في ذكرى اغتيال الهاشمي(2): دور الحزب

مدة القراءة 4 د

لم يمرّ أسبوعان على الذكرى السنويّة الأولى لاغتيال الباحث والناشط العراقي هشام الهاشمي الذي قُتل في 6 تموز من عام 2020، حتى كشف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أنّه تمّ إلقاء القبض على قاتله. لم تتضمّن اعترافات القاتل، التي تمّ بثّها يومذاك، “الجهة التي تقف وراءه”، وذلك لأسباب مردّها، وفق صديق عراقي مقرّب من دوائر القرار، إلى أنّ التحقيقات لم تنتهِ، و”إلقاء القبض على شركائه يتطلّب صمتاً في المرحلة الحالية لعدم الإضرار بالتحقيقات وكشف كلّ المتورّطين بهذا الاغتيال”.

أكّد صديق آخر مقرّب من التحقيقات، تابع الجزئيّات المنشورة من الاعترافات وغير المنشورة، دور ميليشيا “حزب الله العراقي” في الوقوف وراء الاغتيال وإعطاء الأوامر بذلك. اكتفى القاتل في اعترافاته، التي بثّها التلفزيون العراقي الرسمي، والتي لم توضح اسم الجهة التي أعطته الأوامر أو الفصيل الذي ينتمي إليه، بالإشارة إلى أنّه يعمل ضابطاً في “وزارة الداخلية” برتبة ملازم أوّل.

من جهتها، أكّدت مصادر عراقية أنّ “القاتل” استغلّ كونه ضابطاً في الداخلية فواكب ما يُعرف بـ”فرق الموت” في مهمّاتها لتوفير الإسناد لها وتسهيل تحرّكاتها وعبور نقاط التفتيش الأمنية.

أكّدت مصادر عراقية شبه رسمية أنّ الجناة الآخرين هربوا إلى إيران بعد ورود معلومات لـ”كتائب حزب الله” عن قيام الأجهزة الأمنيّة بتعقّب الاتصالات

أضافت المصادر أنّ القاتل كان يستغلّ منصبه الأمني لمساعدة فرقة أوكِل إليها تنفيذ “قوائم موت” وقامت باغتيال ما بين 60 و70 من الناشطين العراقيين الذين نشطوا في ثورة تشرين.

لفتت هذه المصادر إلى أنّ الجريمة سياسية لا جنائية، وقد تأكّد ذلك في اعترافات القاتل وفي قوله: “أتت أوامر”. فعندما يتمّ الحديث عن فريق مكوّن من 6 أشخاص، لن يكون البُعد جنائياً بل اغتيالاً سياسياً.

 

حزب الله العراقي

من جهته، فسّر الباحث السعودي حسن المصطفى، الصديق المشترك لي ولهشام الهاشمي، ما حدث بأنّه جريمة وقعت وفق رؤية سياسية وأيديولوجية محدّدة، وحجّته في ذلك ما كشف عنه الباحث العراقي الدكتور حارث حسن، في تغريدة له على “تويتر”، مبيّناً أنّ المنفّذ اعترف في التحقيق بأنّه “قيل له إنّ هشام يعمل لمصلحة الأميركيين ويجب القضاء عليه”.

إذاً وفق المصطفى الباحث والصحافي في “العربية.نت” و”الحدث.نت” فإنّ “تهمة العمالة للشيطان الأكبر هي الورقة التي عادة ما تستخدمها القوى الأصوليّة تجاه خصومها أو مَن تختلف معهم. وهذا السلوك تمارسه تنظيمات مثل “القاعدة” و”داعش”، وأيضاً الميليشيات المسلّحة الموالية لإيران”. وبحسب المصطفى، يمكن الوقوف على هذا الخطاب بوضوح في تصريحات “أبي علي العسكري”، وهو الشخصية المثيرة للجدل، والمرتبطة بكتائب حزب الله.

كما أسلفنا في الجزء الأول، كان هشام الهاشمي أحد أكبر خصوم تلك الميليشيات والمناهض لسياساتها في العراق. وبحسب مصادر مقرّبة من التحقيق، فإنّ الجاني كشف في أثناء التحقيق معه أنّه انتمى إلى ميليشيا حزب الله العراقي في 2012.

من جهة أخرى، أكّدت مصادر عراقية شبه رسمية أنّ الجناة الآخرين هربوا إلى إيران بعد ورود معلومات لـ”كتائب حزب الله” عن قيام الأجهزة الأمنيّة بتعقّب الاتصالات في وقت حدوث الجريمة، فلم يُقبض إلا على واحد منهم.

تتقاطع كلّ هذه التفاصيل والمعطيات مع ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمنيّ عراقي من أنّ المتّهم باغتيال الهاشمي ينتمي إلى ميليشيا حزب الله العراقي، الموالية لإيران التي كانت محور انتقادات الهاشمي في كتاباته. وقد ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أنّ قوات الأمن ما تزال تبحث عن ستّة أفراد على الأقلّ على صلة بالاغتيال. ويقول معهد كارنيغي إنّ الكناني أبلغ المحقّقين في اعترافات لم تُبثّ أنّه اغتال الهاشمي بعدما قيل له “إنّه يعمل لمصلحة الأميركيين ويجب القضاء عليه”.

إقرأ أيضاً: قصّتي مع هشام الهاشمي(1): لهذا اغتالته إيران

أخيراً وليس آخِراً، ظهرت قبل أشهر قليلة صورة لأحد المتّهمين بقتل هشام وهو في قُم الإيرانية. تمّ التأكّد منها ومن صحّتها (الصورة مرفقة). ووفق ما كشفه الإعلام العراقي فإنّ اسمه هو حسين أبو خميني المالكي، وقد كان من بين المجموعة المنفّذة التي هربت إلى إيران بعد الجريمة.

لا يختلف ما حصل مع الهاشمي عمّا حصل ويحصل في لبنان منذ اغتيال الحريري.

رحم الله هشام الهاشمي ولقمان سليم.

 

*كاتب لبناني مقيم في دبي

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…