يتحدث القادة العسكريون في إسرائيل بزهو وتباهٍ، كما لو أنهم حققوا معجزة لا يقدر عليها غيرهم، وذلك يحدث بعد كل عملية اغتيال جماعي كتلك التي سميت بإعصار البيجر واللاسلكي، أو اغتيال لقادة من مستوى العاروري وهنية وشكر وغيرهم إلى أن وصل الأمر إلى السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله.
الاغتيال هو أحد الأركان الأساسية لحروب إسرائيل منذ تأسيسها وحتى أيامنا هذه، ولو أن إسرائيل تؤدي هذا العمل بمفردها وبإبداعات واضعي الخطط في غرف عملياتها، لكان الإبهار في محلّه، أمّا حين يشاركها في عملٍ كهذا كثيرون ممن هم أقوى وأقدر منها، فعلى المنفذين للاغتيال أن يتواضعوا وأن لا يتمادوا في الزهو كما لو أنهم حالة استثنائية فوق قدرات البشر.
إسرائيل باتفاقات مبرمة مع أجهزة الاستخبارات الصديقة والحليفة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتلقى سيولاً من المعلومات حول الأماكن والأهداف وحتى الأشخاص من مختلف المراتب في الإطارات العسكرية المعادية لها.
وإسرائيل كذلك تنفذ عمليات الاغتيال بأحدث الطائرات الأمريكية المجهزة بمعدات إلكترونية لا نظير لها في أي طائرات أخرى، وقنابل بوسع الواحدة منها تسوية مبانٍ بالأرض، ولا ينجو من ساكنيها أحد.
بهذه الإمكانيات التي ليس لإسرائيل منها سوى الضغط على الأزرار، تنفذ عمليات الاغتيال وتوصف بالمبهرة.
غير أن هذا الإبهار والانبهار، يزول حين يكتشف الإسرائيليون أن الحسم المنشود الذي أرادوه لم يتحقق، وأن الخصم تجاوز الخسارة والاغتيال ليواصل بما تبقى لديه من إمكانيات مهما بدت قليلة بالقياس لما يملك.
في حروب إسرائيل وخاصة الحرب الدائرة الآن، يبدو أن القتل صار هدفاً بحد ذاته، والاغتيال مجرد برهان على القدرة بعد تراجع الثقة بحروب الجيش الذي لا يقهر.
خسارة فادحة لحزب الله، ولمعسكر الممانعة، فقدُ قائدٍ بحجم ومكانة ومؤهلات السيد حسن نصر الله، غير أن الحزب سيختار خليفة لمن رحل، لتعود الدوامة التي لا مخرج منها إلى العمل من جديد.
لم ينتبه الإسرائيليون ومن يقفون خلفهم إلى أن الأشخاص مهما بلغت رمزيتهم وقدراتهم، لابد وأن يفارقوا الحياة يوماً، إلا أن الذي يبقى هي القضايا التي أنتجتهم، وهذا هو الحال من أول اغتيال إلى آخر اغتيال.
*نقلاً عن موقع “مسار”