نصيحة “جمهوريّة” لعين التّينة: رئيس بـ86 صوتاً… أو التّأجيل

مدة القراءة 5 د

لا تختلف الإدارتان، الديمقراطية والجمهورية، في مقاربتهما لمسار الحلّ في المنطقة. الفارق الوحيد بينهما هو الأسلوب. فبينما اعتمد الرئيس جو بايدن سياسة الجزرة ثمّ العصا ثمّ الجزرة، لا يعتمد الرئيس دونالد ترامب سوى سياسة العصا ثمّ العصا. وذلك لإدخال المنطقة في مسار “الاستقرار المستدام” إن لم يكن “السلام المستدام”. ففي أقلّ من سنة “أنهى” نتنياهو حماس و”الحزب”، على الأقلّ كقوّتين كبيرتين مقاومتين في المنطقة. وبعد غزّة ولبنان حان دور سوريا. هناك حيث التقت المصالح الدولية على تقسيمها دويلات طائفية تماماً كما كان المخطّط القديم المتجدّد. ودخل الجولاني بحلّة جديدة باسم أحمد الشرع، وانسحب له الأسد طوعاً من حلب وحماه وحمص. فالأسد أدرك أنّ التحوّلات أصبحت أكبر منه. وبدل الانتحار اختار البقاء في الحدّ الممكن لكلمة “بقاء”.

 

وسط كلّ المتغيّرات في المنطقة، تتعجّب أوساط دولية مطّلعة على المشهد اللبناني من “شجاعة” أو بالأحرى “رعونة” الطبقة السياسية اللبنانية التي لا تزال تمتهن صناعة الأرانب لتهريبها في زحمة الاستحقاقات.

لذلك ستكون جلسة 9 كانون الثاني تحت المجهر الدولي: إمّا انتخاب رئيس يحظى بدعم دولي، وإمّا الغرق.

لا رئيس بـ65 صوتاً 

إلى عين التينة وصلت الرسالة “الجمهورية” عبر كلام مستشار ترامب الدكتور مسعد بولس. والرسالة واضحة: لا للاستعجال في الرئاسة. فمن انتظر عامين يستطيع الانتظار شهراً إضافياً أو أكثر.

بين سطور هذه الكلمات رسالة واضحة من إدارة سبق أن اختبرت “تهريبة” الطبقة السياسية اللبنانية لرئاسة ميشال عون، وذلك قبل أيام من انتقال ترامب إلى البيت الأبيض في 2016، أي قبل عهده الأوّل.

بالتالي تحذر هذه الإدارة من “تهريبة” جديدة قبل انتقال ترامب إلى واشنطن بعشرة أيام فقط. من هنا جاء كلام بولس الواضح في تحذيره، بأسلوبه المهذّب الهادئ، من المحاولات التي أصبحت متداولة للوصول إلى اتفاق بعض القوى على رئيس للجمهورية بعيداً عن التشاور مع القوى المعارضة وانتخابه بالنصف زائداً واحداً.

 أشارت المصادر إلى أنّ الرسالة الأميركية قد تفرمل جلسة 9 كانون الثاني، والأوضاع السورية قد ترجئها

قبل الرسالة، تحدّثت معلومات عن محاولة برّي للوصول إلى تقاطع على اسم العميد جورج خوري مع رئيس التيار جبران باسيل وغيره. سقطت المحاولة برفض رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خوري أوّلاً، ولعدم حصوله حتى الآن على الغطاء الدولي ثانياً.

في حين يجري الحديث عن محاولة للتوصّل إلى اسم مشترك بين برّي والقوات اللبنانية، أشارت مصادر عين التينة إلى أنّ الرسالة الأميركية قد تفرمل جلسة 9 كانون الثاني، والأوضاع السورية قد ترجئها.

برّي تحت المجهر الجمهوريّ 

في كواليس المسؤولين الجمهوريين في واشنطن، لا سيما الفريق الذي يتابع أخبار لبنان بشكل شبه يوميّ، ويعرف التفاصيل الضيّقة، العين مفتوحة على الرئيس برّي.

عين التينة

لم تعد عبارات العجز عن انتخاب رئيس مقنعة في واشنطن. بل إنّ سياسة العصا التي يتّبعها ترامب آتية لا محالة. وعليه وجدت القوى السياسية نفسها اليوم، بحسب مصادر دبلوماسية، أمام معادلة جديدة.

قوام المعادلة هو الآتي:

– انتخاب رئيس يحظى بدعم دولي.

– تشكيل حكومة قادرة.

– تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بحذافيره.

– كلّ ما سبق هو شروط لإعادة إعمار ما تهدّم في لبنان، لأنّ إعادة الإعمار لن تكون كما كانت عام 2006. بل ستصل إلى لبنان تباعاً بحسب من سيتولّى الرئاسة وشكل الحكومة. وإعادة الإعمار هذه المرّة ستكون خاضعة لرقابة دولية مباشرة تماماً. كما ستكون الأرض خاضعة لهذه الرقابة أيضاً. وتتحدّث مصادر واشنطن لـ”أساس” قائلة إنّ أزمة الرئاسة قد تجعل ملفّات الفساد توضع على طاولة البحث في قسم العقوبات الدولية.

إلى عين التينة وصلت الرسالة “الجمهورية” عبر كلام مستشار ترامب الدكتور مسعد بولس. والرسالة واضحة: لا للاستعجال في الرئاسة

الرئيس بأكثر من 86 صوتاً

هكذا إذاً: الرئاسة اللبنانية بعد وقف إطلاق النار لن تكون يتيمة، بل يفترض أن يليها تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ كلّ الإصلاحات الضرورية لإعادة بناء لبنان ومؤسّساته، سواء تلك القضائية أو الأمنيّة، وعليها الحرص على احترام الديمقراطية والدستور اللبناني، وتطبيق الاتّفاق المتعلّق بوقف إطلاق النار وكلّ الإصلاحات التي سبق أن تحدّثت عنها “اللجنة الخماسية” منذ أكثر من عام. وهذا هو أيضاً موقف الإدارة الأميركية الجديدة.

أمّا إذا أراد الرئيس بري أن تكون جلسة 9 كانون الثاني مثمرة، تقول المصادر، فعندها يفترض أن يكون الرئيس منتخباً بأكثر من 86 صوتاً.

الخماسيّة عائدة: دعم رجل المرحلة

يسمّونه “رجل المرحلة”. هذا هو توصيف الرئيس المقبل الذي سيشرف على أخطر وأسوأ مرحلة لبنانية، بما فيها من دمار أوّلاً، ومن احتقان طائفي ثانياً، وانقسام سياسي ثالثاً.

لكن في نظر “اللجنة الخماسية” (أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر)، فإنّ الخيار واضح. وما على اللبنانيين سوى أن يختاروا جيّداً. فالمملكة العربية السعودية ليست غائبة تماماً عن المشهد الإعلامي. بل هي حاضرة في السياسة.

إقرأ أيضاً: الشّيعة وقّعوا الاتّفاق… والرّئيس المسيحيّ سينفّذه

من غزة إلى لبنان، تحوّلت المنطقة، وتحديدا لبنان الذي انتقل إلى أن يكون دولة خاضعة لوصاية دولية أميركية مباشرة. وبدل أن نرى السفيرة ليزا دجونسون وحدها في عين التينة، بتنا نراها برفقة جنرال أميركي. واللبيب من الإشارة يفهم.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@josephinedeeb

مواضيع ذات صلة

تموضعات انقلابيّة لبنانيّاً بعد الزلزال السّوريّ؟

تسارعت الأحداث إلى حدّ إحداث زلازل متتالية لم تنتهِ بعد. ففيما كان خصوم “الحزب” يرصدون بدء تفكيك البنى التحتية العسكرية للمقاومة “بدءاً من جنوب الليطاني”،…

سرّ اجتماع غازي عنتاب الذي “أسقط” الأسد

حملت الساعات الأخيرة التي سبقت سقوط النّظام السّوريّ السّابق ورئيسه بشّار الأسد اجتماعات علنيّة وسرّيّة لمناقشة مرحلة ما بعد الأسد. أبرزها اجتماع شهدته مدينة غازي…

اسقاط بشّار… ماذا عن “الحزب”؟

ما وَصَفه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ “الخطير جدّاً” حيال ما يحدث في سوريا، وبأنّه “مؤامرة متورّطة فيها قوى كبرى”، تعاطت معه معظم القوى…

البركان السّوريّ يُربِك الحكومة وتخوُّف من دورٍ لـ”الحزب”

مع عقد الاجتماع الرسمي التقنيّ الأوّل يوم الثلاثاء للجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار يدخل جنوب الليطاني، ومعه شمال الليطاني وصولاً إلى الحدود الشرقية…