ما جديد ملفّ الباحثة الإسرائيليّة – الرّوسيّة إليزابيث تسوركوف المختطفة في العراق؟ وهل اقتربَ موعد الإفراج عنها؟ وماذا أبلغت واشنطن الى المسؤولين في بغداد؟
تتفاعَلُ في الكواليس الدّبلوماسيّة قضيّة تسوركوف التي اختُطِفَت في العراق قبل عاميْن. إذ تُؤكّد مصادر الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس” أنّ إدارة الرّئيس دونالد ترامب لا تُشجّع على دفع فديةٍ مُقابل الإفراج عن الباحثة التي تحتجزها “كتائب حزب الله العراقيّ”، بحسب ما يُؤكّد المصدر.
واشنطن: العراق عاجز أو متواطئ..
باتَت لدى الأميركيين قناعة بأنّ الحكومة العراقيّة “إمّا عاجزة عن تحرير تسوركوف أو مُتواطئةٌ في خطفها”. هذه الرّسالة كانَ قد نقلها إلى رئيس الوزراء العراقيّ محمّد شيّاع السّوداني مبعوث الرّئيس ترامب لشؤون الرّهائن آدم بوهلر، الذي لا يزال يواصل عمله في ملفَّيْ الرّهائن الأميركيين والإسرائيليين لدى “حماس”، وعلى ملفّ تسوركوف، على الرّغم من مزاعم نشرتها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن تنحّيه عن مهامّه.
بحسب المصدر، حملَ آدم بوهلر رسالةً أميركيّة إلى رئيس الحكومة العراقيّة تتضمّن الآتي:
– إذا لم تكن الإدارة السّابقة للرّئيس جو بايدن حازمة مع الحكومة العراقيّة بشأن إليزابيث تسوركوف، فلن تتهاون إدارة ترامب في استعمال وسائل الضّغط المُتاحة للإفراج عنها.
– الإدارة الأميركيّة الحاليّة ترفضُ طلبَ الجهة الخاطفة دفعَ مبلغ 500 مليون دولار مُقابل الإفراج عن تسوركوف. إذ إنّ الإدارة الأميركيّة لن تدفع فلساً واحداً ليَصِلَ إلى الفصائل المدعومة من إيران في وقتٍ تعمل فيه واشنطن على تجفيف مصادر تمويل هذه الفصائل.
– في حال لم يتمّ الإفراج عن تسوركوف، تعتبر واشنطن أنّ رئيس الوزراء السّوداني إمّا غير قادر على الاستمرار رئيساً للوزراء بسبب ضعفِه تجاه الميليشيات، وعليه التّنحّي عن منصبه، وإمّا متواطئٌ، وهذا سيُعرّضه لتبعات قانونيّة في الولايات المُتحدة.
– الولايات المُتحدة لن تتعاطى مع ملفّ الرّهائن الإسرائيليين كما تتعاطى مع ملفّات المُختطفين الأميركيين.
تسوركوف اختُطِفت داخل الأراضي العراقيّة، ولذا ضمان سلامتها والإفراج عنها هما مسؤولية الدّولة العراقيّة فقط
– تسوركوف اختُطِفت داخل الأراضي العراقيّة، ولذا ضمان سلامتها والإفراج عنها هما مسؤولية الدّولة العراقيّة فقط.
– الإدارة الأميركيّة ترى أنّه باتَ على السّوداني أن يتعامل بجدّية وحزم مع الفصائل المُسلّحة التي تعمَل ضمن أراضي العراق.
اجتماعٌ ثلاثيّ.. مطالب ورفض أميركيّ
قبلَ زيارة بوهلر لبغداد، عُقِدَ اجتماعٌ في شهر شباط الماضي بين بوهلر وُمستشار الأمن الوطنيّ العراقي قاسم الأعرجي بحضور سفير أميركيّ سابق لدى بغداد، يُرجّح أنّه زلماي خليل زادَ، في دولةٍ عربيّة. لم يُفصح المصدر عن اسمِ الدّولة العربيّة، لكنّه أشارَ إلى أنّها دولة خليجيّة لها باعٌ في الوساطات بين واشنطن وإيران وحلفائها.
في الاجتماع نقلَ الوفدُ العراقيّ مطالبَ الجهة الخاطفة، أي “كتائب حزب الله العراقي”. تتلخّص المطالب بالآتي:
– إجراء تبادلٍ للأسرى بين الجهة الخاطفة وإسرائيل والولايات المُتحدة، على أن تُفرِج “كتائب حزب الله” عن الأسيرة تسوركوف مُقابل الإفراج عن أسرى “الحزبِ” اللبنانيين وفي مُقدَّمهم القبطان البحريّ عماد أمهز، وأسيران إيرانيّان اختطفتهما إسرائيل أثناء الإنزال على مُنشأةٍ لصناعة الصّواريخ الدّقيقة في مصياف في أيلول الماضي.
وإن نفَت إيران يومها أسر أيّ من عناصرِها، إلّا أنّ المصادر تُؤكّد أنّ طهران لم تُعلن ذلكَ لأسباب داخليّة ولتبعِد عن نفسها تهمة تصنيع الصّواريخ في سوريا. وأكّدَت الجهة الخاطفة أنّها تُريد الإفراج عن الأسيرَيْن الإيرانيَّيْن بعيداً عن الإعلام في حال التّوصّل إلى صفقة.
– دفع فدية نصف مليار دولار، لكنّ المفاوض العراقيّ قال إنّ الجهة الخاطفة قد تقبل بمبلغ 250 مليون دولار للإفراج عنها. الوفد الأميركيّ أجاب إنّ إدارة ترامب لن تدفع أيّ فدية للجهة الخاطفة. وعلى إثر الرّفض الأميركيّ اقترحَ الجانب العراقيّ أن تدفع الدّولة العربيّة الوسيطة هذا المبلغ، إلّا أنّ الجانب الأميركيّ أكّدَ مجدّداً أنّ الإدارة الأميركيّة لن تكون شريكة في أيّ خطوة من شأنها تعزيز الجانب الماليّ للفصائل الموالية لإيران، وأنّ الموافقة على هذا الاقتراح وعدمها تعودان للدّولة المعنيّة.
تتفاعَلُ في الكواليس الدّبلوماسيّة قضيّة تسوركوف التي اختُطِفَت في العراق قبل عاميْن
التّلويح بالعقوبات
لم يحسم الاجتماع مصير الإفراج عن تسوركوف، فكانت الرّسائل الأميركيّة واضحة للحكومة العراقيّة، ووصلَت إلى حدّ تلويح مستشار الأمن القوميّ الأميركيّ مايك والتز في اتصال مع السّوداني مطلع الشّهر الجاري باللجوء إلى العقوبات على المسؤولين العراقيين الذين تعتبرهم واشنطن يتقاعسون عن الضّغط على الجهات الخاطفة لإطلاق سراح تسوركوف.
هذا يعني أنّ تبادل الأسرى باتَ بعيداً. لكنّ الدّوائر المعنيّة لا تنفي إمكان الإفراج عن تسوركوف مقابل مُقترح الفدية الماليّة التي ستتحمّلها الدّولة الوسيطة في وقتٍ قريب. إذ دفَعَت التحذيرات والتهديدات الأميركيّة الحكومة العراقيّة إلى تفعيل اتّصالاتها مع زعماء الفصائل لإطلاق سراح تسوركوف في أسرع وقتٍ ممكنٍ تجنّباً للعقوبات الأميركيّة، وواشنطن أمهلَت العراق حتّى مطلع أيّار المُقبل للإفراج عن الباحثة الإسرائيليّة، وإلّا فالعقوبات الأميركيّة قد تطال شخصيّات غير مُتوقّعة من أعلى هرم السّلطة في بغداد.
إقرأ أيضاً: ضربة معلّم: الشرع يصوّب على التقاطع الإسرائيلي الإيراني
تريد الولايات المُتحدة أن تفصلَ بين ملفّ تسوركوف وأسرى “الحزب” وإيران. إذ تعتبر أنّ ملفّ الأسرى اللبنانيين هو بين تل أبيب وبيروت، ويتعلّق بشكلٍ مباشرٍ بالمفاوضات التي تتوسّط فيها واشنطن. هذا يعني أنّ الولايات المُتّحدة تريد أن يبقى ملفّ الأسرى إلى جانب ملفَّيْ تثبيت الحدود البرّيّة وتنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النّار ضمن إطار اجتماعات الـMECHANISM (لجنة الإشراف) التي تطمح الإدارة الأميركيّة إلى ترقيتها من مفاوضات تقنيّة إلى مفاوضات سياسيّة.
لمتابعة الكاتب على X: