مع قرب إصدار المجلس الدستوري قراراته في الطعون الـ 15 المقدّمة أمامه المُشكِّكة في نيابة 18 نائباً، ازداد منسوب التحذير من “ضغوط سياسية” قد تمارَس على المجلس وتؤدّي إلى قبول بعض الطعون، وهو ما سيقلّص من حجم “كتلة المستقلّين والتغييريّين” في مجلس النواب.
تحدّث رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن “ضغوط كبيرة يمارسها حزب الله والتيار الوطني الحر على أعضاء المجلس للتلاعب بالطعون النيابية بغية نقل أربعة مقاعد من المعارضة إلى الموالاة، خصوصاً في طرابلس ومرجعيون، بهدف قلب ميزان القوى داخل المجلس استعداداً للانتخابات الرئاسية”، وذلك لرفع عدد النواب الذين يمون عليهم حزب الله من 61 إلى 65. أمّا تكتّل الاعتدال الوطني النيابي، الذي من ضمنه أحمد رستم المطعون بنيابته، فحذّر “من مغبّة إصدار أحكام سياسيّة إرضاء لرغبة جهات سياسية معروفة”.
يقول رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب لـ”أساس”: “التعميم في إطلاق المواقف يعني أنّه ليس من معلومات مثبّتة، وإلا فليعطونا تفاصيل هذه التدخّلات والضغوط وعندها أنا مستعدّ لأفتح تحقيقاً”، جازماً أن “لا أحد من جانب التيار والحزب راجعني بأيّ طعن، ولم أتبلّغ من أيّ من الزملاء بوجود ضغوط عليهم. يمكن الضغط على قاضٍ، لكن هل ممكن الضغط على عشرة؟”، مشيراً إلى أنّه “تمّت مراجعتنا فقط للاستعلام عن الموعد المحتمل لصدور الطعون“.
وفق معلومات “أساس” ستصل تقارير المقرّرين إلى المجلس الدستوري مع نهاية الأسبوع الأول من شهر أيلول المقبل. هذا هو الاتفاق المبدئي بين أعضاء المجلس، مع العلم أنّ اثنين منهم هما اليوم خارج لبنان
نتائج الطعون في تشرين
وفق معلومات “أساس” ستصل تقارير المقرّرين إلى المجلس الدستوري مع نهاية الأسبوع الأول من شهر أيلول المقبل. هذا هو الاتفاق المبدئي بين أعضاء المجلس، مع العلم أنّ اثنين منهم هما اليوم خارج لبنان. وسيكون أمام المجلس مهلة شهر للمذاكرة وإصدار القرارات النهائية بأكثريّة سبعة أعضاء من عشرة. وهذا يعني أن لا قرارات بالطعون قبل 7 تشرين الأوّل تقريباً.
في الواقع دخل ملفّ الطعون النيابية في بازار المواجهة السياسية المفتوحة على أكثر من مستوى، خصوصاً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اللذين يخوضان “حرب إلغاء” جديدة وقودها معركة تثبيت الحجم النيابي لكلّ منهما عشيّة الاستحقاق الرئاسي.
لكن بالتأكيد، نائب بالزايد أو بالناقص لن يكون له تأثير يُذكر على “البوانتاج” الرئاسي الخاضع قبل أيّ شيء آخر لتأثيرات الخارج و”ترتيبات” الداخل التي تُنجز بالطريقة المعهودة إيّاها، خصوصاً إذا لاحت بوادر تسوية توصل الرئيس المقبل من دون موانع جدّيّة.
أمّا في حال المواجهة الرئاسية بين مرشّحَيْن، واحد للمعارضة وآخر للموالاة، فهذا الواقع لا يعني أصلاً سوى الانزلاق نحو المزيد من الفوضى التي لا يقدّم ولا يؤخّر فيها استرداد مقعد من هنا وهناك!
الطعون على دفعات
لكن هل تصدر الطعون كلّها دفعة واحدة أم على مراحل؟
يجيب مشلب: “قسمٌ من أعضاء المجلس كان لديه رأي في إصدار الطعون على دفعتين ويمكن أكثر. عمليّاً، إذا وجدنا أنّ هناك قراراً جاهزاً و”خالصاً” ونريد أن نصدره، لكن فيه نقطة قانونية معيّنة، فسنتطرق إليها في طعنٍ آخر غير جاهز بعد (مثلاً نقطة عدم وجود تكافؤ فرص في الترشيحات..)، ولكي لا يُقال إنّنا أعطينا رأياً مسبقاً في هذه النقطة القانونية بالذات، لذلك ارتأينا إصدارهما في الوقت نفسه. أمّا الطعون التي تكون جاهزة ولا نقاط قانونية مشتركة بينها فسيتمّ إصدارها من دون تأخير”.
ويوضح مشلب أنّ “المعيار الأساس هو حاصل اللائحة وليس أصوات المرشّح الطاعن أو المطعون به. وإذا استدعى الأمر إعادة فرز الأصوات فالمهمّ مدى تأثير ذلك على حاصل اللوائح بحكم القانون نفسه”، مشدّداً على أن “لا أحد من الزملاء حتى اللحظة لديه أيّ فكرة عن مضمون تقارير المقرّرين التي ستجري غربلتها في المجلس الدستوري”.
عمليّاً، رسا القرار داخل المجلس الدستوري على تعيين أكثر من مقرّر لكلّ طعن (بحسب حجم الطعن وتعقيداته) لمزيد من الشفافية والدقّة وإبعاداً لشبهات التأثير السياسي، مع العلم أنّ القرار النهائي يعود للمجلس الدستوري، فيما مهمّة المقرّر تقتصر على سرد الوقائع وشرحها وذكر رأيه (غير المُلزم) في التقرير.
تقرير المقرّر هو “مشروع قرار” يتمّ إخضاعه للنقاش وإعادة الدرس في المجلس الدستوري، وقد يتمّ الأخذ به بشكل كلّي أو جزئي أو رفضه بشكل كلّي أو جزئي، ويُصوَّت عليه بغالبيّة سبعة أعضاء من عشرة.
في سياق الحديث عن ضغوطات يحضر قرار المجلس الدستوري في كانون الأوّل 2021 في الطعن بقانون الانتخابات الذي قدّمه أمامه تكتّل لبنان القوي، وحينئذٍ لم يتمكّن المجلس بعد سبع جلسات من الوصول إلى تأمين أصوات أكثرية الأعضاء “فاضطررنا إلى القول إنّنا لم نصدر قراراً”، كما قال يومها مشلب.
لذلك اعتُبر آنذاك القرار المطعون به ساري المفعول لناحية تأجيل إجراء الانتخابات في الدائرة 16 المخصّصة للمغتربين حتّى العام 2026، ومساواتهم مع المقيمين بالاقتراع لـ128 نائباً.
يقول مشلب لـ “أساس”: “بالنسبة للتجربة الماضية هذه نقطة قانونية محض. لكن اليوم هناك نتائج لا أحد يستطيع التلاعب فيها، وليس هناك من يجرؤ على تغيير النتائج إذا تبيّن فعلاً وجود تزوير أو مخالفة للقوانين. لدينا في المجلس الضمير والعِلم ويجب احترامهما”.
الطعون الـ 15
تقدّم 15 نائباً خاسراً بطعون في نتائج انتخابات 15 أيار، أهمّها:
– الطعن المقدّم في طرابلس-المنية-الضنّية من فيصل كرامي الذي نال 6,494 صوتاً تفضيلياً ضدّ المرشّحين على لوائح قوى التغيير إيهاب مطر (سنّيّ – 6,518 صوتاً)، ورامي فنج (سنّيّ – 5,009 أصوات)، وفراس السلوم (علويّ – 370 صوتاً).
– في عكّار تقدّم المرشّح عن المقعد العلوي حيدر زهر الدين عيسى الذي نال 3,948 صوتاً تفضيلياً بطعن ضدّ النائب أحمد رستم (324 صوتاً تفضيلياً).
إقرأ أيضاً: 15 طعناً أمام “الدستوري”: بين “الجديّة” و”الجلاقة”
– في مرجعيون-حاصبيا تقدّم المرشّح الخاسر مروان خير الدين (2,634 صوتاً تفضيلياً) بطعن (اشترك معه في تقديمه نواب حركة أمل) ضدّ فراس حمدان على لائحة قوى التغيير (4,859) التي فازت بحاصل أعطى نيابة الياس جرادة وكسراً أوصل حمدان إلى مجلس النواب. إضافة إلى طعون قُدّمت في جزّين والمتن وبيروت الأولى والثانية.