“حالة تمرّد”… على محكمة التمييز؟!!

مدة القراءة 5 د

استأنف الوزير السابق يوسف فنيانوس سلسلة الدعاوى ضدّ المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار بعد 12 يوماً من إعلان الهيئة العامّة لمحكمة التمييز سلسلة قرارات قضت أربعة منها برفض دعاوى مخاصمة الدولة التي تقدّم بها المدّعى عليهم حسّان دياب وعلي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ضدّ قرارات البيطار وقضاة في محكمتيْ الاستئناف والتمييز كانوا رفضوا طلبات ردّ البيطار.

وعلى الرغم من رفض “الهيئة العامّة” كلّ دعاوى مخاصمة الدولة، فقد تقدّم فنيانوس مجدّداً، عبر وكيله القانوني المحامي نزيه خوري، بدعوى مخاصمة الدولة عن أخطاء ارتكبها البيطار أثناء التحقيقات في انفجار المرفأ.

يتوقّع مطّلعون أن تُصدر القاضية رندة حروق قراراً بردّ الدعوى شكلاً استناداً إلى قرار “الهيئة العامة” الذي حسم مرجعية محكمة التمييز في بتّ طلبات ردّ المحقّق العدلي

لكنّ دعوى فنيانوس هذه المرّة تكتسب أهمية لجملة أسباب، منها أنّ ملفّ الدعوى مُبكّل قانونياً. وأيضاً لأن “الهيئة العامّة”، بوصفها أعلى سلطة قضائية، هي أمام استحقاق إثبات أنّها لا تعاني “حالة انفصام”، كوّن الهيئة نفسها أصدرت قبل 21 عاماً قراراً قضى باعتبار ملاحقة الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة في ملفّ مكبّ برج حمود من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وليس القضاء العدلي.

ويُذكر أنّ رفض الهيئة العامّة لمحكمة التمييز دعاوى المخاصمة المقدّمة من دياب والمشنوق وخليل وزعيتر قام على أساس أنّ “مداعاة الدولة تنحصر في الأحكام والقرارات القضائية التي تحوز الصفة المُبرمة، وفي الإجراءات التي يصحّ الطعن بها واستُنفدت اتجاهها وسائل المراجعة المُتاحة قانوناً”، وهو ما لم يتوافر لدى المُستدعين الذين لم يستنفدوا، برأي الهيئة العامّة، “ما أُتيح من وسائل قانونية اتجاه القرار المشكوّ منه”.

لكن في “حالة فنيانوس” الأمر مغاير، بسبب وجود ملف كامل، حيث يتسلّح بقرارٍ مُبرم يأتي ضمن السياق الآتي:

1- سبق لفنيانوس أن تقدّم في 6 أيلول الماضي قبيل جلسة استجوابه بمذكّرة دفوعٍ شكلية تضمّنت ثلاثة أسباب رئيسية: مخالفة البيطار إجراءات التبليغ، عدم صلاحيّة المحقّق العدلي في الملاحقة لأنّها من صلاحيّة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء سنداً إلى أحكام المادّتين 70 و71 من الدستور، واستئناف فنيانوس قرار نقابة المحامين الذي يوقِف قرار النقابة منح الإذن بملاحقة الوزير السابق.

2- في 16 أيلول ردّ البيطار الدفوع الشكليّة المقدّمة من فنيانوس، متجاهلاً حتى مطالعة النيابة العامّة التمييزية التي طالبت المحقّق العدلي اتّخاذ الإجراءات اللازمة كي تتمكّن النيابة العامّة التمييزية من الاطّلاع على كامل المعطيات لإعطاء الرأي بالمذكّرة، ومنها مسألة الدفع بعدم الصلاحيّة.

يومئذٍ أشارت المطالعة إلى الكتب المرسلة بين المحقّق العدلي السابق فادي صوّان ومجلس النواب، والتي تدلّل على صلاحيّة المجلس الأعلى بوضع يده على الملفّ.

 مع ذلِك، تجاهل البيطار مطالعة النيابة العامّة التمييزية، كما تجاهل دعوى استئناف قرار نقابة المحامين المقدّمة من فنيانوس، وأصدر مذكّرة توقيف غيابية بحقّه.

دعوى فنيانوس هذه المرّة تكتسب أهمية لجملة أسباب، منها أنّ ملفّ الدعوى مُبكّل قانونياً. وأيضاً لأن “الهيئة العامّة”، بوصفها أعلى سلطة قضائية، هي أمام استحقاق إثبات أنّها لا تعاني “حالة انفصام”

3- بعدئذٍ “ميّز” فنيانوس قرار البيطار بردّ الدفوع الشكلية، لكنّ القاضية رندة كفوري رفضت دعوى “التمييز”، معتبرةً أنّ قرارات المحقّق العدلي لا تقبل أيّ طريق من طرق المراجعة.

فما كان من فنيانوس إلا أن تسلّح بحكمٍ يحمل صفة “الإبرام”، فتقدّم بدعوى مخاصمة الدولة عن أخطاء ارتكبها القاضي البيطار.

لذلك سيكون موقف الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، في ظلّ اكتمال الملف القانوني لفنيانوس، تحت المجهر، إذ يُفترض أن تفصل في واقع أنّ استئناف فنيانوس لقرار نقابة المحامين يوقف تلقائيّاً تنفيذ قرار النقابة، ويجعل جميع إجراءات البيطار غير قانونية لأنّه لا يحقّ له ملاحقة وزيرٍ لا يزال يتمتّع بالحصانة. وسيكون على المحكمة أن تقدّم شرحاً لمفهومها لبنود الدستور البالغة الوضوح حول صلاحية المجلس الأعلى في محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب.

وتلفت مصادر قضائية رفيعة إلى أنّ “الهيئة العامة لمحكمة التمييز نفسها سبق لها أن أصدرت قراراً في شأن قضية مكبّ نفايات برج حمّود الذي اُدُّعي فيه عام 2000 على وزير الدولة للشؤون المالية آنذاك فؤاد السنيورة. ويومئذٍ قرّرت الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بعد رفع الملفّ إليها، اعتبار القضاء العدلي غير ذي اختصاص، وطلبت إحالة ملفّ الدعوى إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.

وثمّة فريق قضائي وقانوني يطرح سؤالاً بديهيّاً هو التالي: “إذا لم تأخذ الهيئة العامة لمحكمة التمييز برئاسة القاضي عبود بالقرار الذي أصدرته المحكمة نفسها قبل 21 عاماً وأصدرت قراراً مخالفاً، فلماذا يأخذ المدّعى عليهم ومجلس النواب وفنيانوس، صاحب الدعوى الأخيرة، بقرارات المحكمة اليوم؟”.

إقرأ أيضاً: البيطار “راجع” قريباً… بالتفافٍ على القانون!

حروق “تحرِّر” البيطار؟

على خط آخر، وبعد تعيين القاضية رندة حروق لرئاسة الغرفة 12 لتحلّ محلّ القاضي نسيب إيليا للنظر في ملفّ طلب ردّ القاضي البيطار المقدّم من فنيانوس، يتوقّع مطّلعون أن تُصدر قراراً بردّ الدعوى شكلاً استناداً إلى قرار “الهيئة العامة” الذي حسم مرجعية محكمة التمييز في بتّ طلبات ردّ المحقّق العدلي. وهذا من شأنه أن يقود إلى معاودة البيطار تحقيقاته بعدما كان قد تبلّغ من القاضي حبيب مزهر كفّ يده.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…