“الشيعية السياسية” لها جذور منذ ما قبل ولادة “لبنان الكبير” في 1920. وارتباط الشيعة بفلسطين لم يبدأ بعد عملية “طوفان الأقصى” التي شنّتها حركة “حماس” ضدّ إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأوّل) الفائت.
في هذه السلسلة، محاولة استفهامية للعودة إلى التاريخ. الرجوع يروم فهم حاضر عاصٍ على الفهم مع استنكاف هذه “المذهبية السياسية” عن حرب صدعت الآذان بأنّها ترومها. هذه المذهبية على مثل ومثال كلّ من استثمر بفلسطين و”شعب الجبّارين” على ما سمّاهم رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات (أبو عمّار).
يوم عملية “طوفان الأقصى” صار يستدعي معرفة حاضرٍ أو سؤال في المستقبل وعنه. ما حصل كشف لبنان الوطن. واقعة 7 أكتوبر (تشرين الأول) وضعت هذا الوليد الذي أثبت بالحدس واليقين أنّه مُنع، أو ما بلغ سنّ الرشد السياسي، مجدّداً أمام لعنة التاريخ والجغرافيا بين بلدين:
ـ سوريا التي لا تعترف به فعليّاً.
ـ إسرائيل التي لا يعترف بها شكلاً ومضموناً.
الباعث على هذه الثلاثية الشديدة الآصرة بـ”الشيعية السياسية” هو “استثمار” الأخيرة في كلّ شيء سيؤدّي بها إلى “التحكّم” لا “الحكم” بمصائر العرب دولاً وجماعات و”أهل أمّة” نهوضاً على “مشروعية” القضية الفلسطينية.
أسئلة غزّة أعادت طرح كلّ تاريخ العلاقة بين الشيعة والقدس بما هي عاصمة تشتمل على أصل إبراهيمي يجمع بين يهودية ومسيحية وإسلامية. كان لهذا أن ينجح لو أنّ استقلالية القرار الوطني الفلسطيني نجت من جراح العدوّ والصديق. وكلاهما تبدّل. حيناً كانت “الرجعية العربية”. أحياناً كانت “الكولونيالية الغربية”. بين الاثنين كان الطريق إلى القدس “يمرّ من جونية”. وفي كلّ الأحايين كان هناك من يستثمر في الدم الفلسطيني.
أبرع من استثمر في أقاصي الفلسطينيين ودولتهم تجسّد في “الشيعية السياسية” التي استنكفت عن دخول الحرب من بابها العريض، واكتفت بمعركة حدودية تضامنية، يوم عزّ النصير لغزّة وأهلها. وحسناً فعلت إذ لاذت بلبنان عن مقتلةٍ تحضّرت لها أساطيل.
بعد رباعية “المسيحية السياسية في مهبّ الأقصى”، وفي الحلقة الثالثة والأخيرة عن “الشيعية السياسية” وأواصر وشائجها استثماراً في فلسطين الجغرافيا والدم والوطن الذي لم يبصر النور، محاولة ضرورية لا تؤجّل إلى حين ارتفاع السياسة فوق ميدان عسكري.
وحدها “الشيعية السياسية” نجحت في استثمار “المشروعية الفلسطينية”. كانت الأبرع في استثمار “الأصول” الدينية والأخلاقية والسياسية
“ميادين” الاستثمار في الدم الفلسطينيّ
وحدها “الشيعية السياسية” نجحت في استثمار “المشروعية الفلسطينية”. كانت الأبرع في استثمار “الأصول” الدينية والأخلاقية والسياسية. ذهبت في “التثمير” السياسي حدّ أقاصي الدم الفلسطيني. كانت أبرع من استثمر في “حلف الأقليّات”. هذا ما سيثبته السابق والراهن من أيامنا.
أقصى البرهنة كان في “النأي بالنفس” عن عملية “طوفان الأقصى”. الأخيرة على وجه من الوجوه مغامرة فلسطينية انتهى فعلها لحظة مباشرتها يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي جرى إسقاطه على يوم الغفران والعبور في 6 أكتوبر 1973. ما أُغفل راهناً أنّ ما تواجهه إسرائيل اليوم هو من طبيعة وجودية تتعلّق بطبيعة هذا الكيان، وهو بالتعريف كيان عنصري وقومي وذو هويّة ضيّقة حتى على ذاته.
الطبيعة الوجودية لمعركة إسرائيل هي أنّ الأخيرة وحدها استثناء على فكرة الدولة والحضارة الرأسمالية. كلّ الدول نشأت بعد توافق أهلي ـ سياسي قونن العنف تحت عنوان الجيش والقوى الأمنيّة. وحده “الوطن القومي الآمن لليهود” أنشأه الجيش وراكم عليه توافقاً أهلياً واجتماعياً وسياسياً. وضع كهذا يستدعي سؤالاً الآن: أين حلّ الدولتين؟ وماذا على “شعب الجبّارين” أن يفعل؟ على ما يقول الشهيد ياسر عرفات الآتي من أيديولوجية مخضّبة بـ”أسلمة الإخوان المسلمين”.
حسناً فعل “أبو جهاد” يوم ساجل “أبا عمّار” وناقشه في اللاجدوى من “تديين وأسلمة” القضية الفلسطينية. ما تنبّه إليه خليل الوزير أغفل عنه كلّ العرب بلا استثناء. وحدها “الشيعية السياسية” نجحت في لبنان واستدراكاً على “أصل أقلّوي” مزدوج، سوري أوّلاً، وإيراني لاحقاً، في الاستثمار في أقاصي الدم الفلسطيني. ووحدها برعت حدّ النباهة أنّ مشروعها “التبشيري” يستدعي شرعية “أولى القبلتين”. وكان ما كان.
ليس من تأصيل دقيق أنتروبولوجي أو علمي للاستشراف. الأخير دربة وحرفة خبرها الإيرانيون. على يد هؤلاء اشتغل موالوهم من لبنان.
أصلاء لا عملاء
أشياع بلاد فارس ليسوا عملاء على ما يقول رهطٌ لبناني. الأوّلون يفعلون ما يفعلون عن قناعة. أكثر من ذلك “يبذلون النفس” عن قناعة وتقوى و”تقيّة”. كان البدء مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. الأخير استدرك باكراً جداً المعنى الديني للصراع على فلسطين. حذاقته التي لا جدال فيها دفعته إلى هذا التوكيل والتفويض. كانت له الإمارة ولغيره المرارة. هذا حدث مع الزعيم اليساري كمال جنبلاط يوم أعلن عن “السجن الكبير” فكانت مقتلته بـ”رصاصات الغدر”، على ما سمّاها الشاعر شوقي بزيع.
بين الزمنين والمكانين، بقيت النافذة على “تحرير فلسطين” مفتوحة، فيما الهدف فتح الأبواب على “الصيغة اللبنانية”
أوكل الأسد الأب إلى “التشيّع الإيراني” عن قصدٍ القتال نيابةً عنه فيبقى هو عنواناً “للصمود والتصدّي”. عند حدوده لا سُنّة يدخلون شهداء. قدّم الضمانة للكيان الإسرائيلي. فعل ذلك بعد اتّفاق تامٍّ وناجزٍ مع “الإمام” السيد علي خامنئي بعد مقتلة بين الاثنين خيضت بـ”دم الأهل” في لبنان، أي الشيعة، في “حروب الأخوة” من إقليم التفاح إلى بيروت وضاحيتها الجنوبية. بعدما أنجزت ذراعه “حركة أمل” كلّ معارك الأسد الأب وضدّ الجميع من حلفاء منظمة التحرير الفلسطينية.
حركة السيد موسى الصدر التي “أسلمت” فلسطين ديناً ودنيا قاتلت أبناء العمّ من “بني معروف” أيضاً، في “حرب العلمين”. وكانت تلك آخر المعارك بين نبيه برّي ووليد جنبلاط، قبل أن يعلنا صداقةً “أبدية” من حينها. ثمّ صوّبت “أمل” نحو اليسار كلّه، فكان القتل والقتال المجّاني للشيوعيين ومعهم. كلّ ذلك كان جسر العبور إلى سلطة “الجمهورية الثانية” التي ستتورّم فيها عضلات “الشيعية السياسية”.
القتل العاري
القتل العاري والقتال مع الفلسطينيين لم تتكفّل بهما “حركة أمل” ذراع الأسد الأب وحدها. الحزب فعل الأمر نفسه بلا تردّد مع فارق زمني وشعاراتي:
ـ المرّة الأولى في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، حين زعمت “لبنانية” لم تكنّها يوماً. ذلك أنّ اللبنانيين صُدموا إثر مقتلة عناصر “أفواج المقاومة” وهم يتدرّبون على السلاح في بعلبك، فيما إمامهم يجول ويُعلن على الملأ وجوب بسط السلطة الشرعية سلطتها على كامل التراب الوطني.
العباءة “اللبنانية” سترتديها هذه الأفواج مرّتين:
الأولى ضدّ الحزب التقدمي الاشتراكي تمهيداً لدخول القوات السورية إلى بيروت وعودة اقتسام البلد وأهله مع إسرائيل حتى حدود نهر الأوّلي، وضغطاً على أهل “السُّنّة والجماعة” في بيروت للذهاب إلى دمشق نشداناً للسلم.
والثانية حين ستلتفّ “أفواج المقاومة” بهذه العباءة مجدّداً في ما اصطُلح على تسميته “حرب المخيّمات” تحت عنوان “أمن المخيّمات من أمن لبنان”. والحال أنّ الواقع كان يمضي قدماً نحو إبعاد منظمة التحرير عن حدود “الدولة العبرية”، وهو ما شرع به آرييل شارون تحت عنوان “سلامة الجليل”.
ـ المرة الثانية في العام 2013، حين أكمل الحزب ما بدأته الأولى حركة “أمل”، إنّما بفارق زمني ومكاني:
– الزمان: عام 2013 في خريف الربيع العربي.
– المكان: في دمشق عاصمة الأمويين.
– الهدف: ضدّ الفلسطينيين من القصير حتى مخيّم اليرموك، وضدّ الفلسطينيين .عقاباً لهم لخروجهم على “طاعة الوليّ الفقيه” وتحت شعار يكشف كلّ شيء: “لن تُسبى زينب مرّتين” في الشام.
ربط الحزب شيعة لبنان بجمهورية الوليّ الفقيه ارتباطاً عضوياً. هو ربطٌ يكاد يمحو انتماءهم العربي
الأولى قاتلت الفلسطينيين في بيروت، والثاني قاتلهم في دمشق قبل أن يجول في العالم العربي حيث استطاع إلى ذلك سبيلاً، مُهدّداً العرب في دولهم وأمنهم.
بين الزمنين والمكانين، بقيت النافذة على “تحرير فلسطين” مفتوحة، فيما الهدف فتح الأبواب على “الصيغة اللبنانية”. وبين مقتلة وأخرى ضدّ ممثّلي الشعب الفلسطيني كانت الأبواب هذه تتساقط:
ـ دخلت “حركة أمل” بشخص رئيسها في حكومات “حويك وزويك” على ما اختزل نبيه برّي معركته الانتخابية إلى مجلس النواب، ليدلف إلى الرئاسة الثانية متربّعاً على عرشها منذ زهاء ثلاثة عقود حتى الساعة.
ـ في الأثناء، كان الحزب يصعد سلّم النظام من مدخل “الصراع مع إسرائيل” في أسوأ تسوية مع الرئيس رفيق الحريري قضت بتولية الأول التحرير، والراحل البناء. كانت ثنائية من نوع رهيب واستعصت على فهم اللبنانيين. إذ كيف تجتمع هانوي وهونغ كونغ تحت سقف واحد في “نحت سياسي” ابتكره رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ووافق عليه حافظ الأسد واستثمره.
إعادة تموضع
شكّلت انطلاقة الحزب الفعليّة في لبنان، عبر ما اعترف به الأمين العام للحزب من مسؤولية مباشرة في استهداف مقرّ المارينز والسفارة الأميركية في بيروت، ثمّ انطلاقته الرسمية، منتصف الثمانينيات، منعطفاً حاسماً وبارزاً في موقف الطائفة الشيعية وتموضعها السياسي والثقافي والعقائدي.
ربط الحزب شيعة لبنان بجمهورية الوليّ الفقيه ارتباطاً عضوياً. هو ربطٌ يكاد يمحو انتماءهم العربي. توطيد العلاقة مع إيران وبترها مع العرب أعادا الشيعة من الفضاء الرحب العربي والأممي للأحزاب اليسارية والفصائل الفلسطينية إلى شرنقة الطائفة وقوقعتها.
قبل الحزب أسّس لهذا التحوّل الجذري والعميق السيد موسى الصدر، الذي أعاد الشيعة من أحضان الثورة الفلسطينية والأفق الأممي والعربي واللبناني، ومن أحزاب اليسار والعروبة والقومية والعلمانية، إلى أحضان الطائفة. معه راحت الأخيرة تتبلور أكثر على شكل مؤسّسات ومطالب أهلية ومذهبية ضيّقة، وإن بمواقف عالية السقف ومتضامنة ومتعاطفة مع قضايا العرب والمسلمين عموماً.
صار رأس المطالب الشيعية زمن الصدر، الإنماء والمساواة السياسية والعدالة الاجتماعية والقضاء على التهميش السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي للّبنانيين الشيعة. بات الهدف هو المشاركة في السلطة والقرار وفي كلّ شيء. وهذا سيحقّقه سيّدٌ آخر هو الأمين العام للحزب، بالتكافل والتضامن مع الحريري الأب عام 1996، لحظة قدّم لـ”المقاومة” المسلّحة ما يمكن اعتباره “شرعية دولية”، عبر تفاهم نيسان بُعيد عملية “عناقيد الغضب”، وكذلك بعد اغتيال الحريري عام 2005 حيث سيلجُ السيّد وحزبه السلطة التنفيذية في توزير هو الأوّل بتاريخ الحزب.
في الظلال بقيت إسرائيل هي العدوّ الأوّل للشيعة، لكن بوصفهم “مُعتدى عليهم” منها، ثمّ محتلّة أراضيهم وجنوبهم من قبل جيشها وجنودها والمتعاونين معهم.
وحين حاولت إسرائيل “إقفال” نافذة الشيعة على فلسطين بعيد انسحابها من جنوب لبنان وإعلانها تطبيق القرار الدولي 425، رفض الشيعة اللبنانيون، ومعهم حكم آل الأسد. وأعادوا فتح نافذة جديدة “ملتبسة” الحدود، بين سوريا ولبنان وفلسطين، عنوانها “مزارع شبعا وتلال كفرشوبا”. كان ذلك إيذاناً بأنّ “المقاومة باقية”، وأنّ النافذة العسكرية ستظلّ مفتوحة على فلسطين، لأهداف لإقليمية، وكذلك محلية.
عود على بدء
أيضاً وأيضاً في ظلال الحزب، أخذت القضية الفلسطينية بعداً آخر جديداً، بعد إطلاق الخميني .”يوم القدس العالمي” الذي عيّن له نهار الجمعة الأخير من كلّ شهر رمضان. كان ذلك في النصف الثاني من الثمانينيات بعدما حُظر “ابتداع” الوليّ الفقيه تظاهرة “البراءة من المشركين” في آخر أيام الحجيج بالحرم المكيّ.
لكن في أواسط الثمانينيات، كانت القضية الفلسطينية قد تراجعت كثيراً في الوجدان الشيعي اللبناني، كنتيجة مباشرة للتجاوزات الفلسطينية على أرض الجنوب ومع الأهالي، ثمّ حرب المخيّمات التي شنّتها حركة أمل على الوجود الفلسطيني، شعباً ومخيمات وتنظيمات وفصائل غير موالية للرئيس الأسد الأب.
كان الانتماء إلى حركة فتح وشقيقاتها من الحركات والفصائل الفلسطينية، تهمةً في الجنوب وبين الشيعة عموماً، وإن شذّت قلّة منهم عن هذا الإجماع. لم يشارك الحزب الوليد حديثاً، في حرب المخيّمات، ولم يؤيّدها.
أبعد من ذلك، قيل الكثير عن دعم حزب الله المخيّمات الفلسطينية المحاصَرة من قبل حركة أمل، حصاراً محكماً. بدا الحزب آنذاك، في تعاطفه مع القضية الفلسطينية ورفع لوائها، خارجاً على الإجماع الشيعي والجنوبي على وجه الخصوص. وهو الخروج الذي راحت حدّته تخفّ مع مرور الأيام، وارتفاع وتيرة العمليات العسكرية التي كان يقوم بها ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى احتكاره العمل العسكري من الجنوب وفيه. صارت المقاومة، تُعرف باسم الحزب ويُعرف بها، واستتبّ له الأمر برعاية سورية يرعاها تحالف سوري إيراني لا تزال مفاعيله ونتائجه قائمةً.
في المُعلن دعمت “الجمهورية الإسلامية” في إيران القضية الفلسطينية دعماً لا يغفل عنه باحث أو مؤرّخ أو محلّل سياسي. في فكر الخميني قائد الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي، تحرير فلسطين والقدس هو الهدف الثاني بعد تحرير إيران من الشاه. فقد أصدر الإمام الخميني، وهو من كبار الفقهاء والمرجعيات الشيعية، فتوى في 19 أيلول 1968، دعا فيها المسلمين عموماً، والشيعة خصوصاً، إلى دعم الثورة الفلسطينية، موجباً إعطاء جزء من “الأموال الشرعية”، بما في ذلك الزكاة، للمقاتلين الفلسطينيين. وبعيد قيام الثورة، وتسلّم الخمينيّين السلطة، حوّلوا السفارة الإسرائيلية في إيران إلى سفارة فلسطينية، واستقبل الخميني عرفات في إيران استقبالاً لم يلقه في أيّ مكان ذهب إليه. لكنّ سفينة أبي عمّار جرت بما لا تشتهيه رياح الخمينية، فمضى كلّ منهما في سبيله.
إقرأ أيضاً: دمٌ على ليل فلسطين
الدعم المُعلّق
لم ييأس النظام الإيراني، وراح يبحث عن فلسطينيين آخرين يوافقونه الرأي والخيار، وكان له ما أراد. وما التعاون الوثيق والحلف المتين بين حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، في أيامنا هذه وفي العقود الأخيرة، إلا من ثمار هذا التعاون والتحالف والتقارب.
يشكّل الجنوب اليوم الجبهة الرئيسة التي تعوّل عليها حركة حماس والفلسطينيون عموماً. والحزب اليوم هو الحليف الرئيس لها والسند الأقوى.
تتّجه أنظار الفلسطينيين اليوم شعباً ومقاومةً إلى الجنوب وتحديداً الحزب في التخفيف عنهم في غزّة ومساندتهم، وهو ما يقول الحزب أنّه يقوم به عبر إشعال جبهة الجنوب وإشغال الجيش الإسرائيلي. لكنّ الدعم هذا والمساندة هذه، أو لنقل الجبهة، لا تزال مُعلّقة، ولم تقُم بما يأمله كثيرون من مسلمين وعرب. مردّ الرهان هذا إلى ما أطلقه الأمين العام للحزب من تصريحات وتهديدات عن “توحيد الساحات والجبهات” قبل “طوفان الأقصى”، وصولاً إلى اكتفائه بـ”إثارة القلق الإسرائيلي” خلال خطابه الثاني أمس.
هكذا، وقياساً على الوقائع ونسبةً إليها، يُشكّ كثيراً أن يحصل ما هو مأمول وستبقى الحماسةُ حمماً تُسمع وتُرى عبر أفلام كثيرة يبثّها “الإعلام الحربي” للحزب إلى أن يُقضى أمرٌ كان مفعولا. وفي الأثناء ليس للفلسطينيين إلا الشاعر محمود درويش و”مديح الظلّ العالي”. ففلسطين لها أهلها… وفقط.
لمتابعة الكاتب على تويتر: jezzini_ayman@