سقوط كذبة أكثرية الـ65

مدة القراءة 5 د

في 23 حزيران، سقطت كذبة الـ”65″.

في 3 حزيران الجاري، نشرت مقالة بعنوان “خدعة الـ65: “أكثريّة” برّي… لا الحزب”، قلتُ فيها إنّ هذه الـ65 هي “أكثريّة موهومة”، وإنّه “قريباً في قصر بعبدا، تُكرمُ، أو تُهان”… وهكذا كان.

الأصوات الـ54 التي حصل عليها الرئيس نجيب ميقاتي، قريبة من الرقم 61، الذي هو “سقف” أكثريّة حزب الله وحلفائه، بمن فيهم التيّار الوطنيّ الحرّ.

خسر ميقاتي من أكثريّة الـ61 (حزب الله وحلفائه) 19 صوتاً:

– 1: جهاد الصمد الذي صوّت لسعد الحريري.

– 1: جميل السيّد الذي امتنع عن التسمية.

– 17: نوّاب جبران باسيل (محمد يحيى و3 طاشناق سمّوا ميقاتي).

المطلوب سلوكٌ يحارب من أجل الوصول، أو المشاركة على الأقلّ في السلطة لتنفيذ بعض ما أمَلَه مَن صوّتوا لقوى التغيير، وليس “الاستقالة” المبكّرة من كلّ استحقاق، والوقوف على الحياد السلبيّ من “حكم” البلاد

بقي من أكثريّة حزب الله وحلفائه 42 صوتاً فقط، استعان ميقاتي عليهم بـ12 نائباً من خارج أكثريّة حزب الله، كان يجب أن يكونوا في مكان آخر، وليس مع مرشّح الحزب، ليصل العدد إلى الرقم 54.

أمّا الـ12 فتوزّعوا كالآتي:

– 6 من “تكتّل الاعتدال الوطني”، وهم وليد البعريني، محمد سليمان، أحمد الخير، عبد العزيز الصمد.

– 3 من النوّاب السُنّة الـex حريريّين: بلال الحشيمي ونبيل بدر وعبد الكريم كبّارة.

– 1 هو نائب الجماعة الإسلامية عماد الحوت.

– 1 هو جميل عبّود (من كتلة نعمة إفرام).

– 1 هو جان طالوزيان (قريب من أنطوان صحناوي).

أين الأكثريّة الحقيقيّة؟

في لبنان أقلّيّة نيابية متماسكة تتألّف من 61 نائباً، وهي تنتمي إلى حزب الله وحلفائه. ويبقى خارج هذه الأكثريّة 67 نائباً لا يعرفون بعد أنّهم يشكّلون أكثريّة من خارج الحلف الإيراني في البلد.

هي أكثريّة لا تزال تعيش المراهقة السياسية، ويغرق بعض أركانها في المثاليّات الزائفة، أمام وحوش سياسية تستعيض بالدهاء عن خسارتها الأكثريّة، و”تشفط” الاستحقاقات، واحداً تلو آخر، و”تحكم” البلاد.

بل يمكن القول إنّ “النظام اللبناني”، أي “السيستم” الذي حكم لبنان منذ انتهاء الحرب إلى اليوم، لا يزال متماسكاً، بالنسبة إلى الزلزال الهائل الذي ضرب أسسه في 17 تشرين الأوّل 2019. وحين كان يُقال إنّ جزءاً من هذا “النظام” هو سعد الحريري، كان القائل يُتّهم بـ”القسوة” على الرجل “المجروح” الذي كان دائماً يلعب دور الضحيّة.

في المقابل يختلف أعضاء الأكثريّة الجديدة ويعجزون عن اكتشاف أكثريّتهم.

في لبنان أقلّيّة نيابية متماسكة تتألّف من 61 نائباً، وهي تنتمي إلى حزب الله وحلفائه. ويبقى خارج هذه الأكثريّة 67 نائباً لا يعرفون بعد أنّهم يشكّلون أكثريّة من خارج الحلف الإيراني في البلد

لكن يجب التكرار: إنّها “أكثريّة نيابية”، بأمّها وأبيها، شاءت أم أبت، وبأصواتها الـ67، لكنّها لم “تعترف” بعد بنفسها. فيها الكثير من النواب الوصوليّين، الذين يصوتو “على القطعة”. بعضهم سلّف الرئيس نبيه برّي، أو سدّ ديناً له في رقبته السياسية. وبعضهم “عملاء سرّيّون”، صوّتوا بشكل سرّيّ للرئيس برّي، ولنائبه الياس بوصعب، ولأمين سرّ المجلس آلان عون. وحين صار التصويت علنيّاً، كان لا بدّ أن يخفوا هويّاتهم السياسية السرّيّة.

لكن تعوز هذه الأكثريّة 3 مراحل لتقتنع وتنضج:

1- أن يخرج نواب التغيير الـ13 من مثاليّتهم، ويقتنعوا أنّه لا بدّ لهم أن يجلسوا إلى طاولة حوار، مع القوات والكتائب والآخرين، لأنّ السياسة التي جاؤوا على أساسها إلى ساحة النجمة تفرض عليهم أن يسعوا إلى “الحكم”، من أجل تنفيذ “التغيير”. و”الحكم” يحتاج إلى تحالفات سياسية، من موقع “الندّ”، وإلى الخروج من فكرة “الاستقالة”، التي بدأتها زميلتهم بولا يعقوبيان في برلمان 2018، ويستكملونها بسلوكهم في برلمان 2022. هم 13، أي 10% من مجلس النواب، وعليهم أن يبنوا تحالفات ليصلوا إلى 50% + 1، وإلّا فإنّهم سيظلّون مراقِبين، كما كانوا في ساحة رياض الصلح أو ساحة الشهداء أو ساحة طرابلس أو زحلة أو جلّ الديب. إنّ ساحة النجمة لها حسابات مختلفة.

2- وجود راعٍ إقليمي ودولي صريح لهذه الأكثريّة الجنينيّة، يجمع بين أركانها، ويُشعرهم بأنّ لهم ظهراً “دوليّاً” جدّيّاً، وعربيّاً متفهّماً لخصوصيّاتهم.

3- صياغة مشروع وطني واضح بين هذه القوى، حول “حياد لبنان”، ليكون مقدّمة ضروريّة للإنقاذ المالي وللدعم العربي والدولي، ولاستخراج النفط، ولعودة لبنان إلى الشرعيّتين العربية والدولية، تمهيداً لتحسين شروط عيش اللبنانيين.

إقرأ أيضاً: نوّاب الثورة: “شِلّي السيّد ع جنب يا أبو حميد”

إحذروا “الثورة المضادّة”

في 15 أيّار ترنّح النظام، لكنّه لم يسقط. وعوّدتنا الأنظمة العربية أنّه بعد كلّ ثورة تأتي ثورة مضادّة. حصل هذا في لبنان في الاعتصام الشهير لحزب الله في ساحة الشهداء منذ انتهاء حرب تموز حتى 7 أيّار 2008، ردّاً على 14 آذار. وليس بعيداً أن تحاول قوى النظام اصطناع ثورة أو تحرّكات في الشارع تمتدّ إلى الانتخابات المقبلة، وتعيد تعويم النظام.

المطلوب سلوكٌ يحارب من أجل الوصول، أو المشاركة على الأقلّ في السلطة لتنفيذ بعض ما أمَلَه مَن صوّتوا لقوى التغيير، وليس “الاستقالة” المبكّرة من كلّ استحقاق، والوقوف على الحياد السلبيّ من “حكم” البلاد.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…