في التاسعة من صباح اليوم تُعقد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في قصر بعبدا بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة أشهر بسبب مقاطعة الثنائي الشيعي للجلسات والتزام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعدم الدعوة إلى أيّ جلسة قبل تسلّم بطاقة “تسهيل المرور” من حركة أمل والحزب.
أتى بند موازنة 2021 على رأس قائمة جدول أعمال مؤلّف من 56 بنداً. وهي الموازنة التي أُنجِزت في ظلّ حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب عبر “البريد الطائر” بين الوزراء ووزير المال السابق غازي وزني، لكنّها لم تُرسَل إلى مجلس النواب، وأرقامها حُدِّدت على أساس سعر صرف الدولار 1507.5 ليرات… أي أنّها موازنة “فضيحة”.
يتردّد أنّ توافقاً قد حصل على اسم الضابط السنّي الذي سيخلف الأسمر، وهو العميد محمد مصطفى من مشتى حسن (عكار) وهو مقرّب من الرئيس الحريري
والبند الثاني هو مشروع قانون يرمي إلى إجازة جباية الواردات كما في السابق، وصرف النفقات اعتباراً من أوّل شباط 2022 ولغاية صدور قانون موازنة 2022 على أساس القاعدة الاثني عشريّة.
تضمّنت الموازنة في بندها الثالث مشروع قانون موازنة 2022. وصيغة الموازنة “المتعدّدة الأسعار” بالدولار، لنفقاتها وإيراداتها، والتي بدأت تُضرَب من بيت أبيها وأخصامها، قد تؤدّي إلى مشروع مشكل كبير على طاولة الحكومة بسبب موادّها “الملغومة”، وإعطائها صلاحيّات تشريعية لوزير المال، واعتبار خبراء اقتصاد ومال أنّها موازنة القضاء على ما تبقّى من قدرة على مواجهة الانهيار عبر تحميل العبء الأكبر للمواطن في غياب خطّة التعافي المالي ومن دون رؤية إصلاحية واضحة.
لكنّ أوساطاً مطّلعة تؤكّد لـ”أساس” أنّ “الجلسة الأولى في بعبدا ستُخصّص لإقرار البنود المعيشية والحياتية والإدارية الملحّة، على أن يبدأ النقاش الفعلي في الموازنة بدءاً من يوم غد الثلاثاء في السراي”.
كان لافتاً، وبإصرار من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إدراج بند تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (بند رقم 17) على جدول الأعمال.
وقد عبّرت مصادر الثنائي الشيعي عن اعتراضها على هذا البند على خلفيّة رفض طرح أيّ بنود (خصوصاً التعيينات) خارج إطار الملفّات الملحّة.
غير أنّ أوساط ميقاتي ترى أنّ “تعيين أعضاء هيئة مكافحة الفساد ليس تعييناً عاديّاً وروتينيّاً، بل يأتي في صلب مشروع العملية الإصلاحية الذي لا يمكن القفز فوقه في هذه المرحلة، ويجب عدم التعاطي معه كما لو كان تعيين مدير عامّ في إدارة أو وزارة أو أيّ موظف فئة أولى. وإنّ العين الغربية ترصد خطوات إصلاحيّة كهذه”.
أوساط مطّلعة تؤكّد لـ”أساس” أنّ “الجلسة الأولى في بعبدا ستُخصّص لإقرار البنود المعيشية والحياتية والإدارية الملحّة، على أن يبدأ النقاش الفعلي في الموازنة بدءاً من يوم غد الثلاثاء
ويُنتظر أن يشهد هذا البند “تنتيعاً” سياسياً خارج أروقة بعبدا والسراي في تكرارٍ للعبة المحاصصة إيّاها، وفتحاً للشهيّة على سلّة أوسع من التعيينات. فعلى مجلس الوزراء تعيين أربعة من أصل ستّة من أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لمدّة ستّ سنوات غير قابلة للتجديد. وقد تمّ انتخاب قاضيين من قبل الجسم القضائي في جلسة برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود في آب الماضي.
تؤكّد معلومات “أساس” أنّ تعيينات المجلس العسكري في قيادة الجيش كان يمكن أن تمرّ اليوم، لكنّ الخلاف حول اسم العضو الكاثوليكي في المجلس بين قائد الجيش العماد جوزف عون والنائب جبران باسيل حال دون ذلك. إذ يضغط قائد الجيش لتعيين العميد ماهر أبو شعر، فيما “يطحش” باسيل لتعيين العميد بيار صعب في هذا الموقع. وحتى الآن لم يتمّ التوافق على الاسم.
يُذكر أنّ في 20 شباط المقبل يفقد المجلس العسكري، المؤلّف من خمسة أعضاء برئاسة قائد الجيش، نصابه إذا لم يتمّ تعيين أمين عامّ للمجلس الأعلى للدفاع (موقع سنّي) بدلاً من اللواء محمود الأسمر، وتعيين العضو المتفرّغ في المجلس (موقع كاثوليكي) بدلاً من اللواء الياس الشامية.
يتردّد أنّ توافقاً قد حصل على اسم الضابط السنّي الذي سيخلف الأسمر، وهو العميد محمد مصطفى من مشتى حسن (عكار)، وهو مقرّب من الرئيس سعد الحريري. لكنّ هذا التعيين سيخلق بلبلة عسكرية كبيرة. فتعيين قائد اللواء الثاني حالياً العميد مصطفى، وهو من دورة 94، يُشكّل قراراً غير اعتيادي بسبب القفز مباشرة نحو دورة الـ 94، فيما هناك عمداء سنّة مستحقّون ويسبقونه بالأقدميّة، وهم العميد خليل يحيى (دورة 85) العميد وليد السمرجي (دورة 85) والعميد أحمد الأسير (دورة 86).
وعلى الرغم من أنّ ميقاتي لا يزال في منطقة الأمان لأنّه اختار ضابطاً من منطقة عكار، مع ما يعنيه ذلك انتخابياً وسياسياً، لكنّ السير بهذا التوجّه لن يكون سهلاً على المستوى العسكري.
يقول مطّلعون إنّ “تعيين ضابط من دورة 94 في المجلس العسكري وترقيته إلى رتبة لواء سيشكّل سابقة، وهو يضرب التراتبية العسكرية ويشكّل انقلاباً سيؤدّي إلى تسليم ضبّاط 94 مواقع أساسية في ظلّ وجود ضبّاط من أصحاب الخبرة من دورتيْ 85 و86. فمثلاً رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يُحال إلى التقاعد نهاية العام سيخلفه عندئذٍ ضابط درزي من دورة 94”.
بنود الموازنة
يُذكر أنّه تحت عنوان “مواضيع وظيفية ومعيشية وإدارية طارئة” تمّ إدراج نحو تسعة بنود (مساعدات اجتماعية لموظّفي القطاع العامّ، تعديل قيمة بدل النقل اليومي، منح تعليم، إعطاء تعويض نقل شهري مقطوع للعسكريين، تمديد العمل بالملاكات المؤقّتة وبمفعول قرارات وعقود خاصّة بالموظّفين المؤقّتين والمتعاقدين…).
إقرأ أيضاً: هيئة مكافحة الفساد “تخرق” الحصار… وهذه أسماؤها
وهناك بندان مرتبطان بالانتخابات النيابية: مشروع مرسوم لنقل اعتماد بقيمة 5 مليارات ليرة من احتياط الموازنة إلى موازنة المديرية العامّة للأحوال الشخصية للاستعداد للعملية الانتخابية، والموافقة على تمديد عقد الإيجار لمقرّ هيئة الإشراف على الانتخابات وتوفير الاعتماد اللازم. مع العلم أنّه لم يتمّ تعيين الهيئة بعد، وهذا معطى قد يؤدّي إلى تقديم طعن بقانون الانتخاب.
وأُدرج على جدول الأعمال “على سبيل التسوية” وتحت عنوان “مواضيع متفرّقة” 20 بنداً كانت صدرت وفق صيغة الموافقات الاستثنائية من قبل رئيسيْ الجمهورية والحكومة.