العرب يعودون إلى دمشق من دون السوريين

2023-04-06

العرب يعودون إلى دمشق من دون السوريين

يحظى مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” للكاتب السوري سامر رضوان بمتابعة كبيرة وواسعة بخاصة من السوريين المنتشرين في بلاد النزوح، أو الصامدين داخل الاراضي السورية ما كانت تحت سيطرة نظام بشار الاسد أو خارج سيطرته. حتى أنّ قناة اليوتيوب التابعة للفضائية التي تعرض المسلسل شهدت قبل موعد عرضه بدقائق ما يفوق الـ5 ملايين مشاهد بحالة الانتظار.
يتحدّث المسلسل، الذي كتبه المبدع السوري العلوي سامر رضوان عن عائلة تحكم بلداً افتراضياً بقوة القهر والاستبداد والقتل، في سرد للصراع العائلي على كرسي الحكم. التميّز بالنص والابداع بالاخراج دفع أحد الناشطين السوريين للكتابة على صفحته بالفيسبوك: “11 سنة لم نتمكن من اقتحام قصر الرئاسة في المهاجرين، جاء سامر رضوان مقتحماً القصر بكل غرفه في ثلاثين حلقة تلفزيونية…”. اللافت في المسلسل أنّ المتابعين له في الداخل السوري بمناطق النظام لا يجرؤون على ذكر اسمه بل يقولون عند الحديث عنه “هداك المسلسل” (تستعمل عبارة هداك عن السوريين للاشارة الى الشيء أي ذاك).  يقابل رجل صديقه فيسأله: “هل شاهدت بالامس هداك المسلسل” وتواعد جارة جارتها قائلة: “انتظرك على القهوة بعد نهاية حلقة هداك المسلسل”.

سنعود إلى دمشق
سنعود جميعاً إلى دمشق لبنانيين سعوديين وقطريين. سنعود إمارتيين وبحرانيين وعمانيين، هذا ما تدل عليه كافة المؤشرات وإن اختلفت بتنوّع المصطلحات من عودة اغاثية، أو عودة قنصلية وصولاً إلى عودة بائنة لا لبث فيها من فتح للسقارات وتبادل للاتفاقيات والزيارات.

لم تتحدث قرارات الاأمم المتحدة ذات الشأن بما يتعلق بالملف السوري عن عودة العرب الى دمشق، أو عودة الاوروبيين بل تحدثت عن عودة السوريين

يفترض أن يعود العرب إلى دمشق اليوم أو ربما غداً، في شهر رمضان أو بعد عيد الفطر. المسألة باتت متعلقة بالتوقيت وليس بالتقرير فما كُتب قد كُتب. لكن السؤال المطروح علينا كلنا كعرب بكافة جنسياتنا: هل سيعود السوريون الى سوريا؟ 7 ملايين سوري المنتشرون بين قابع في مجمّع لللاجئين الاجانب بأحدى الدول الاوروبية، أو المرمي في خيمة بأحد مخيمات النزوح المنتشرة في الاردن ولبنان وتركيا، هل سيعودون إلى قراهم ومنازلهم ومدنهم وشوارعهم ومساجدهم؟ هل سيعود قسم منهم: نصفهم أو ربعهم أو ثلثهم؟ لإعادة تصويب كل هذه التساؤلات في سؤال واحد، هل سيسمح لهم بشار الأسد ونظامه بالعودة الآمنة دون اعتقال أو قتل أو تنكيل؟
لا أحد منّا نحن العرب بكل جنسياتنا يمتلك الإجابة عن هذه التساؤلات، يمكننا أن نقرّر الترحم على القتلى ونسيان امر المفقودين، ولكن كيف يمكن تجاوز مصير من بقي حياً، مصير النازحين المنتظرين.

هكذا وقعت الحرب
لم تكن الحرب السورية بين الجامعة العربية من جهة ونظام بشار الأسد من جهة أخرى. الطفل حمزة الخطيب ابن درعا، لم يكن يحمل الجنسية اللبنانية ولا المصرية ولا السعودية، من المؤكد ايضاً أنه لم يكن قطرياً قادماً من الدوحة. هو طفل سوري يرتدي صباح كل يوم ثياب طلائع البعث، عندما يتوجه الى مدرسته، دفاتره في الحقيبة كلها تحمل صورة بشار الاسد ونشيده الصباحي مع رفاقه على الدوم “يحيا بشار الأسد”، إلا انه في يوم من الأيام يطلق عليها ساعة الغفلة كان يلهو مع رفاقه حمل طبشورة من صفه وكتب على الحائط جملة رآها على شاشة التلفزيون تقول: “الشعب يريد اسقاط النظام”.
اعتقل حمزة قلعت اظافر يديه ورجليه، نُتِفت حواجب عينيه، أطفأت سجائر السجان بجسده الصغير. مات حمزة ورميت جثته الى جانب جدار في قريته كتبت عليه: “يبقى الأسد أو نحرق البلد”.

إقرأ أيضاً: لن تنقذوا بشّار الأسد

لم تتحدث قرارات الأمم المتحدة ذات الشأن بما يتعلق بالملف السوري عن عودة العرب الى دمشق، أو عودة الاوروبيين بل تحدثت عن عودة السوريين. هو الملف الذي لن يقفل إلا بعودتهم أو فليذهب الأسد كي يعود البلد.
الخشية عندما نذهب نحن العرب الى دمشق دون السوريين أن نُسأل عند عودتنا الى عواصمنا من أولادنا أين كنتم؟ سنستحي لنقول كنا في “هداك البلد”.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

غابت الأسطورة… “الإطار” باقٍ!!

في سيرة الأسطورة ثمّة لحظة واحدة هي لحظة كافية لولادتها، لحظة يصير فيها صاحبها أسطورة. في سيرة السيّد حسن نصرالله لحظاتٌ كثيرة. البعضُ يحدّدها في…

خمس حقائق في اغتيال السيّد

الجمعة 27 أيلول 2024 محطّة مفصليّة في تاريخ لبنان. تحاكي بأهمّيتها الثلاثاء 14 أيلول 1982 (اغتيال بشير الجميّل) والإثنين 14 شباط 2005 (اغتيال رفيق الحريري)….

الوهم الإيرانيّ “القاتل”

تعتري المواقف الايرانية ازدواجية لا مثيل لها. تصرّح بالشيء وتفعل نقيضه. ما يهمّها هو مواصلة إيهام جمهورها الداخلي كما أتباعها في الخارج بأنّها تمتلك الإمكانيات….

إسرائيل… من التفوق إلى الجنون

دعونا نبدأ الحكاية من حزيران 1967، مع أن ما قبلها كان يشبهها، حيث عقدة التفوّق والقدرة العسكرية، استحكمت في نفوس الإسرائيليين وعقولهم لدرجة اليقين بأنهم…