الأمير يزيد في لبنان… وطهران: “الحزب” سيّد قراره

مدة القراءة 5 د

منذ أكثر من عشرين عاماً، يعيش لبنان على وقع العلاقات السعودية – الإيرانية، وعلى وقع طبول الاشتباك الإقليمي الذي وصل إلى حدوده القصوى في الأعوام الأخيرة قبل أن يقوم وليّ العهد محمّد بن سلمان بمسعى لإسقاط الخلافات والذهاب إلى تفاهم بين الرياض وطهران. إلّا أنّه يبدو وكأنّ هذا المسعى سيرسو على معادلات جديدة في المنطقة: المملكة العربية السعودية في غزّة ولبنان وسوريا بينما تنسحب إيران إلى الداخل.

هذه الخريطة التي يكثر الحديث عنها في الكواليس الدبلوماسية، بدأت مؤشّراتها بالظهور تباعاً. الأمير يزيد بن فرحان بعدما كان مسؤولاً عن الملفّ اللبناني، ضمّ إلى جدول أعماله الملفّ اللبناني السوري. وطهران تتحدّث في كواليسها الدبلوماسية عن أنّ “الحزب” سيّد قراره في المحافظة على سلاحه أو تسليمه. فهل يراوغ الإيراني تزامناً مع مفاوضاته؟ أم يقدّم لـ”الحزب” مخرجاً للمحافظة على “مصلحة لبنان وأمنه”؟

 

الأمير يزيد بين بيروت ودمشق

وصل الأمير يزيد بن فرحان إلى لبنان فجر الإثنين، وتوجّه عند الساعة السادسة فجراً إلى قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية جوزف عون في خلوة استمرّت لمدّة ساعة. قالت مصادر اللقاء لـ”أساس” إنّ الرجلين ناقشا أوضاع لبنان والمنطقة، فليس في جعبة بن فرحان ملفّات لبنانية صرفة فقط، بل وأخرى لبنانية – سوريّة. وكان هو الذي سبق أن رعى لقاء وزيرَي الدفاع اللبناني والسوري في جدّة لبدء ورشة عمل معالجة الحدود اللبنانية السورية. وفي المعلومات أنّه سيعود لرعاية لقاء آخر بعد نضوج الملفّ في مسعى للوصول إلى ترسيم الحدود، بتوصية مباشرة من وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان.

تعتبر المملكة العربية السعودية الحدود اللبنانية السوريّة جزءاً من الأمن العربي، لا سيما أنّها لطالما اعتبرت هذه الحدود مصدراً لتهريب المخدّرات والسلاح إلى الدول العربية، وإليها تحديداً.

تقول مصادر دبلوماسية إيرانية لـ”أساس” إنّه “لا يمكن لأحد أن يلغي فعل مقاومة العدوّ

بعد لقائه عون، التقى الأمير يزيد بن فرحان رئيس الحكومة نوّاف سلام قبل توجّه الأخير إلى دمشق. الأمير يزيد الذي أصبح ممسكاً بالملفّين اللبناني واللبناني-السوري على حدّ سواء، حريصٌ على التنسيق بين البلدين، لا سيما في الملفّات الأمنيّة. وسيكون اللقاء الثاني بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري في جدّة لاستكمال العمل على الملفات الأمنية المشتركة. ومن بين هذه الملفات، ترسيم الحدود الشمالية والشرقية باستثناء مزارع شبعا. كما ستتم معالجة مشكلة تهريب المخدرات وتسليم المحكومين السورييين في السجون اللبنانية، وقد جرى الاتفاق على تعديل الاتفاق السابق بين البلدين حول تبادل المحكومين بجرائم شائنة كالمخدرات وغيرها والابقاء على المحكومين بتهم سياسية.

الأمير يزيد

من جهة أخرى، سيلتقي الأمير يزيد بن فرحان وفق معلومات “أساس” عدداً من الكتل النيابية في زيارته الحاليّة للبنان التي تستمرّ يومين. وكان قد التقى الاثنين “كتلة الاعتدال” التي زارته في اليرزة. وفي تفاصيل اللقاء أنه كان خالياً من السياسة. بل تطرّق إلى ضرورة إنماء الشمال وأن لا يبقى هذا العنوان حبراً على ورق، وثمّن الأمير يزيد موقف النواب بثباتهم على الخط العربي.

طهران: “الحزب” سيّد قراره

فيما تغوص المملكة العربية السعودية في ملفّات دول المتوسّط من فلسطين إلى لبنان وسوريا، تقول مصادر دبلوماسية إيرانية لـ”أساس” إنّه “لا يمكن لأحد أن يلغي فعل مقاومة العدوّ. سواء كانت إيران تدعم أو لا تدعم المقاومة في لبنان، وُلدت مقاومة إسرائيل قبل “الحزب”. وتضيف المصادر أنّ “اليوم الذي تغيب فيه المقاومة عن لبنان، ستحتلّ إسرائيل كلّ الأراضي اللبنانية وصولاً إلى معراب، أي إلى أكثر الناس عداء للمقاومة”.

الأمير يزيد الذي أصبح ممسكاً بالملفّين اللبناني واللبناني-السوري على حدّ سواء، حريصٌ على التنسيق بين البلدين، لا سيما في الملفّات الأمنيّة

استعادت المصادر المثل القائل “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”. غير أنّ هذا الكلام يقابله كلام من نوع آخر. ففي الحديث عن طاولة المفاوضات الأميركية – الإيرانية، تقول المصادر الدبلوماسية الإيرانية إنّ “الملفّ النووي وحده على الطاولة، ولا تفاوض على ما يسمّى “أذرع إيران في المنطقة”. لم تفاوض إيران على “الحزب” في جولة التفاوض الأخيرة في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ولن تفعل ذلك اليوم”.

بناء على هذا المعطى، تقرأ مصادر دبلوماسية هذا الكلام بوجهين: قراءة أولى تقول إنّ طهران أخرجت “الحزب” من بازار التفاوض لأنّها ترفض سحب سلاحه، وقراءة ثانية تقول إنّ طهران تقصد من قولها إنّ قرار “الحزب” بيده أن تعطيه هامشاً من الحرّية في “الاختيار” في المرحلة المقبلة على أن يوضع قراره في إخراج “القرار لمصلحة لبنان العليا”، وذلك بالاتّفاق مع الدولة على حصر السلاح بيدها وتجنيب لبنان حرباً جديدة.

إقرأ أيضاً: الثوابت الرئاسيّة في الحوار مع الحزب..

أيّ القراءتين أدقّ؟ يبقى على اللبنانيين وغيرهم مراقبة مسار المفاوضات التي ستبقى تحت الرعاية العُمانية ولو اختلفت عناوين المدن التي ستستضيفها. تزامناً، يستكمل لبنان ملفّ أمنه الحدودي مع إسرائيل باستكمال الجيش اللبناني انتشاره، ومن جهة أخرى تستكمل السعودية مسار ترتيبات الملفّات الأمنيّة بين لبنان وسوريا. بالانتظار، لا يزال ضبابياً قرار “الحزب” وخلفه إيران، ولا يزال طيف الحرب يخيّم من تل أبيب.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@josephinedeeb

مواضيع ذات صلة

بلديّات “بإشراف” المسيّرات: مسَكْرة في بيروت؟

للمرّة الأولى في تاريخ الانتخابات البلدية، وربّما النيابية لاحقاً، يَجرى الاستحقاق البلدي بإشراف المسيّرات الإسرائيلية، وسط مخاوف أمنيّة حقيقية من تكرار سيناريو تنفيذ اغتيالات، في…

الكويت: “مايسترو” لبنانيّ في أكبر عمليّة غسل أموال

صدر حكم في أكبر قضيّة غسل أموال بتاريخ الكويت، بعد سنوات من التحرّيات والتحقيقات والمحاكمات، شملت “شبكة مُنظّمة عابرة للجنسيّات والحدود” وعشرات الشركات الوهميّة، لتورّطها…

الضاحية: “الحزب” رفض دخول الجيش.. ولبنان تبلّغ

مشهد قصف الضاحية الجنوبية وما تبعه من بيانات استنكار، أكان من “الحزب” أو من أركان الدولة، يعكس الصورة المرئية من الصراع. أمّا تلك التي لا…

التّمديد لـ”اليونيفيل” في دائرة الخطر الإسرائيليّ؟

يُسلّم رئيس الجمهورية جوزف عون بأنّ “العمل الدبلوماسي”، من أجل حصر السلاح بيد الدولة، “قد لا يعطي نتيجته سريعاً”، في ظلّ رهان رئاسي يتقاطع بين بعبدا…