ريمون غجر بأن “العقد الموقّع له طابع السرية…”. وطالبوا غجر بـ”احترام دورهم الرقابي باسم الشعب وعدم التذرّع بالسرية للتهرّب، وإعاقتهم في تقصّي المعلومات والبيانات، واعتماد الشفافية لأنّها أساس مكافحة الفساد وإهدار المال العام”.