بعد يوم عارمٍ بالتشنج والتعب، عدت إلى المنزل مساء أمس، واستلقيت مقابل التلفزيون وحملت هاتفي الحذق لأتششى (اتصفح بواسطة الشاشة) كتابات الأصدقاء في تطبيقَي “المِغراد” و”كتاب الوجوه”. أخذتني سِنة فغطّيت بنوم عميق كالخندق الذي انطلق منه قوم “المظفّر كِسرى”، أمس، فأحرقوا الإطارات والخيم والسيارات وارهبوا الآمنين بسبب تسجيل سخيف انتشر بين الشعب الغشيم كالنار في الهشيم.
رأيت في ما يراه النائم أنّي في مصر أم الدنيا، أجالس العندليب الأسمر عبد الحليم في واحدة من المقاهي على ضفاف نهر النيل، نتجاذب أطراف الحديث. خضنا في السياسة فسألته عن أزمتنا اللبنانية، علّي أعرف إن كانت وجهة نظر الفنانين تختلف عن رؤيا الاعلاميين والمحللين المخضرمين أمثال ندى اندراوس وسمر أبو خليل (قُدّس سرهما) ، فدار بيننا هذا الحديث:
أنا: شو عبد وين شايفلنا هالوضع رايح بلبنان عمي؟
العندليب: بص يا بو زهير، إحنا فمصر بنسمع كل يوم “صوت الجماهير”، دنتو “حكاية شعب” ما يخفش. شعب “جبار” يمشي “فوق الشوك” ويطالب بـ”العهد الجديد”، لكن “خسارة… خسارة”!
أنا مقاطعاً: ما تقلّي إنو العهد الجديد يعني جبران باسيل؟
العندليب: لأ… لأ، ده وادّ هايف و”مغرور”. هو”موعود” يعمل رئيس لكن كل “الحق عليه”… إنت “إيه فَكّرك” بيه دلوقت؟ “إحنا كنا فين”؟
أنا: كمّل يا اخيييه كمّل مش رح قاطعك أبداً… “توبة”!
العندليب: انتو لازمكو حد “كامل الأوصاف” يتحمّل “المسؤولية” ويسمع لـ”مطالب شعب” ويخلّصه من “الويل… الويل” ما يكونشِ “حلو وكداب” وانتو برضو تتمسكوا بيه مش كل مرة “تخونوه”.
أنا: عرفتو عرفتو… الشيخ سعد. الحريري.
هو مجدداً: برضو لأه يا بو زهير. الشيخ سعد “راح… راح” كل شوية يقولك “بدلتي الزرقاء” و”بتلوموني ليه” و”إيه ذنبي إيه”. أيواه همّا “ظلموه” حبتين لكن معرفش إن كان حيرجع “بكرا وبعدو”، مين يعرف؟ “ربما” بس انتو برضو لازم ما تسكتوش يا سيدي… “قولوه الحقيقة”!
أنا: مممم… طيب وشو بالنسبة للحزب إياه يا عندليب؟
العندليب: هو مافيش شك انو “فدائي” بموجهة الصهاينة ويقلّك “خلي السلاح صاحي” و”البندقية تكلّمت” لكن في اليومين دول بَحِسّو “مشغول” بيبعت “رسالة من تحت الماء”. يعني تقول “إنذار” ولا حاجة زي كده “لست أدري” لكن الموضوع مش “صدفة”.
أنا: قصدك شي إلو علاقة بترسيم الحدود البحرية وملف النفط؟؟
العندليب: أيواااه “هي دي هي”.
لم أقتنع كثيراً بحديث عبد الحليم، وشعرت أنه غير متابع لملفنا اللبناني، فقررت أن أنام باكراً في الليلة علّي أبصر كوكب الشرق الست أم كلثوم وأسألها عن حالنا. تركت عبد الحليم يحتسي الشاي بالكركديه، وعدت أدراجي متمتماً مطلع أغنية له أحبها كثيراً، تقول: حريري… والله لسه حريري والله… وحريري.