“اللقاء الديموقراطي” يدعم التوافق على جوزف عون

مدة القراءة 5 د

أقلّ من 25 يوماً تفصل عن موعد الاستحقاق الرئاسي. حراكٌ في مختلف الاتّجاهات، وتشاورٌ على كلّ المستويات. الشغل جدّي لإجراء الانتخابات يوم التاسع من كانون الثاني، لكن لا يزال من المبكر حسم إنجازها في هذا التوقيت. ولو أنّ ترشيح “اللقاء الديموقراطي” قائد الجيش العماد جوزف عون، سرّع التطورات.

في المقابل، صار واضحاً أنّ سيناريو انتخاب رئيس بـ65 صوتاً قد شطب من المعادلة، مع أنّ كثراً يجزمون أنّ التهويل بهذا السيناريو لم يكن إلّا من باب المناورة والضغط، لبلوغ مربّع التوافق. .فماذا حملت تطوّرات الأيّام الأخيرة؟

 

ثمّة تسليم من جانب القوى السياسية بعدم اكتمال الصورة الرئاسية، ربطاً بما يمكن للخارج أن يحمله إلى لبنان، بالبريد الرئاسي، سواء عبر الرسائل الدبلوماسية أو التطوّرات العسكرية. هذا مع العلم أنّ رواسب العاصفة التي ضربت المنطقة قد ظهرت بالفعل على رقعة الاستحقاق الرئاسي، من خلال الليونة التي يبديها الثنائي الشيعي مقابل تشدّد تتسلّح به المعارضة، وتحديداً “القوات”.

سارع الرئيس السابق للحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى زيارة صديقه، رئيس مجلس النواب نبيه بري، فور عودته من باريس ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. للزيارة في هذا التوقيت معانيها الخاصّة، وتحمل الكثير من الدلالات لأنّها تأتي في أعقاب الزلزال السوري، الذي تصيب هزّاته الارتدادية المشهد الرئاسي في لبنان.

صار واضحاً أنّ سيناريو انتخاب رئيس بـ65 صوتاً قد شطب من المعادلة

فيتو أميركيّ على التّرشيحات الرّماديّة

الأهمّ فيها أنّ جنبلاط حمل معه حصيلة لقاءاته في العاصمة الفرنسية، وتحديداً مع رئيس البلاد الذي كان لتوّه قد خاض حديثاً مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب خلال وجوده في باريس للمشاركة في حفل إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام.

إذ تقاطعت المعلومات أنّ جنبلاط سمع صراحة من الفرنسيين أنّ إدارة ترامب ليست مقتنعة بالترشيحات الوسطية، أي الرمادية، لملء الشغور الرئاسي، وتفضّل رئيساً واضحاً في خياراته، لا يكون من قماشة “بيْن بيْن”. ويتردّد في هذا السياق أنّ الأيام المقبلة قد تشهد ضغطاً دولياً باتّجاه حسم الرئاسة في موعدها، وفق المقاربة الأميركية.

لكن حتى الآن، تجزم المعلومات أنّ الأميركيين لم يتناولوا صراحة، وفي العمق، الملفّ الرئاسي مع المسؤولين اللبنانيين، وتحديداً مع الرئيس بري، لا ترغيباً ولا ترهيباً. ولم يتجاوز كلام السفيرة الأميركية ليزا جونسون السقف الموضوع من جانب سفراء الخماسية، وهو عموميّ.

جديد المعطيات في هذا الشأن ما يتردّد عن حرص عربي وغربي على عدم كسر رئيس مجلس النواب نبيه بري، والحفاظ عليه شريكاً أساسياً في العهد المقبل، لا سيما بعد الدور الذي لعبه في وقف إطلاق النار.

ثمّة تسليم من جانب القوى السياسية بعدم اكتمال الصورة الرئاسية، ربطاً بما يمكن للخارج أن يحمله إلى لبنان، بالبريد الرئاسي

نهاية “الرّئيس – التّهريبة”

بناء على المعطيات المذكورة أعلاه، لا يزال الحراك الرئاسي لبنانياً محلّياً، لم تدخله المكوّنات الخارجية، وتحديداً الأميركية. وهذا ما يفسّر التخبّط الداخلي، وضبابية الصورة. لكنّ ثمّة اعتبارات باتت محسومة، وربّما أهمّها سقوط خيار الـ65 صوتاً، بمعنى مشروع الرئيس – التهريبة الذي تخشاه المعارضة، خصوصاً أنّ “اللقاء الديمقراطي”، كما يؤكّد بعض نوّابه، لم يَحِد عن موقفه الداعي إلى تكريس قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، ويصرّ على مواصفاته الرئاسية المحدّدة بالآتي: رئيس توافقي، محميّ بالحيثية المسيحية، وبالتالي لا يكون نتاج اتّفاق بين القوى المسلمة، ويكون صاحب مشروعية عربية ودولية.

من جهة أخرى، يؤكّد المقرّبون من رئيس المجلس أن لا ترشيحات نهائية، بل ثمّة مرشّحون متقدّمون على غيرهم، وكلّ الاستحقاق في طور النقاش. أهمّ ما يُنقل في هذا الشأن هو حرص برّي على انتخاب رئيس يحظى بمظلّة عربية ودولية. لذا لا بدّ من التوافق بين مختلف المكوّنات.

تجزم المعلومات أنّ الأميركيين لم يتناولوا صراحة، وفي العمق، الملفّ الرئاسي مع المسؤولين اللبنانيين، وتحديداً مع الرئيس بري

تقاطع فرنجيّة – نوّاب “التّشاوريّ”

بالتوازي، ظهر تقاطع بين رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ونوّاب “اللقاء التشاوريّ المستقلّ”، أي الياس بوصعب، ألان عون، إبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا، على عدم انتخاب رئيس لا يمثّل حيثيّة مسيحية، ورفض التسميات التي عمل الثنائي الشيعي على التسويق لها. وهم بذلك ساهموا في إضعاف هذه المحاولات.

في هذا السياق، وبعد تزكيته من فرنجية، كثّف النائب فريد الخازن حراكه الرئاسي على قاعدة أنّه يحظى باحترام الثنائي الشيعي، وثقة بكركي، وغير مرفوض سنّياً، وتمكّن من نسج علاقات مع دول عربية، وقادر على التواصل مع مختلف القوى السياسية.

عليه، يرى نوّاب في “اللقاء الديمقراطي” أن لا رئاسة خارج عباءة التوافق، وإلّا فسيكون العهد الجديد عاجزاً عن الحكم وتأليف أيّ حكومة. وهو شرط متّفق عليه بين الرئيس برّي وجنبلاط، ولو أنّ مسألة الأسماء لا تزال قيد النقاش.

مقابل هذا التناغم بين برّي وجنبلاط، لا تزال تعاني المعارضة من تشظٍّ في صفوفها. وهي بدأت سلسلة اجتماعات تنسيقية فيما بينها لمعالجة هذا الخلل. لكن المعلومات تشير إلى صعوبة الاتفاق، حتى على المواصفات. بالتوازي، يعمل النواب السنّة على توحيد كلمتهم من الاستحقاق، بانتظار أن تحدّد المملكة السعودية موقفها.

إقرأ أيضاً: سليمان فرنجيّة: شريك في رئاسة “قويّة”

على الهامش، يتردّد أنّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل جهّز ثلاث لوائح من الترشيحات:

  • لائحة سوداء تضمّ كلّاً من قائد الجيش جوزف عون والنائب نعمت إفرام.
  • لائحة بيضاء تضمّ الوزير السابق زياد بارود واللواء الياس البيسري.
  • ولائحة رمادية قابلة للنقاش تضمّ خمسة مرشّحين.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@clairechakar

مواضيع ذات صلة

قنوات مفتوحة بين قائد الجيش و”الثّنائيّ الشّيعيّ”

في آخر موقف رسمي من الانتهاكات الإسرائيلية اليومية والفاضحة لقرار وقف إطلاق النار تكرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “لفت نظر” لجنة المراقبة لوجوب وقف هذه…

سفراء الخماسيّة “أسرى” جلسة الرّئاسة!

لا صوت يعلو فوق صوت “مطحنة” الأسماء المرشّحة لرئاسة الجمهورية. صحيح أنّ الرئيس نبيه برّي يتمسّك بتاريخ 9 كانون الثاني بوصفه المعبر الإلزامي نحو قصر…

سليمان فرنجيّة: شريك في رئاسة “قويّة”

من يعرفه من أهل السياسة أو من أهل الوسط يصفونه بفروسيّته ربطاً بأنّه يثبت على مبدئه مهما طال الزمن ومهما تقلّبت الظروف. سليمان فرنجية الحفيد…

“دوخة” نيابيّة: جلسة من دون فرنجيّة وجعجع!

“الوضع بدوّخ. المعطيات مُتضاربة ومُتغيّرة كالبورصة. ولا توافق سياسيّاً بالحدّ الأدنى حتى الآن على أيّ اسم لرئاسة الجمهورية”. هي حصيلة مختصرة للمداولات الرئاسية في الأيّام…