سلاحُ الحزب بين أيديولوجية إيران وواقعيّتها

مدة القراءة 13 د

في لقاءاته الحواريّة في دمشقَ وبيروت، التي أُعلنَ قليلُها، وكُتم كثيرُها، طرح رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجيّة في إيران، كمال خرازي، السؤال التالي: “هل الحزب، بعد كلّ الجهود الجبّارة التّي قام بها ضدَّ الكيان الصهيونيّ والتنظيمات الارهابيّة، مطالبٌ بتسليم سلاحه؟”، ثمّ أضافَ إلى سؤالِه هذا مجموعةً أخرى من الأسئلة ذاتِ الشأن نفسه، وبينها: “هل المصلحة الوطنيّة تقتضي ذلك فعلاً؟ وفي حال تمّ حلّ الحزب وتسليم سلاحه، مَن هو الطرفُ القادر فعلياً على التصدّي للعدوّ، خصوصاً أنّنا جميعاً نعرف رغبات أميركا والغرب والكيان الصهيوني بمنع وجود أيّ قوّة فعليّة في لُبنان تتصدّى لمحاولات ضرب سيادته وسرقة ثرواته وتشريع أبوابه أمام كلّ ما تريده هذه الأطراف. ألا يستحق هذا الأمر طاولة حوار وطنية حول هذا السلاح للحفاظ على كرامة لُبنان وسيادته وثرواته؟”.
وحين قيل لخرازي: “هل تطرحون هذا الأمر كسؤال أم كاحتمالٍ قائمٍ لجهة التفكير في تسليم الحزب سلاحَه بعد الاتّفاق مع السعوديّة؟”، سارع إلى الردّ بأنّ “ما قاله مجرّد سؤال، وذلك يقيناً منّا بأنَّ هذا السلاح كان له الدورُ الأكبر في حمايةِ لُبنان من عدوّه ومن الإرهاب وفي الحفاظ على ثرواته وكيانه”. 
ليس كمال خرازي مسؤولاً إيرانيّاً عاديّاً أو عابراً، فهو من جيلٍ رافق الثورة الإسلامية وعملَ لها بنشاطٍ كبير في مجالاتٍ متعدّدة. وقبل أن يتولّى مناصبَه الحاليّة كرئيسٍ لمجلس العلاقات الخارجيّة وعضوٍ في مَجْمَع تشخيص مصلحة النظام المرتبط مباشرة بمُرشد الثورة آية الله عليّ خامنئي، شَغلَ مقعدَ وزير الخارجيّة في عهد الرئيس الإصلاحيّ محمد خاتمي، وكان سفيراً لبلاده وممثّلها الدائم في الأمم المتّحدة، وعضواً في المجلس الأعلى للدّفاع، ورئيساً لمركز معلومات الحرب ضدّ العراق، إضافة إلى إداراته المتعدّدة في مجالات الإعلام والتربية والإدارة والبحوث (ترجم العديد من الكتب). ثمّ إنَّ خرازي يعرفُ تماماً العقلَ الأميركيّ، ليس من مرحلة التفاوض النوويّ فحسب، بل أيضاً من خلال دراسته أو عمله أستاذاً زميلاً في جامعة هيوستن الأميركية التّي خصّته بإحدى جوائزها، أو عضواً في أكاديمية نيويورك للعلوم.

ليس كمال خرازي مسؤولاً إيرانيًّا عاديًّا أو عابرًا، فهو من جيلٍ رافق الثورة الإسلامية وعملَ لها بنشاطٍ كبير في مجالاتٍ متعدّدة

إذاً حين طرح المسؤول الإيرانيّ أسئلة من هذا النوع في بيروت بعد لقائه في دمشق الرئيس السوريّ بشّار الأسد وقبل أن يلتقي مجموعة من المسؤولين اللُبنانيّين، كان يُدركُ أنّ مسألة سلاح الحزب باتت محورَ الجدل المحليّ والاقليميّ والدوليّ حين تدور النقاشات حول مستقبلِ لُبنان. صحيحٌ أنّ هذا السلاح مفصليٌّ في تدعيم الدور الإيرانيّ في المنطقة، بقدر ما كان حاسماً في حرب 2006 (باعتراف تقرير فينوغراد الإسرائيليّ)، لكنّ الصحيحَ أيضاً أنّ الواقعيّة الإيرانيّة تفترضُ إيجاد مخارج للعقدِ الكثيرة التي قد تعيق تطوير الاتفاق مع السعوديّة لما فيه مصلحة الجانبين.

ماذا تفعل إيران بسلاح الحزب؟
من المُرجّح ألّا تكون إيران على عجلةٍ من أمرها في بحث مستقبل سلاح حليفها، وهي لم ولن تطمئنَّ يومًا لإسرائيل المُمعنة في التطرّف الدينيّ والنزعات التوسّعيّة والرافضة بالمُطلق مشارفة إيران على إنتاج قنبلة نووية، فهل تُضحّي فعلاً بهذه العصا الغليظة ضدّ أخطر أعدائها في الوقت الراهن؟  وهل تسلّم ورقةً كهذه فيما غُبار معارك حليفها الروسي في أوكرانيا لم تهدأ بعد، ومستقبل تحالفها مع الصين يُرسم الآن، وعلاقتها بالسعودية تحتمل النجاح الكبير أو الفشل؟
على الأرجح لا، لكنّ السؤال الذي يشغلُها حتماً كما يشغل الحزب، هو كيفيّة الحفاظ على هذا السلاح، والشروع في تسويات اقليميّة ودوليّة باتت حتميّة؟
لا داعي للتذكير بإصرار المملكة العربيّة السُعوديّة على رفضِ دعمِ أي تسوية لُبنانيّة داخليّة تفيدُ حزب الله، وهذا الإصرار لا يتعلّق بدور الحزب في لُبنان فحسب، بل  وبعلاقته بحرب اليمن خصوصاً، وهو ما قالَه وليّ العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان صراحة لكلّ من يسأله، وكان آخرَ السائلين رئيسُ حكومةِ تصريف الأعمال في لُبنان نجيب ميقاتي. سمع ميقاتي من مضيفه أن لا مساعدة للُبنان ما دامت هذه المساعدة تذهب للحزب الذي يقاتلنا في اليمن.
هذا الأمرُ كان أيضاً أحد المواضيع التي أثيرت في اللقاءات الأمنيّة السعوديّة السوريّة في سياق التمهيد لإعادة العلاقات بين دمشق والرياض، وغالباً ما كان الجوابان الإيراني والسوري بأنّ القضيّة اليمنيّة يجب أن تُبحث مع الحوثيّين، مع تلميحات إلى أنّ التواصل المُباشر بين السعودية والحزب سيكون مفيداً جدّاً في هذا السياق لو حصل. وهو ما رفضته الرياض بحزم غير مرّة.

الحزب واليمن والصين
لا يُخفي المسؤولون الايرانيّون هذه العُقدة المتعلّقة بدور الحزب في اليمن، ومن أدنى مسلّمات المنطق أنّ حصر المفاوضات الايرانيّة السعوديّة، التي تمّت برعاية صينيّة في بكين، بمسؤولين أمنيّين رفيعين من قِبَل الجانبَين، ارتبط بملف اليمن، وبكلّ ما يتعلّق بهذا الملف، ومن ضمنه دور الحزب.
ألم يقل عبّاس عراقجي الرئيس السابق للوفد الإيرانيّ المفاوض لإحياء الاتفاق النووي والنائب السابق لوزير الخارجيّة إنّ السعوديّة هي التي طلبت من الصين أن يكون الملفّ النووي جوهرَ التفاهم مع إيران في بكين؟ 
الواقع أنّ الرياض، التي قالت سابقاً بلسان وزير خارجيّتها الأمير سعود الفيصل لنظيره الايرانيّ السابق محمد جواد ظريف، إنّ “الشؤون العربيّة ليست شأنكم” حين اقترح عليه ظريف تسوية كل الملفات العربيّة الخلافيّة، هي الرياض نفسُها التي تُريد اليوم لهذا التفاهم مع إيران أن يساهم في الضغط على حليفَيها الحوثي وحزب الله لإنهاء حرب اليمن.  
ثمّ ماذا عن الرأي السوري في هذا السياق؟ هل تنجح سوريا فعلاً في إعادة المال العربيّ إليها في ورشة إعادة الإعمار الهائلة، دونَ أيّ خطوةٍ تُريح العربَ حيالَ إيران والحزب، كمثل الإعلان عن انتهاء مهمّة الطرفين على الأراضي السوريّة؟
كان كمال خرازي واضحاً في حديثه عن هذا الأمر في بيروت، حين ميّز بين “الاحتلالين الأميركيّ والتركيّ” في سورية و”الوجود الإيراني” الذي تمّ بطلبٍ من الحكومة السوريّة. وهو ما يعني أن لا نهاية لهذا الوجود لمستشاري ومقاتلي إيران والحزب قبل خروج تركيا وأميركا من سورية.

هل استبق نصرالله التسويات؟
المُلاحظ أنّ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله كان قد استبقَ كلّ كلامٍ أو تسوياتٍ إقليمية، بإعلانه في العام الماضي في الذكرى السنوية الثانية لاغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ، أنّ الحزب ما عاد بحاجة إلى استيراد الصواريخ من إيران عبرَ سوريا، وقال: “أصبحت لدينا قدرةٌ على تحويل الصواريخ الموجودة لدينا بالآلاف إلى صواريخ دقيقة، وبدأنا ذلك منذ سنوات، وحوَّلنا عدداً كبيراً من صواريخنا إلى دقيقة، ولسنا بحاجة إلى أن ننقلَها من إيران، وأقول للعدوّ: ابحث قدر ما تريد عن الصواريخ ونحن ننتظركم”، مضيفاً أنّ “تعطيل النقل من ايران إلى لبنان شكّل تهديداً،  لكنّ المقاومة حوّلت التهديد إلى فرصة”.
يقولُ دبلوماسيّ فرنسيّ سابق له باعٌ طويل في ملفّ لُبنان والمنطقة إنّ “لُبنان عرف في تاريخه الحديث حركاتٍ مُسلّحةً عديدة، لا شكّ في أنّ الحزب هو أشدّها بأساً، وأكبرها تسلّحاً استراتيجيّاً وتقنيّاً واستخباريّاً، وأدقّها تنظيماً، وكلّ تلك الحركات أو الميليشيات المُسلّحة انتهت بتسوياتٍ إقليميّة- دوليّة، خصوصاً بين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والإدارات الأميركيّة المتعاقبة منذ عهد نيكسون-كيسنجر حتّى مفاوضاتِه مع الرئيس بيل كلينتون في جنيف، ومن الطبيعيّ أن يكون سلاحُ الحزب على بساط كلّ بحثٍ بشأن مُستقبلِ لُبنان منذ سنوات، ومن الطبيعيّ أكثر أن تضع السعوديّة هذا الملف في كل نقاشاتِها مع إيران، لكنّ القول إنّنا ذاهبون الى صفقة لتسليم سلاح الحزب، فقد يحملُ بعضَ المغالاةِ حاليّاً، خصوصاً بعد فشل انتفاضة 17 تشرين عام 2019 واستعادة الأحزاب التقليديّة الإمساك بزمام الكثير من الأمور، ثمّ إنّ سوريا اليوم ليست كسوريا الأمس، وما زالت إيران هي صاحبة القرار الأبرز في مستقبل سلاح الحزب، وهي بحاجة إليه”.

من الحركة الوطنيّة الى حزب الله
في كتابِها “حافة الهاوية، وثيقة وطن” تروي المستشارة الرئاسية السوريّة د. بثينة شعبان جوهرَ اللقاء الأخير الذي جرى في دمشق بين حافظ الأسد وقائد الحركة الوطنيّة اللُبنانية الشهيد كمال جنبلاط  فتقول: “حاولَ حافظ الأسد في اجتماع عاصف دامَ ثماني ساعاتٍ ونصف ساعة في 27 آذار، إقناع جنبلاط بالعدول عن حماسته الثورية لمصلحة إيجاد حلّ سياسيّ متوازن، وقد حذّره من أنّ انتصاراً عسكريّاً شاملاً للحركة الوطنيّة ومنظمة التحرير قد يستدعي ردود فعلٍ اقليميّة ودوليّة خطيرة بما فيها غزوٌ اسرائيليّ مدعوم أميركيّاً للُبنان، كما أنّه نبّه جنبلاط إلى أن لا طرفَ في لُبنان يستطيع إلغاءَ الطرف الآخر تماماً” .
تصلّب جنبلاط بموقفه ومبادئه، وربّما طموحه أيضاً، فكانت الدبّابات والمدفعيّة السوريّة جاهزةً لوقف زحف الحركة الوطنيّة وحلفائها من منظمة التحرير صوب مناطق اليمين المسيحيّ، ثم اغتيل جنبلاط لاحقاً.
لم ينتبه كثيرون آنذاك إلى أن التسوية الكُبرى بين الأسد وكيسنجر كانت قد قطعت شوطاً كبيراً قبل اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، تماماً كما لم ينتبهوا لاحقاً إلى أن سوريا عادت أقوى الى لُبنان بعد خروج المُحتلّ الإسرائيلي من بيروت، وأنّها نجحت في القضاء على تمرّد العماد ميشال عون وعلى القوّات اللُبنانيّة، بفضل اتفاق الأسد مع واشنطن على إرسال قواتٍ سورية تساهم في طرد الجيش العراقيّ (البعثيّ ايضاً) من الكويت.
لا شكّ في أنّ بعضَ العربِ والمجتمع الدوليّ سيضغطون على الأسد، على الأقل لإغلاق الحدود السوريّة أمام تهريب الصواريخ لحزب الله كثمنٍ لأيّ صفقات مُقبلة، لكن هذا يبدو صعباً في ظل العلاقة المفصليّة، وربّما الوجوديّة أيضاً، بين أعضاء المثلّث: إيران- بشار الأسد- الحزب.

في ردّه على سؤال عمّا اذا كان ينبغي تغيير النظام اللُبناني كما حصل في أعقاب الثورة الايرانيّة على الشاه، وتوسيع مشاركة الطائفة الشيعيّة في الحكم، بدا كمال خرازي حاسمًا في رفض ذلك

بين أسئلة كمال خرازي والاحتمالات؟
من هذه الزاوية بالضبط تُفهم أكثر أسئلة كمال خرازي في بيروت ودمشق، فإيران لن تذهب حتماً الى ما ذهب إليه حافظ الأسد، لكنّها تُريد بالمقابل إيجاد صيغة تضمنُ بقاء الحزب قويّاً ولا تعرقلُ التسوية مع السعوديّة أو في لبنان.
هذا ما يدفع إلى التفكير بعددٍ من الحلول، خصوصاً بعدما سهّل الحزب ملفّ ترسيم الحدود البحريّة مع عدوّه، أو على الأقل لم يعرقل، مُبرّرًا ذلك بأنّه لا يتحمّل ردّة فعلٍ لُبنانيّة تُلقي عليه مسؤولية إعاقة اتفاق سيكون مصدراً ماليّاً مُهمّاً في سياق انقاذ لُبنان من انهياره الاقتصادي.
يقول الدبلوماسي الفرنسيّ الآنف الذكر: “لعلّ مثال ضم الحشد الشعبي إلى صفوف الجيش في العراق يُحتذى، لأنه لم يُضعف قوة الحشد، بل عزّز حضوره السياسيّ، لكنّه مهّد، ولو بالشكل، لسحب هذه العُقدة من العلاقات بين العراق وإيران من جهة، والخليج ودولٍ غربيّة من جهة ثانية”.
قد تكون أسئلة كمال خرازي في بيروت ودمشق عاديّة، وقد لا تكون مجرّد أسئلة، لكنّ الأكيد أنّ حجر الرحى فيها يبقى مُرتبطاً بمدى وعمق التفاهم مع السعوديّة والتحوّلات الكُبرى في المنطقة، ومستويات الخطر الأمنيّ مع إسرائيل.
وفي هذا السياق كان لافتاً أنّ خرازي اختار الحفاظ على لهجة عقلانية تجنّبت الإغراق في التفاؤل في حديثه عن التفاهم مع السعودية في الصين، فهو إذ نوّه بأهمية “العلاقة مع كل دول الجوار العربيّ، وفي مقدّمها السعوديّة”، رأى أنّ “من الخطأ الاعتقاد بمفعول سحريّ وحلول سحريّة لكل المشاكل مرّة واحدة بمجرد عقد اتفاق”، واعتبر أنّ “الايرانيّين ليسوا على عجلة من أمرهم، وهم ما زالوا يعتمدون استراتيجية حياكة السجّاد الإيراني بحيث تحتاج كلّ عقدة الى وقت طويل، أمّا لجهة الرؤية والاستراتيجية فهما واضحتان، ومفادهما أنه ينبغي منع تدخّل قوى خارجيّة في منطقتنا والعمل على حلّ كلّ الملفات العالقة بالحوار والتفاهم والتعاون وحسن الجوار، فنحن تحاورنا مع خصومنا، أي الولايات المتّحدة الأميركية والأوروبيين، فكيفَ الحال إذا تعلّق الأمر بجيراننا من الدول العربيّة والاسلاميّة، وفي مقدّمها المملكة العربية السُعودية؟”.
ورأى خرازي أنّ عوامل كثيرة تساهم في بعض التفاؤل، وبينها مثلاً الرعاية الصينيّة للاتفاق، والتحدّي الصيني لأميركا والتحوّلات في المنطقة، وقيام نظام عالمي متعدّد جديد، ولذلك “نعتقد بأن التوجّه إلى حلول لبعض الأزمات والمشكلات الكُبرى من العراق وسوريا الى اليمن بات مُتاحاً”.
رفض خرازي المنطق القائل بأنَّ الاتفاق الإيرانيَّ السعوديَّ جاء في أعقاب مرحلة ضعفٍ إيرانيّة، مشيرًا الى عالمٍ جديد يقوم من الخليج حتّى الصين ودولٍ أخرى في العالم، واعتبر أن هذا التفاهم مع الرياض منطقيّ وضروري ويدخل في سياق الرؤية الاستراتيجية الإيرانية التي تسعى إلى حسن الجوار والتعاون.

إيران وتطوير النظام اللُبنانيّ؟
في ردّه على سؤال عمّا اذا كان ينبغي تغيير النظام اللُبناني كما حصل في أعقاب الثورة الايرانيّة على الشاه، وتوسيع مشاركة الطائفة الشيعيّة في الحكم، بدا كمال خرازي حاسماً في رفض ذلك بقوله:”لا اعتقد أنّ الظروف تسمح بذلك، لأنّ النسيج اللُبنانيّ لا يتحمّل مثل هذا الأمر أولاً، ولأنَّه لا يمكن لطرف واحد أنْ يحتلّ مركز الصدارة على حساب الطوائف الأخرى ثانياً، ثم لا اعتقد انَّ  أمراً كهذا موجودٌ أصلاً على اجندة الحزب، أمّا اذا كان المطلوب تطوير النظام والخروج من القمقم الطائفيّ، فهذا سيكون مثارَ ثناءٍ اذا ما حدث واذا ما اختار مجلسُ النوّاب تعديلَ الدستور وحصل على موافقة كلّ الشعب اللُبنانيّ بكلّ مكوّناته، وهذا أمرٌ يعود إلى اللُبنانيّين أنفسهم وإلى رغبتهم في تطوير الحياة السياسيّة في بلادهم”.
وأكّد خرازي أن بلاده منفتحة على الحوار مع كل الأطراف اللُبنانيّة والتحاور معها، حتى تلك التي لا تشاطرنا الرأي أو الموقف، وذلك أنّ “مبدأ الحوار راسخٌ عند الجمهوريّة الايرانيّة التي جلست مع خصومها لإنتاج اتفاق نووي. ونحن حين نتعهّد بشيء نلتزم به، أمّا الموضوع اللُبناني فهو عائد للُّبنانيّين أنفسهم”.
تابع المسؤول الإيرانيّ أن”المبدأ الأساس في سياستنا هو عدم فرض أيّ شيء على حلفائنا، وهذا ينسحب على كل الساحات، فمثلاً نحن ندعم المجاهدين في فلسطين ونساعد حركتَي حماس والجهاد، وهذا يسري على اليمن والعراق ولُبنان، نحن لا نقول لهذه الأطراف افعلوا كذلك ولا تفعلوا كذا، وإنّما نكتفي بتقديم المشورة والدعم الماديّ”.

إقرأ أيضاً: إيران تتنازل في اليمن… وليس في لبنان!

لا نريد قنبلة موقوتة
أمّا في الملف الاسرائيليّ، فقد تعمّد خرازي التأكيد ومن قلب بيروت على أنّ “إيران باتت فعلاً قادرةً على انتاج وتصنيع قنبلة نووية لو شاءت”، شارحاً أنّ “من يصل الى مستوى تخصيب بنسبة 60% يستطيع ان يصل الى نسبة 90% المطلوبة لإنتاج القنبلة، لكنّنا لا نُريدها ولا نحتاج إليها”، مُذكّراً بفتوى سابقة لمُرشد الثورة الامام علي خامنئي تُحرّم دينياً وأخلاقيّاً مثل هذا السلاح الفتّاك.
بعد كلّ ما تقدّم، يُطرح السؤال التالي: “هل أسئلة كمال خرازي حول سلاح الحزب في بيروت ودمشق كانت عابرة فعلاً أم هي احتمالٌ بات يُبحث؟”.

 

*ينشر بالتزامن مع موقع “لعبة الأمم”

لمتابعة الكاتب على تويتر: samykleyb@

مواضيع ذات صلة

من “إسناد غزّة”… إلى “إسناد لبنان”

أكثر من أيّ وقت، يبدو مطلوباً “إسناد لبنان” بدل “إسناد غزّة”. لا يعني ذلك تجاهل المأساة التي يشهدها القطاع الذي عملت إسرائيل على إزالته من…

السّعوديّة في رؤيتها الجديدة: أدوار كثيرة بين متخاصمين

لم يكن السقف المرتفع الذي وضعه وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول القضية الفلسطينية بالأمر العابر أو البسيط. وهو بالتأكيد ليس موقفاً عاطفياً…

الخطّة الإسرائيليّة لسوريا الجديدة

هناك قلق تركي واضح من احتمال بروز اصطفاف إقليمي جديد في التعامل مع الملفّ السوري يتعارض مع مصالح أنقرة وحساباتها. ما يقود إلى قناعة بهذا…

… لكي نُخرج أنفسنا من حلقة الدّمار والموت

“ولي بين الضلوع دم ولحم     هما الواهي الذي ثكل الشبابا ولو خلقت قلوب من حديد        لما حملت كما حمل العذابا وكلّ بساط عيش سوف يطوى  …