هل يتذكّر ترامب وعده للّبنانيّين… ويبعد إسرائيل وإيران؟

مدة القراءة 5 د

أيّ دونالد ترامب في البيت الأبيض مجدّداً؟ سيعتمد الكثير على فريق العمل الذي سيشكّله، لكنّ الأكيد أنّ هناك نقطتين، مرتبطة كلّ منهما بالأخرى، لا بدّ من التوقّف عندهما من زاوية لبنانيّة. تتعلّق النقطة الأولى بطريقة التعاطي مع “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران ومشروعها التوسّعي في المنطقة. والثانية تتّصل بما إذا كان ترامب سيجد الوقت ليتذكّر ما وعد به اللبنانيين من “سلام ورخاء” في رسالة وجّهها إليهم في أثناء حملته الانتخابية. هل يتذكّر أنّ عليه إبعاد إسرائيل وإيران عن لبنان حيث يخوضان حرباً على حساب اللبنانيين؟

يعود الفضل في توجيه الرسالة إلى أنّ إحدى بنات ترامب (تيفاني) تزوّجت حديثاً من شابّ لبناني من آل بولس، يدعى مايكل. لعب والد مايكل (مسعد بولس) دوراً في حضّ العرب واللبنانيين على التصويت للمرشّح الجمهوري. توجّه ترامب إلى الأميركيين من أصل لبناني بقوله: “أصدقاؤكم وأفراد عائلاتكم في لبنان يستحقّون العيش في سلام ورخاء ووئام مع جيرانهم، وهذا لا يتحقّق إلّا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.

يربط ما ورد في الرسالة بين السلام اللبناني والسلام الإقليمي. يعني ذلك أنّه سيترتّب على الرئيس الأميركي الجديد – القديم حزم أمره ووقف حروب المنطقة، وفي مقدّمها حربا غزّة ولبنان. يأتي ذلك في وقت ليس ما يشير إلى أنّ بنيامين نتنياهو مستعدّ لذلك. بل يراهن على ترامب من أجل متابعة ما يقوم به إن في غزّة أو في لبنان أو في أيّ مكان تصل إليه يده في سوريا واليمن على سبيل المثال وليس الحصر.

ليس سرّاً أنّ هناك علاقة بين حرب غزّة وإيران. كذلك الأمر بالنسبة إلى حرب لبنان التي بدأت بقرار إيراني نفّذه الحزب بفتح جبهة الجنوب “إسناداً لغزّة”

إقالة غالانت… واحتمالات لبنان

ليس سرّاً أنّ هناك علاقة بين حرب غزّة وإيران. كذلك الأمر بالنسبة إلى حرب لبنان التي بدأت بقرار إيراني نفّذه الحزب بفتح جبهة الجنوب “إسناداً لغزّة”.

الثابت من خلال تطوّر الأحداث أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي اختار يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية كي يقيل وزير الدفاع يوآف غالانت الذي كان يحبّذ صفقة تؤدّي إلى إطلاق الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، وحتّى وقف حرب غزّة من منطلق أنّها أدّت غرضها. كان غالانت يعتقد أنّ في استطاعة إسرائيل وجيشها “دفع ثمن التنازلات” التي يتطلّبها إطلاق الرهائن. لكنّ “بيبي” نتنياهو الذي على خلاف قديم مع غالانت، المدعوم من إدارة جو بايدن، اختار لحظة ضعف معيّنة في واشنطن كي يتخلّص من وزير الدفاع والإتيان بوزير الخارجيّة إسرائيل كاتس مكانه.

الواضح أنّ اليمين الإسرائيلي أراد وضع ترامب أمام أمر واقع. يتمثّل هذا الأمر الواقع في أنّ هناك حكومة إسرائيلية تنوي الذهاب إلى النهاية في حروبها وصولاً إلى مواجهة مباشرة مع “الجمهوريّة الإسلاميّة” التي وفّرت كلّ الأسباب من أجل الوصول إلى هذه المواجهة.

اليمين الإسرائيلي أراد وضع ترامب أمام أمر واقع. يتمثّل بأنّ هناك حكومة إسرائيلية تنوي الذهاب إلى النهاية في حروبها وصولاً إلى مواجهة مباشرة مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”

شهران أمام نتنياهو

من الآن إلى أن يتولّى ترامب منصبه رسمياً، في النصف الثاني من كانون الثاني 2025، سيكون لدى إسرائيل متّسع من الوقت كي تنفّذ ما تريده في ما يخصّ ما باتت تسمّيه “رأس الأفعى” في طهران. سيدفع لبنان غالياً ثمن توريطه في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، خصوصاً بعد تخلّص “بيبي” من أيّ قيود داخلية تمنعه من متابعة حروبه، بما في ذلك حرب لبنان التي افتعلتها إيران مع معرفة مسبقة بما يمكن أن تؤدّي إليه من تدمير للبلد ولأبناء الجنوب تحديداً.

سيظلّ السؤال الكبير مرتبطاً بما سيحصل بعد الشهرين اللذين ما زالا يفصلان عن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واختيار كبار مساعديه وفريق عمله؟ كيف سيتعامل دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو؟ وهل يخلّصه من أيّ ضغوط أميركيّة؟ هل ينضمّ إليه في حربه على إيران، وهي حرب تستهدف منعها من الحصول على السلاح النووي؟

من الآن إلى أن يتولّى ترامب منصبه رسمياً، سيكون لدى إسرائيل متّسع من الوقت كي تنفّذ ما تريده في ما يخصّ ما باتت تسمّيه “رأس الأفعى” في طهران

هل تعقل إيران؟

الأهمّ من ذلك كلّه أن ليس معروفاً هل تعقل “الجمهوريّة الإسلاميّة” وتستوعب أخيراً أنّ عليها المساعدة في كبح بنيامين نتنياهو بدل مجاراته في التصعيد. تجاري “الجمهوريّة الإسلاميّة” إسرائيل في التصعيد من زاوية أنّها تدافع عن نظامها بتصدير أزمات هذا النظام إلى خارج الحدود الإيرانية، بما في ذلك لبنان الذي وعد دونالد ترامب بمساعدته ومساعدة شعبه “في العيش بسلام”.

يظلّ حدث عودة الرئيس السابق ترامب إلى البيت الأبيض، وهذا الحدث هو الثاني من نوعه في التاريخ الأميركي، حدثاً تاريخياً. اختار الأميركيون هذه المرّة انتخاب ترامب رئيساً على الرغم من معرفتهم به وبما يمكن أن يفعله… ومعرفتهم بكلّ تناقضاته. إنّه رئيس خلّص المنطقة من قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني مطلع عام 2020، لكنّه اعترف في الوقت ذاته بالقدس “عاصمة موحّدة” لإسرائيل ضارباً عرض الحائط بكلّ القرارات الأممية في شأن المدينة المقدّسة!

إلى ذلك، يدرك الأميركيون مخاطر حصول مساومة مع الرئيس الروسي فلاديمير…

إقرأ أيضاً: ترامب رئيساً.. هل ستغيّر الوعود هذا العالم؟

مواضيع ذات صلة

مشروع إيران التّوسّعيّ: ما بُنيَ على متغيِّر.. سيتغيَّر

لا خلاف في أنّ لدى إيران مشروعها التوسّعي في المنطقة. وكلمة “توسّعي” ليست استنتاجاً، إنّما حقيقةٌ تعكسها التصريحات الغزيرة والصادرة عن الكثير من القيادات الإيرانية…

جنبلاط يقبض على اللّحظة الإقليميّة

كان الرئيس السابق لـ”الحزب التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في طليعة من قاربوا بالتعليقات الرمزية وبالمواقف، وبالخطوات العملية، مفاعيل الزلزال السوري على لبنان.   يتميّز جنبلاط…

سليمان فرنجيّة: رئاسة الحظّ العاثر

ـ عام 2004 سأل بشار الأسد سليمان فرنجية: “هل للرئاسة في لبنان عمر معيّن كما عندنا؟ لا يُنتخب رئيس الجمهورية قبل بلوغه الأربعين؟”. ـ مرّتين…

الشّرع وسوريا: الرّسم بالكلمات

لم نسمع من أحمد الشرع أو أيّ وزير من الحكومة المؤقّتة في سوريا أيّ رفع لشعار “الإسلام هو الحلّ” الذي درجت جماعة الإخوان المسلمين على…