أنهى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولته اللبنانية مكرّساً انتهاء مفاعيل جلسة الرابع عشر من حزيران، أي نهاية ترشيح سليمان فرنجية وجهاد أزعور، بعدما ثبت أنّ أيّاً منهما لن يكون رئيساً توافقياً: “إذا حصل أيّ منهما على 65 صوتاً فكيف له أن يكون عهده ناجحاً”. بهذه الكلمات أنهى لودريان أشهُر السجال الرئاسي في قدرة “الثنائي الشيعي” على فرض مرشّحه من جهة، أو نجاح المعارضة في فرض مرشّحها من جهة أخرى.
في معلومات “أساس” أنّ الخلوة التي جمعت لودريان بالسفير السعودي وليد بخاري ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، طرحت أن يكون المخرج طروحات جديدة إمّا من الداخل عبر مبادرات سياسية، أو من الخارج بوساطة إحدى الدول المشاركة في اللجنة الخماسية.
كل التطورات لا تعني أنّ الحزب سيتخلى عن مرشحه سليمان فرنجية، لذلك تنقل مصادر نيابية عنه أنّه مرتاح ومن ينتظر منه أو من الحزب انسحاباً من الترشيح فعليه أن ينتظر طويلاً
هذا ما سيحصل. فخروج لودريان سيعبّد الطريق رسمياً أمام دخول قطر موازياً للدور الفرنسي ومكمّلاً له، بنسخته الجديدة. وسيصل موفدها في الأيام المقبلة إلى لبنان لافتتاح مرحلة رئاسية جديدة عنوانها “التسوية”.
ما بين هذه المحطّات محطّة باريسية سبقت وصول لودريان إلى بيروت ازدحمت فيها العاصمة الفرنسية بالوفود السعودي والقطري والفرنسي، إضافة إلى قوى لبنانية زارت باريس لاستطلاع ما يجري هناك، ويبدو أنّ خريطة طريق وُضعت على نار حامية.
أبو فاعور والرياشي في باريس
في باريس كان المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير وليد بخاري يضعان اللمسات الأخيرة على “الزيارة الأخيرة” للودريان لبيروت. وإلى جانب لقاءاتهما مع الفريق الفرنسي الذي أوكَل إليه الإليزيه والرئيس إيمانويل ماكرون متابعة الملفّ اللبناني، التقيا النائبين ملحم الرياشي ووائل أبو فاعور، كلٌّ على حدة.
في التفاصيل أنّ النائبين اطّلعا على مخطّط زيارة لودريان لبيروت، الذي يمكن اختصاره بإنهاء أيّ اعتقاد سابق بإمكانية وصول “مرشّح تحدٍّ” لفريق أو لآخر. فكما خرج سليمان فرنجية من السباق الرئاسي على اعتباره مرشّحاً محسوباً على “الثنائي الشيعي”، فإنّ على المعارضة أن تنتبه إلى دخول البلاد مرحلة نهاية ترشيح جهاد أزعور، لكنّ ذلك ليس إلّا تمهيداً للذهاب إلى توافق مع الحزب على هويّة رئيس الجمهورية الجديد.
لمست مصادر متابعة لهذه اللقاءات دخولاً سعودياً لن يكون إلّا ممرّاً لإخراج الأزمة من جمودها وإدخالها مرحلة البحث عن اسم ثالث يحظى بتوافق عامّ. بالتأكيد لا تداول لأسماء حتى اللحظة، بل هناك تأكيد على “مواصفات” و”مهمّات” الرئيس المقبل.
لقد حرص الجانب السعودي على وضع المقرّبين منه في لبنان، أي الحزب التقدمي الاشتراكي من خلال أبو فاعور والقوات اللبنانية من خلال الرياشي، في صورة المرحلة المقبلة. وكان تشديد على التناغم الفرنسي – السعودي الذي يعكس وحدة الصفّ في اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، التي يفترض أن تجتمع قريباً لإطلاق العمل على انتخاب الرئيس التوافقي.
في معلومات “أساس” أنّ الخلوة التي جمعت لودريان بالسفير السعودي وليد بخاري ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، طرحت أن يكون المخرج طروحات جديدة إمّا من الداخل عبر مبادرات سياسية، أو من الخارج بوساطة إحدى الدول المشاركة في اللجنة الخماسية
لا حوار في مجلس النوّاب
لمس المتابعون تشجيعاً من لودريان لملاقاة برّي في مبادرته الحواريّة، إلا أنّ طلبه عدم تسميته “حواراً” بل “نقاشاً” أو “مشاوراتٍ”، لا يعكس سوى رفض اللجنة الخماسية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، فكرة الحوار، على اعتبار أنّها تمسّ باتفاق الطائف، تماماً كما حصل من قبل في الدوحة واتفاقها الشهير الذي ضرب الطائف بـ”عُرفٍ” اصطُلح على تسميته “الثلث المعطّل”. وهذا ما ترفضه المملكة رفضاً قاطعاً. فكان كلام المفتي دريان أمس الأوّل من دارة بخاري عن “التمسّك بالطائف” خير دليل على هذا.
عليه، ما يزال فريق المعارضة يتمسّك برفض أيّ حوار يدعو إليه الرئيس برّي على اعتباره مسّاً بالدستور وتكريساً لأعراف جديدة تسبق انتخاب رئيس الجمهورية.
من جهتهم يقول مقرّبون من الرئيس برّي إنّه قد يدعو إلى حوار “بمن حضر”. وبالتالي سيتحوّل الأمر إلى جملة من “المشاورات” التي تحصل حالياً بين القوى المختلفة لانتخاب رئيس. أمّا تنظيم طاولة حوار مستديرة تحضرها كلّ القوى السياسية، فهذا أمر يستحيل تحقيقه مع تمسّك المعارضة برفضها الحوار واستعدادها فقط للنزول إلى جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس.
في الأيام المقبلة، ستفتتح قطر مبادرتها الرئاسية رسمياً، على أمل أن تكون خاتمة الأزمة الرئاسية اللبنانية.
في هذه الأثناء بدأت قطر “الحديث” مع إيران نيابة عن اللجنة الخماسية وتزامناً مع تسويق مبادرتها في بيروت. وتقول مصادر مطّلعة لـ”أساس” إنّ “الحديث مع إيران عمره أشهر، وقد بدأ يتقدّم بشكل جديّ منذ الصفقة الإيرانية الأميركية بتحرير رهائن أميركيين مقابل تحرير المليارات الإيرانية في مصارف خارجية، كانت قطر جزءاً منها”.
أما لودريان فتحدثت مصادر مواكبة لحراكه أنّه سيعود إلى لبنان ففي نهاية أيلول الجاري، تماماً كما قال أمام النواب الذين التقاهم بأنّ مبادرته “لم تنتهِ في هذه الزيارة”. لكنّ عودته ستكون مرتبطة بالحراك القطري المنتظر وتعمّق الدور السعودي في هذا الملفّ. والأرجح أن يحضر عدد أكبر من أعضاء “اللجنة الخماسية” إلى بيروت بعد اجتماعهم في نيويورك الأسبوع المقبل، على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
إقرأ أيضاً: لودريان للنوّاب السُّنّة: نهاية ترشيح فرنجيّة وأزعور
كل هذه التطورات لا تعني أنّ الحزب سيتخلى عن مرشحه سليمان فرنجية، لذلك تنقل مصادر نيابية عنه أنّه مرتاح ومن ينتظر منه أو من الحزب انسحاباً من الترشيح فعليه أن ينتظر طويلاً..