حكاية نتنياهو(1/2): من تفجير مطار بيروت إلى السجن

مدة القراءة 5 د

هو أكثر شخصيّة إسرائيليّة تولّت منصب رئيس الوزراء، وأوّل من واجه محاكمة جنائيّة. بنيامين نتانياهو أو “الملك بي بي”، كما يُسمّيه أنصاره، أو “السّاحر” الذي عُرِفَ بمهاراته الانتخابيّة التي كانت التّحدّي الأبرز له أثناء مواجهته المحاكمة في تهم الفساد.

يراه الإسرائيليّون الشّخصَ الذي حماهم من “القوى المعادية” في المنطقة، لاتخاذه موقفاً متشدداً تجاه الفلسطينيين، وإعطاء “المخاوف الأمنية” الأولويّة في أيّ مفاوضات حول السلام، عدا عن تحذيره المُستمرّ منذ فترة طويلة ممّا يسمّيه “الخطر الإيراني على إسرائيل”.

حطّ نتانياهو، الضابط في الوحدة الخاصّة، على أرضِ مطار بيروت الدّولي سنة 1968، ليُشارك مع عناصر “الوحدة” في ما عُرِفَ بـ”الغارة على مطار بيروت”، التي نجمَ عنها نسف أكثر من 12 طائرة مدنية

من هو بنيامين نتانياهو الذي تفوّق على بن غوريون ومناحيم بيغن وآرييل شارون بلقب “ملك إسرائيل”؟

وُلِدَ بنيامين نتانياهو بعد “إعلان قيام دولة إسرائيل” بسنةٍ واحدة – 1949 – في عاصمة الكيان تل أبيب من أبٍ بولنديّ وأمٍّ من الولايات المُتحدة الأميركيّة.

عند بلوغ “بي بي” سنّ الـ18، غادر مع والديه إلى الولايات المُتحدة بعدما تلقّى والده المُؤرّخ والنّاشط الصّهيوني بن صهيون نتانياهو عرضَ عملٍ في جامعة كورنيل في مدينة نيويورك. لم تستمرّ إقامة نتانياهو طويلاً في أميركا، فاختارَ العودة إلى تلّ أبيب حيث أصبح لمدّة خمس سنوات ضابطاً برتبة “نقيب” في صفوف وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة، المعروفة باسم “سارييت ماتكال”، وهي أبرز وحدات المهمّات الخاصّة في الجيش الإسرائيلي.

كانَت مُشاركة نتانياهو في وحدة “ماتكال” مُميّزةً بالنّسبة إلى شخصيّةٍ يمينيّة، مثل “بي بي”، سليلة جدٍّ كان حاخاماً بولنديّاً، واسمه ناثان ميليكوفسكي، وقد جالَ في أوروبا والولايات المُتحدّة ليُلقيَ الخُطب الدّاعمة للصهيونيّة، ثمّ انتقل مع عائلته مع طلائع المُهاجرين اليهود سنة 1920، واستقرّ في القدسِ، وغيَّرَ اسمَ العائلة إلى “نتانياهو”، أي “أعطانا الله”.

حطّ نتانياهو، الضابط في الوحدة الخاصّة، على أرضِ مطار بيروت الدّولي سنة 1968، ليُشارك مع عناصر “الوحدة” في ما عُرِفَ بـ”الغارة على مطار بيروت”، التي نجمَ عنها نسف أكثر من 12 طائرة مدنية تابعة لخطوط شركة طيران الشّرق الأوسط، ردّاً على اختطاف الفدائيين الفلسطينيين لطائرات إسرائيليّة. ولم تتوقّف مشاركة نتانياهو العسكريّة على الأراضي اللبنانيّة، بل توجّه من شمال فلسطين إلى جنوبها سنة 1973 ليُشاركَ في حرب أكتوبر بوجه الجيشين المصري والسّوري.

مع انتهاء خدمته العسكريّة، عادَ “بي بي” إلى الولايات المُتحدة من جديد، حيثُ حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المعماريّة والماجستير في إدارة الأعمال من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وبعد تخرّجه، عمل مستشاراً في مجموعة بوسطن الاستشارية، وشغل منصب مدير في قطاع الصناعة في الولايات المتحدة وإسرائيل.

أثناء اهتمام نتانياهو بمسيرته العمليّة الجديدة، قُتِل أخوه جوناثان قائد وحدة “ماتكال” أثناء قيادة عمليّةٍ لإنقاذ رهائن إسرائيليين من طائرة مخطوفة في عنتيبي بأوغندا سنة 1976، وكان لذلك أثر عميق على عائلة نتانياهو. اختار بنيامين أن يُخلِّدَ ذكرى أخيه، فأسّس معهد جوناثان، وهو مؤسسة لبحث سبل “مكافحة الإرهاب”.

يراه الإسرائيليّون الشّخصَ الذي حماهم من “القوى المعادية” في المنطقة، لاتخاذه موقفاً متشدداً تجاه الفلسطينيين، وإعطاء “المخاوف الأمنية” الأولويّة في أيّ مفاوضات حول السلام، عدا عن تحذيره المُستمرّ منذ فترة طويلة ممّا يسمّيه “الخطر الإيراني على إسرائيل”

الانطلاقة السّياسيّة

من “معهد جوناثان”، كانت انطلاقته في “الشّأن العام”، فجال في الولايات المُتحدة بلسانٍ إنكليزيٍّ – أميركيٍّ طلق ليُدافع بشراسةٍ عن الكيان الإسرائيلي. سنة 1982، اختاره مناحيم بيغين ليتولّى منصب نائب السّفير الإسرائيلي لدى واشنطن، ثمّ بعد عامين اختاره إسحاق شامير ليكون مندوباً للكيان في الأمم المُتحدة، ليتولّى الدّفاع عن “إسرائيل” من داخل أروقتها حتّى سنة 1988.

مع انتهاء مهمّته “الأمميّة”، عادَ إلى الاراضي المُحتلّة، وخاضَ أولى تجاربه “الشّعبيّة”، حين ترشّح في قوائم حزب الليكود في انتخابات الكنيست سنة 1988، فنجح ودخلَ نائباً في البرلمان، وعُيّن نائباً لوزير الخارجيّة الليكودي موشيه آرنز. خاضَ نتانياهو، وكان رئيس حزب الليكود، دورة 1996 الانتخابيّة، التي تلت اغتيال إسحق رابين، وألحق بغريمه حزب العمل برئاسة شمعون بيريس هزيمةً أوصلَت “بي بي” إلى رئاسة الوزراء للمرّة الأولى في مسيرته، وكان أصغر رئيس وزراء منذ تأسيس الكيان.

مع وصوله إلى رئاسة الوزراء، اتفق مع رئيس بلدية القدس على الاستمرار في حفر نفق تحت السور الغربي للمسجد الأقصى، وهو ما أشعل شرارة فلسطينية استمرت 3 أيام. وفاوض ياسر عرفات في “واي ريفر” التي يرى مراقبون أنّه حاول فيها إعاقة أيّ تقدم في سير المفاوضات بخلاف رئيس الوزراء الذي سبقه.

إقرأ أيضاً: ديدي: سارق الأرشيف النّوويّ وقاتل فخري زاده رئيساً للموساد

على الرّغم من انتقاده اتفاقات أوسلو للسلام سنة 1993 بين إسرائيل والفلسطينيين، وقّع نتانياهو اتفاقاً لتسليم 80% من الخليل إلى السلطة الفلسطينية، ووافق على انسحابات أخرى من الضفة الغربية، وهو ما أثار استياء اليمين. فَقَد منصبه في سنة 1999 بعدما دعا إلى انتخابات مبكرة هزمه فيها زعيم حزب العمل إيهود باراك، فاعتزلَ العملَ السّياسي بشكلٍ مؤقّت، وتولّى آرييل شارون رئاسة حزب الليكود.

مواضيع ذات صلة

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…

مصرع السنوار في مشهد لا يحبّه نتنياهو

مات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس منذ اغتيال سلفه إسماعيل هنية في 31 تموز الماضي، وهو يقاتل الجيش الإسرائيلي، في إحدى أسخن جبهات القتال في…

الحزب بعد “السّيّد”: الرأي الآخر… ومشروع الدّولة

هنا محاولة لرسم بورتريه للأمين العامّ للحزب، بقلم كاتب عراقي، التقاه أكثر من مرّة، ويحاول في هذا النصّ أن يرسم عنه صورةً تبرز بعضاً من…