باسيل وجعجع: أنا الرّئيس!

2024-10-14

باسيل وجعجع: أنا الرّئيس!

تساوى الخصمان جبران باسيل وسمير جعجع في سياق خطابين منفصلين متضادّين بالدعوة إلى وقف إطلاق النار فوراً واستعجال انتخاب رئيس للجمهورية مع استفاضة رئيس التيّار الوطني الحرّ ورئيس حزب القوّات اللبنانية في ذكر مواصفات الرئيس المقبل الذي يريده جعجع “قائداً” لتطبيق القرار 1559 ويريده جبران “رئيساً يَعرف ويلتزِم بأنّ الدخول في المحاور مغامرة فاشلة”، مُسلّماً بـ “فقدان المقاومة قوّة الردع بسبب حرب إسناد غزّة وفشل قرار وحدة الساحات بحماية لبنان”. لكنّ من زار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في الأيام الماضية يسمع ما يتجاوز بكثير كلام هذين الرجلين.

 

 

قدّم كلّ من باسيل وجعجع مسألة انتخاب رئيس الجمهورية على مطلب وقف إطلاق النار “لأنّ الحرب قد تطول”. فكلام رئيس التيّار كان واضحاً لجهة “ضرورة استعجال قيام سلطة دستورية ميثاقية تقود اللبنانيين بمواجهة الحرب وتفاوض باسمهم”.

لكنّه توقّف عند نقطة حسّاسة يقصد بها إمّا الرئيس نبيه برّي أو الحزب نفسه الذي يرفض أيّ حديث بالرئاسة قبل توقّف آلة القتل الإسرائيلية حين قال: “هل من المقبول وجود جهات مش فرقانة معها إضعاف صمود اللبنانيين بمنع انتخاب رئيس إلّا بعد وقف إطلاق النار وهم يعرفون أنّ نتنياهو لا يرضى بوقف النار قبل تحويل لبنان إلى غزّة ثانية”.

قدّم كلّ من باسيل وجعجع مسألة انتخاب رئيس الجمهورية على مطلب وقف إطلاق النار “لأنّ الحرب قد تطول”

عون… و”جريمة إسناد غزّة”

ربّما الوجه الآخر لكلام باسيل يكمن في ما يُنقل عن لسان الرئيس السابق ميشال عون الذي يُعبّر بوضوح عن تأثّره الكبير باستشهاد السيّد حسن نصرالله، لكن في الوقت نفسه يتّهم الحزب “بجريمة جرّ لبنان إلى حرب إبادة ضدّ الشيعة ولبنان بسبب إعلانه حرب إسناد غزّة بقرار إيراني وعدم أخذه بجدّية، بسبب فائض القوّة الذي كان يشعر به، بالفارق في التفوّق العسكري والأمنيّ والتكنولوجي بين الطرفين، وهذا ما يفسّر النكسات القويّة التي مُني بها الحزب”.

“سَكرة” جعجع 

أمّا لناحية جعجع فقد أشار إلى أنّه “في غياب مبادرات دولية جدّية لم يبقَ لنا لوقف إطلاق النار إلا الذهاب لانتخاب رئيس للجمهورية، وتتبع ذلك استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة على أسس سيادية”.

في الواقع، يأخذ القريبون من باسيل على جعجع “سُكْرِه بفكرة سقوط الحزب إلى حدّ تسويقه في الغرف المغلقة لترشيحه لرئاسة الجمهورية في لحظة مفصلية في مسار الانتقال من الحرب إلى السلم مقدّماً نفسه كـ “بشير الثاني” لدى المسيحيين بسبب ما يفترض أنّه ربح لخطّه السياسي”.

باسيل وجعجع: أنا الرّئيس!

في المقابل، تتقاطع أوساط القوات وأخصام باسيل على التأكيد أنّ رئيس التيّار “قَلَبَ أولويّاته من فكرة عدم إمكان تسويق اسمه لرئاسة الجمهورية منذ نهاية ولاية ميشال عون الرئاسية إلى احتمال التوافق عليه وانتخابه رئيساً للجمهورية، خصوصاً بعدما أصبح اسم سليمان فرنجية غير قابل للتسويق عند أيّ طرف داخلي أو خارجي”.

المفارقة أنّ باسيل، الذي ذَكَر إسرائيل ووحشيّتها مراراً في خطابه، وجعجع الذي لم يذكرها إطلاقاً بالاسم، استفاضا وسط “حالة الحرب” في ذكر المواصفات المطلوبة للرئيس المقبل وكأنّهما يتحدّثان عن “مزاياهما وليس مزايا أيّ مرشّح آخر يسلّمان، بشكل غير مباشر، بأنّه غير موجود أصلاً”.

ضمن صليات باسيل الصاروخية ضدّ سمير جعجع الذي ينتظر، كما قال، “لحظة إمساك الإسرائيلي بالقرار اللبناني ويبشّر بالاحتلال وفرض أجندته التقسيمية”، لم يتوانَ عن تخوين قائد الجيش جوزف عون (تماماً كما يخوّن جعجع) بحديثه “عمّا كشفته الحرب من نفوس ضعيفة تستهويها الخيانة وتجّار مستعدّين لبيع الهيكل والمساومة على السيادة مقابل أوهام ووعود بالموقع الأوّل بالسلطة”. أمّا فرنجية فاتّهمه بتأخير إنجاز الاستحقاق “لأنّ المحور لم يقرّش بعد أثمان ما دُفِع حتى الآن”.

يقول نائب رئيس التيّار الوطني الحرّ ناجي حايك لـ “أساس”: “الرئيس برّي موكل إليه اليوم، مع الرئيس نجيب ميقاتي، التوصّل إلى حلّ

نداء لبرّي: “أعلن وقف إطلاق النّار” 

لكن خَلف هذا المشهد يتقدّم إلى الواجهة راهناً مطلب خروج الرئيس نبيه برّي عن قواعد التفاوض القائمة ليطلب صراحة، نيابة عن الحزب، وقف إطلاق النار من جانب واحد. الواضح أنّ ثمّة تقاطعاً عامّاً على هذا المطلب، باستثناء الحزب وبرّي، وأنّه يحظى بالأخصّ بغطاء مسيحي، على رأسه فريقا باسيل وجعجع، وذلك “بعد قيام الحكومة بأقصى ما يمكن فعله في المنتديات الدولية، ولذلك المطلوب أن يبادر برّي شخصياً إلى هذه الخطوة بوصفه الحليف الأوّل للحزب وانطلاقاً من موقعه الدستوري بالنظر إلى خطورة المرحلة”.

يقول نائب رئيس التيّار الوطني الحرّ ناجي حايك لـ “أساس”: “الرئيس برّي موكل إليه اليوم، مع الرئيس نجيب ميقاتي، التوصّل إلى حلّ، وعلى هذا الأساس يتفاوض مع دول العالم، ومن ضمن ذلك اتّصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن به أخيراً، وكذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لدى الرئيس الحكمة والوكالة كي يُنقِذ شعبه لأنّ الحرب التي يتعرّض لها لبنان وشيعة لبنان مدمّرة وكبيرة وتهدّد حتّى الوجود الشيعي في المنطقة، ولذلك يجب أن يُعلِن من جانب لبنان وقف إطلاق النار تمهيداً للبحث في حلول ما بعد الحرب ومن دون أن يعني ذلك استسلاماً نرفضه أو السماح بتقدّم الإسرائيلي متراً واحداً في الأراضي اللبنانية”. ويضيف: “من أقوال الإمام علي: من أخذ على نفسه ولاية أمر، فعليه أن يؤدّي الأمانة ويقوم بواجبه”.

 إقرأ أيضاً: “مطار خامنئي” أم “مطار بايدن”؟

القوّات لبرّي: طالِب بتطبيق 1559

بعد المقاطعة الإسلامية-المسيحية بشخصيّاتها الوازنة للقاء معراب أمس، ذهب حزب “القوات” أبعد من ذلك بكثير من خلال الكتاب المفتوح الذي وجّهته النائبة ستريدا جعجع للرئيس برّي داعية إيّاه إلى “اتّخاذ قرارات مصيرية وتحمّل المسؤولية التاريخية في إخراج طائفتك من سياسة المحاور وإدخالها إلى قلب الكيان من خلال الالتزام عنها وباسمها بتطبيق القرار 1701، وخصوصاً البند المتعلّق بالقرار 1559”.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@MalakAkil

مواضيع ذات صلة

تطمينات أميركيّة بخفض الضّربات على الضّاحية!

ثلاثة مسارات متوازية تحكم المشهد اللبناني: العمليات العسكرية، وتحديداً تلك التي يشهدها البرّ في الجنوب اللبناني، المساعي الدولية والأممية لإحداث خرق في جدار المواجهات إفساحاً…

الخير: جوزف عون أوّل المرشحين..

ما الذي تغيّر بين الأمس واليوم حتى أصبحت الرئاسة قاب قوسين من التحقّق بحسب ما يقول النواب في كواليسهم وفي نصائحهم الإعلامية؟ ببساطة، هناك خياران:…

ضرب إيران.. خدمة إسرائيليّة جديدة لواشنطن

يبدو أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي مصرّ على استنزاف آخر فرص ابتزاز الإدارة الأميركية والرئيس جو بايدن، وأن يدفع واشنطن للتخلّي عن قفّازاتها في إدارة الصراع…

“مطار خامنئي” أم “مطار بايدن”؟

هل هو “مطار خامنئي” أم “مطار جو بايدن”؟ يمكن الجزم أنّ مطار رفيق الحريري الدولي يتمتّع راهناً بحصانة دولية لم تتوافر له إبّان حرب تموز…