يعرّف الدبلوماسي والمفكّر اللبناني شارل مالك الحوار السلمي بالتالي: “إنّه القائم على الاحترام المتبادَل، البعيد عن كلّ ضغط وإرهاب أو تهديد”. ويتابع قائلاً إنّ “شروط الحوار خمسة:
1- الاحترام المتبادَل بين المتحاورين.
2- حرّية الكشف عن كلّ شيء.
3- احترام الحقيقة في غير تعسّف في كلّ ما يُعرَض ويُقال.
4- اعتماد قواعد إجرائية للحوار تُطبّق على جميع المتحاورين على السواء.
5- إرادة التوصّل إلى اتّفاق.
وإذا اختلّ أحد هذه الشروط الخمسة بطُل الحوار”.
يعرّف الدبلوماسي والمفكّر اللبناني شارل مالك الحوار السلمي بالتالي: “إنّه القائم على الاحترام المتبادَل، البعيد عن كلّ ضغط وإرهاب أو تهديد”
الحوار اليوم
“ما البديل عن الحوار”، هو الجواب الذي يرفعه المدافعون عن دعوة رئيس البرلمان نبيه برّي إلى جولة جديدة من التفاهمات و”التنازلات” لانتخاب رئيس. المستغرَب أنّ من بين هؤلاء “سياديّين” مفترضين يدوّرون الزوايا للقبول بهذه الدعوة المرتبكة في المضمون، حيث إنّه في الشكل لا يمكن لأيّ عاقل أن يعارض “الحوار” من حيث المبدأ.
وُجد الحوار لحلّ النزاعات والخلافات، لكنّ استخدامه منذ ما بعد اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري لم يكن سوى وسيلة لتغطية الأمر الواقع مع فريق أثبت بالتجربة الطويلة أنّه ينقلب على كلّ ما يتمّ الاتفاق عليه.
يرفض الحزب البحث في السبب الجوهري للأزمة اللبنانية على الطاولة، وها هو اليوم مجدّداً يقرّر استبدال الدستور بـ”مسرحية الحوار” في انتخابات رئاسية من المفترض أن تحصل تحت قبّة البرلمان لا حول طاولة يتحوّل معها مجلس النواب إلى مصدّقٍ على ما يقرِّره المتحاورون خلافاً للدستور.
منذ تجربة الوعد بـ”صيف هادئ” في حوار 2006 إلى التوقيع على “إعلان بعبدا” والدعوة إلى “بلّه وشرب مائه” وما بينهما وبعدهما من عدم تطبيق ما تمّ التوافق عليه، وصولاً إلى الحوار في ما يعجز الحزب عن فرضه بـ”الأمر الواقع” واستثناء ما لا يتناسب مع أجندته مثل “سلاحه غير الشرعي”. إلا أنّ التجارب أثبتت أنّ ما يصبو إليه في كلّ مفترق هو شراء الوقت وتدوير الزوايا بانتظار تطوّرات جديدة.
هذه هي الأسباب
يريد الحزب الحوار اليوم:
1- من الواضح أنّ الحزب يلجأ إلى فرض أمر واقع خارج المؤسّسات لإلغاء دورها حين يشاء، والعودة إليها عندما تضمن نتائج الآليّات الديمقراطية بوسائلها غير الديمقراطية مصالحه ليكرّس هيمنته على لبنان.
2- الحوار اليوم في الموضوع الرئاسي هو خروج عن الدستور وتكريس لعُرف جديد. من الواضح أنّ الحزب الذي انتزع الثلث المعطِّل (غير الدستوري) في اتفاق الدوحة يسعى مجدّداً بإصراره على الحوار في الانتخابات الرئاسية بدلاً من البرلمان، إلى إبطال دور مجلس النواب وإلغاء العملية الانتخابية.
3- يحاول تغطية معادلة “مرشّحنا أو لا رئيس”. فحين فشل في فرض مرشّحه ارتأى الحوار وسيلةً يستغلّها لعدم التنازل عن معادلته وتبرير تعطيله.
وُجد الحوار لحلّ النزاعات والخلافات، لكنّ استخدامه منذ ما بعد اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري لم يكن سوى وسيلة لتغطية الأمر الواقع مع فريق أثبت بالتجربة الطويلة أنّه ينقلب على كلّ ما يتمّ الاتفاق عليه
4- ضعضعة المعارضة وتقسيمها، ورأينا ذلك لدى عدد من النواب الجدد، ولدى الحزب الاشتراكي وصولاً إلى البطريرك الراعي.
5- إنهاء صيغة العيش المشترك والإمعان في استبعاد المكوّن المسيحي بعدما أضعف الحزب المكوّن السنّي واستبعده بهدف وضع اليد على كلّ مفاصل الدولة ورئاساتها الثلاث .
6- تغطية محاصصة جبران باسيل وتراجعه ورغبته بتأييد فرنجية مقابل مكاسب في التعيينات وفي الإدارة والأسلاك العسكرية والقضاء.
الحوار كما يُطرح اليوم كلام حقٍّ يُراد به باطل، وأوّل الباطل تعديل النص الدستوري بعُرف جديد أوجده الثنائي .وبالموازاة يحاول الحزب مقايضة الأميركيين بالهدوء واستقرار الحدود الجنوبية مقابل ضوء أخضر من واشنطن وتغطية الحاصل وانتخاب فرنجية. وقد طلب برّي من هوكستين الضغط على المعارضة لانتخاب فرنجية، فصرّح الأخير على باب عين التينة بأنّه “يجب على اللبنانيين أن يتكلّموا مع بعضهم”.
ألا يفترض أن يحصل الحوار بعد انتخابات الرئيس ليتناول الاستراتيجية الدفاعية ومصير سلاح الحزب؟ أليس من الأنجع التحاور على خطة إنقاذية لإعادة أموال المودعين وإصلاح الوضع المصرفي والاتفاق على خطّة التعافي؟
إقرأ أيضاً: المناورات الأخيرة رئاسيّاً.. بين اللقلوق واليرزة والحارة
انطلاقاً ممّا سلف، هل تتوافر الشروط الخمسة التي وضعها شارل مالك في “الحوار” المطروح اليوم أو في أيّ يوم منذ 2005؟
البديل واضح هو تطبيق الدستور لا اعتماد مقايضات تؤدّي إلى المزيد من نسفه على طريقة “أعطوني حواراً وخذوا جلسات مفتوحة”، فيما الدستور يقول بجلسة انتخابية واحدة ذات دورات متتالية حتى يتمّ انتخاب الرئيس.