لبنان بلا ضّمانات… واليونيفيل “باقية”

مدة القراءة 5 د

قبل أن تجد خطّة الجيش طريقها إلى طاولة الحكومة نهاية الشهر الحالي، تَختبِر الحكومة استحقاقاً أكثر حساسيّة مرتبطاً بشكل وثيق بملفّ “حصريّة السلاح” من خلال جلسة مجلس الأمن في 25 آب، للتصويت على قرار التمديد لقوّات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان. لا ضمانات أميركية للبنان حيال التزام إسرائيل بورقة توم بارّاك، ولا ضمانات أميركية للبنان حيال التمديد، بشروط معقولة، لـ”اليونيفيل”.

 

بُنيت عدّة سيناريوهات في شأن اللقاء الذي جَمَع المبعوث الأميركي توم بارّاك ومسؤولة ملفّ الشرق الأوسط في الإليزيه آن كلير لوجاندر، لبحث ملفّي لبنان وسوريا في العاصمة الفرنسية قبل أيّام. يُتوقّع أن يقود هذا الاجتماع إلى تقاطعات أميركية-فرنسية تُسهّل التمديد لـ”اليونيفيل” بشروط مقبولة، للأمم المتّحدة نفسها، وللبنان.

شكّل هذا الاجتماع “المهمّ”، كما وصفته مصادر دبلوماسية، جزءاً من مشاورات تتكثّف تباعاً بين الجانبين، وشملت بشكل رسمي ممثّلين عن الدول الـ 50 المشاركة أو المساهمة بقوّات عسكرية ومدنية في البعثة الأمميّة، مع أعضاء مجلس الأمن الخمسة، من خلال الاجتماع المغلق الذي عُقد في نيويورك الخميس الماضي.

في 18 الحالي، يعقد مجلس الأمن مشاورات مغلقة بين أعضائه المقرّرين، تمهيداً لصدور القرار النهائي، بناء على مشروع القرار الفرنسي للتمديد لـ”اليونيفيل”، في 25 الشهر الحالي.

وفق المعلومات، لم يتبلّغ لبنان الرسمي حتّى الآن أيّ معلومة حاسمة في شأن مصير التمديد لـ”اليونيفيل”، لكنّ زيارة بارّاك للبنان، بداية الأسبوع المقبل، ستضع الرؤساء الثلاثة في المناخ العامّ للتمديد المشروط لـ”اليونيفيل”، وسترافق بارّاك مورغان أورتاغوس، المساعدة السابقة للمسؤول عن ملفّ الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لكن هذه المرّة بصفتها عضواً في بعثة واشنطن إلى الأمم المتّحدة، وهي البعثة التي تتولّى إدارة “معركة” الشروط الإسرائيلية لعمل اليونيفيل في جنوب لبنان، إمّا بإنهاء مهامّها بشكل كلّيّ، وهو خيار مستبعد جدّاً هذا العام، أو بالتمديد لعام أخير، وفق سلّة شروط تشمل خفض عديدها، وتوسيع صلاحيّاتها.

وفق المعلومات، لم يتبلّغ لبنان الرسمي حتّى الآن أيّ معلومة حاسمة في شأن مصير التمديد لـ”اليونيفيل”، لكنّ زيارة بارّاك للبنان ستضع الرؤساء الثلاثة في المناخ العامّ للتمديد المشروط لـ”اليونيفيل”

لا “يونيفيل” في الورقة الأميركيّة

في الورقة الأميركية، التي أقرّت الحكومة “أهدافها” في السابع من آب، لم ترِد كلمة “يونيفيل” إلّا في سياق ترتيبات خطّة نزع السلاح، ومنها استئناف الاجتماعات الخماسية مرّة كلّ أسبوعين، ضمن آليّة المتابعة على المستويَين العسكري والمدني. ترأس هذه الاجتماعات الولايات المتّحدة وتستضيفها قوّات الأمم المتّحدة (اليونيفيل)، بمشاركة كلّ من فرنسا ولبنان وإسرائيل. وتضطلع الآليّة بنشر أدوات الاستطلاع والمراقبة (ISR) وتزويد الجيش اللبناني بجميع المعلومات المتاحة.

وردت بشكل غير مباشر وظيفة “اليونيفيل” من خلال إشراف الآليّة (الميكانيزم التي تضمّ الولايات المتّحدة، فرنسا، لبنان، إسرائيل و”اليونيفيل”) على تنفيذ خطّة انتشار الجيش ونزع سلاح “الحزب”، من خلال مراقبة أسبوعيّة لمدى الالتزام، واعتماد وسائل الاستطلاع والمراقبة وجمع المعلومات، إلى جانب دوريّات الجيش اللبناني للتحقّق من تفكيك البنية التحتية العسكرية لـ”الحزب”، وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى الجيش، وتشغيل نقاط التفتيش.

يقول مطّلعون إنّ الورقة الأميركية أُعدّت بخلفيّة الاستغناء عن خدمات قوّات الطوارئ الدولية، مع الإبقاء على وظيفتها ضمن “الآليّة” والحفاظ عليها ضمن سياق القرار الدولي بالتمديد الذي سيصدر قريباً، لكن بصيغة مختلفة عن كلّ الأعوام السابقة ستُدخل تعديلات حتميّة على التفويض الحالي، ومنها خفض عديدها، بما يُمهّد العام المقبل لخروج الـ 10,500 عنصر من قوّات اليونيفيل من لبنان.

تعكس مصادر دبلوماسية ارتياحاً للموقف الفرنسي والروسي في شأن تمرير التمديد من دون التأثير على المهامّ الأساسية لـ”اليونيفيل”، في ظلّ قرار سحب السلاح وانتشار الجيش، لكن تحت سقف ارتياب عامّ من انعكاسات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقليص التمويل الأميركي للأمم المتّحدة وبعثات حفظ السلام في العالم.

 إقرأ أيضاً: نهاية 2025 موعد “افتراضيّ” لتسليم السّلاح

الفصل السّابع

تؤكّد المصادر أنّ “التطوّرات التي حصلت خلال التفويض السابق لـ”اليونيفيل”، من الضربة الكبيرة التي تعرّض لها “الحزب”، إلى عشرات العمليّات التي نُفّذت جنوب الليطاني بالتنسيق بين الأميركيين والجيش اللبناني و”اليونيفيل” تطبيقاً لقرار وقف إطلاق النار، والتي جعلت منطقة جنوب الليطاني خالية من الوجود العسكري لـ”الحزب” مع استمرار وجود بعض المواقع العسكرية التابعة له، ثمّ رفع حكومة نوّاف سلام الغطاء نهائيّاً عن سلاح “الحزب”، بعد عقود من منح الحكومات المتعاقبة الشرعيّة له… جميع هذه التطوّرات لا يرى الأميركيون والإسرائيليون أنّ وظيفة “اليونيفيل” “المتعارف عليها” باتت تتناسب مع نتائجها، سيما أنّ الاتّهام الإسرائيلي واضح لـ”اليونيفيل” بـ “رعاية” القدرات العسكرية لـ”الحزب” وتناميها، منذ عام 2006، من دون التصدّي لها”.

تجزم هذه المصادر أن “لا تعديلات على مهامّ “اليونيفيل” تحت الفصل السابع”.

كانت الحكومة اللبنانية أرسلت إلى الأمم المتّحدة، في حزيران الماضي، طلب التمديد التقنيّ لـ”اليونيفيل” حتّى 31 آب 2026، مؤكّدة أنّ “الوجود المتواصل لـ”اليونيفيل” لا يزال جوهريّاً لصون الأمن والاستقرار في جنوب لبنان، ولدعم القوّات المسلّحة اللبنانية على بسط سلطة الدولة في منطقة عمليّاتها، وتحديداً عبر تكثيف السيطرة المشتركة والتنسيق العملانيّ”.

لمتابعة الكاتب على X:

@MalakAkil

مواضيع ذات صلة

هل يَطرح “الثّنائيّ الشّيعيّ” الثّقة بحكومة نوّاف سلام؟

مُجدّداً، رُميت الكرة في ملعب الرئيس نبيه برّي في ما يخصّ التعديلات على قانون الانتخاب. تسوية أو مواجهة قاسية تهدّد بتطيير الانتخابات؟ وفق معلومات تسرّبت…

اجتماع “الميكانيزم” الـ13: خرائط مخازن السلاح المخفيّة

تعقد لجنة “الميكانيزم” اجتماعها الثالث عشر اليوم الأربعاء في الناقورة، من دون حضور المستشارة مورغان أورتاغوس، وسط تصعيد إسرائيليّ ملحوظ وخطير في وتيرة الاعتداءات والاغتيالات وتفجير…

المواجهة الإيرانيّة – الإسرائيليّة الثّانية… على الأبواب؟

لا يُمكن فصل ما يجري على السّاحتَيْن العراقيّة واللبنانيّة وانكفاء الحوثيّين، عمّا يُحضَّرُ في الكواليس بشأن إيران. لا يمكن فهم تصلّبِ موقف “الحزبِ” في لبنان…

ستون يوماً: الإصلاحات أو العقوبات

ليس الغزل العلني سوى دبلوماسية معهودة، وقليل مما تبقى من أمل بأن يقوم لبنان في الشهرين المقبلين بما كان يفترض أن يقوم به أو يبدأ…