إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس، وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس… أو باختصار دقيق، التحوّلات التي تعيشها حركة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي.
أتى به السّنوار فليرحل معه
“حانت لحظة التغيير”، بكلمات ثلاث اختصر قياديّ مؤسّس في “الجماعة الإسلامية” الأجواء التي تعيشها الجماعة اليوم، التي خرجت من “مولد” حرب غزّة، وتالياً حرب الإسناد بالجنوب، خالية الوفاض من المكاسب، مع حمل زائد من الخسائر في صفوفها ووحدتها وعلاقاتها الداخلية اللبنانية والعربية.
يقول القيادي المؤسّس الذي رفض الكشف عن اسمه لـ”أساس”: “ليس خافياً على أحد أنّ يحيى السنوار هو من أتى بالشيخ محمد طقوش على رأس الأمانة العامّة للجماعة. كان خياراً سنواريّاً بنكهة إيرانية فاضحة. ومن الطبيعي باستشهاد السنوار وتراجع حماس وهزيمة إيران في لبنان وسوريا، أن يرحل طقوش وفقاً لمقولة “من أتى به الأجنبي فليرحل معه”.
يختم قائلاً لـ”أساس”: “تعيش الجماعة الإسلامية اليوم استحقاقاً وجوديّاً، إمّا أن تُنقذ نفسها عبر جراحة، أو تذهب مع الريح لتضيع بذلك كلّ التضحيات ومعها تاريخ الجماعة الذي كتبته قيادات تاريخية”.
تفاصيل الانقلاب على طقّوش
هي أشبه بحركة تصحيحية تلامس الانقلاب تشهدها “الجماعة الإسلامية” بتوجيه من القيادي في حركة حماس خالد مشعل والتنظيم الدولي “للإخوان المسلمين”، عبر القائم بأعمال مرشد التنظيم المصري صلاح عبد الحقّ، والرجل الثاني في التنظيم الدولي الأمين العامّ السابق للجماعة عزّام الأيّوبي.
فيما يعمل خالد مشعل على إبعاد خليل الحيّة المقرّب من إيران عن قيادة حركة حماس لإخراجها من العباءة الإيرانية، يسعى عزّام الأيّوبي إلى إبعاد طقوش عن قيادة الجماعة الإسلامية، بمساعدة قيادات عليا ووسطى في الجماعة اعترضت على خيارات طقوش من البداية، كالنائب عماد الحوت والقياديَّين أحمد العمري وإيهاب نافع.
إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس
تفيد معلومات “أساس” أنّ الفريق المعارض لطقوش وخياراته بتعريض “الجماعة” والمكوّن السُّنّي للخطر نتيجة الانخراط في معركة الإسناد في الجنوب، عقد سلسلة من الاجتماعات شملت قيادات سابقة وحالية وأعضاء مجلس شورى وكوادر شبابية في طرابلس وبيروت والإقليم وصيدا، لصياغة ورقة عمل مشتركة تطيح بالقيادة الحالية. وجاءت هذه الاجتماعات بعد اجتماعات سبقتها عُقدت مع قيادات في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وشهدت مراجعات للمرحلة السابقة بحضور مسؤولين أتراك في أنقرة.
انتهت هذه الاجتماعات إلى تشجيع معارضي طقوش وفريقه على الإطاحة بهم خلال ثلاثة أشهر وتحميلهم مسؤوليّة ما حدث، ومساءلته عن فراره وفريقه خلال الحرب إلى تركيا وإظهار “الجماعة” أنّها ملحق بـ”الحزب” والحرس الثوري الإيراني.
مسوّدة مضبطة الاتّهام
تضيف المعلومات أنّ الورقة التي يتمّ إعدادها تأتي على شكل مضبطة اتّهام لطقوش وفريقه، ومن المتوقّع أن تُطرح في الاجتماع المقبل لمجلس الشورى يوم الأحد 12 كانون الثاني 2025. في حال عدم التجاوب معها، تتّجه القيادات المعارضة لتقديم استقالات جماعية من صفوف الجماعة. أبرز بنود الورقة هي:
1- تعديل النظام الداخلي للجماعة الإسلامية، بخاصّة لجهة البنود المتعلّقة بكيفية اتّخاذ القرار على كلّ الصعد السياسية والعسكرية.
2- حلّ الجهاز الأمنيّ المسؤول عن مجموعة من الممارسات الأمنيّة، وإحالة مسؤوله مقداد قلاوون للتحقيق بتهمة فتح علاقة مع النظام السوري السابق، وتحديداً مسؤول مكتب الأمن القومي السوري كفاح ملحم برعاية “الحزب” وحركة الجهاد الإسلامي.
3- إقالة أعضاء المجلس الجهادي بقوّات الفجر وتحميلهم مسؤولية ما جرى خلال الحرب، وآخره وقف القتال في قرى العرقوب خلال الاجتياح الإسرائيلي نهاية أيلول المنصرم.
12 كانون الثاني 2025، موعد فاصل في تاريخ “الجماعة الإسلامية”
4- مساءلة محمد طقوش عن رفضه الدعوة إلى لقاءات مناطقية تقويمية خلال الحرب، ومكوثه في إسطنبول لوقت متأخّر بعد الحرب.
5- مساءلة قيادة قوّات الفجر عن تلقّيها مبالغ ماليّة من “الحزب” من دون موافقة مجلس الشورى والقيادة التنظيمية.
6- تأكيد التزام “الجماعة الإسلامية” باتّفاق الطائف والعمل تحت سقف الدولة اللبنانية ومؤسّساتها الرسمية.
7- تأكيد حرص “الجماعة” على أفضل العلاقات مع الدول العربية والتزامها الإجماع العربي.
إقرأ أيضاً: فتنة غزّة: الجماعة الإسلاميّة و”فقه الأولويّات”..(3/2)
12 كانون الثاني 2025، موعد فاصل في تاريخ “الجماعة الإسلامية”: إمّا أن تخرج منه جماعة موحّدة تسعى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو تذهب لتكون جماعات متفرّقة متناحرة. وتلك ستكون بداية النهاية.
لمتابعة الكاتب على X: