اختتام “قمّة الـAI العالميّة”: السّعوديّة تقود المستقبل الرّقميّ

مدة القراءة 7 د

اختتمت في 12 أيلول الجاري “القمّة العالمية للذكاء الاصطناعي 2024” في العاصمة السعودية الرياض، بحضور عالمي لا مثيل له، حيث بلغ عدد الذين تسجّلوا لحضور القمّة أكثر من 32 ألف مهتمّ من مختلف أنحاء العالم. وحضر أكثر من 456 متحدّثاً من 100 دولة. وهو ما جعل هذه النسخة من القمّة واحدة من أبرز الفعّاليات الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، إذا لم نقل الأبرز عالمياً. وقد صاحب القمّة معرضٌ مترامي الأطراف في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات استعرضت خلاله كبرى شركات التقنية والذكاء الاصطناعي في العالم آخر تطوّرات هذه التقنيات المتقدّمة والابتكارات التي انبثقت عنها على المستوى العالمي وانعكست أدوارها على حياة البشرية… هنا جولة في أنحاء القمّة من الرياض حول أكثر من 70 اتفاقية شهدتها القمّة، وإعلانات عن شارات ومواثيق أخلاقية حول الذكاء الاصطناعي، لتشكّل هذه القمّة نقطة تحوّل حقيقية نحو التحوّل الرقمي المستدام في السعودية، وتعزّز مكانتها كـ”مركز عالمي للابتكار في الذكاء الاصطناعي”.

 

“القمّة العالمية للذكاء الاصطناعي 2024” التي نظّمتها “الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي – سدايا” برعاية وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، جاءت تحت شعار “الذكاء الاصطناعي لخير البشرية”، فاستعرضت أحدث التطوّرات والابتكارات العالمية في المجال، إلى جانب توقيع اتفاقيات دولية ومحلّية تهدف إلى تعزيز التعاون في المجالات التقنية والذكاء الاصطناعي.

لقد شهدت أيام القمّة الثلاث عقد عشرات الجلسات العامة وعشرات ورش العمل المتوازية، التي تطرق خلالها المتحدّثون والخبراء وأصحاب القرار إلى موضوعات متنوّعة تغطّي كلّ المواضيع المطروحة حالياً عالمياً حول قدرات الذكاء الاصطناعي وسبل تطويره والاستفادة منه. وأعطت هذه القمّة للعالم رؤية شاملة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على كلّ مناحي الحياة لخدمة البشرية.

في ختام القمّة، أعرب المشاركون عن تفاؤلهم الكبير بمستقبل الذكاء الاصطناعي في السعودية

محاربة “التّزييف العميق”

من ضمن النقاشات البارزة في القمّة، بالإضافة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي المسؤول، طرح موضوع التزييف العميق وسبل التعامل مع تداعياته الأخلاقية والاجتماعية لأنّه أصبح يمثّل تحدّياً كبيراً في مجال الإعلام والتعليم والمعلومات. وقد أطلقت “سدايا” وثيقة المبادئ التوجيهية للتصدّي لعمليات التزييف العميق. وتهدف إلى توجيه المجتمعات لاستخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، والحدّ من التداعيات الأخلاقية والاجتماعية للتقنيات المتقدّمة.

إضافة إلى ذلك، تمّ الكشف عن “شارات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” التي تعدّ جزءاً من رؤية “سدايا” لتعزيز الشفافية والممارسات الأخلاقية في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب توقيع اتفاقيات التعاون. كما أطلقت القمّة “ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي”، الذي يهدف إلى ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع القيم الإنسانية.

تعكس كلّ هذه الجهود الالتزام السعودي ببناء بيئة تقنيّة مسؤولة ومستدامة تركّز على تحسين حياة البشر.

الذكاء الاصطناعي

كما تمّ تسليط الضوء على النماذج اللغوية العربية الضخمة وأهميّة الحفاظ على الهويّة الثقافية من خلال تطوير الذكاء الاصطناعي. يعكس هذا الاهتمام الشديد بالنماذج اللغوية العربية سعي القمّة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل يحترم التراث الثقافي ويحافظ على القيم المجتمعية ويساهم في تعزيز اللغات المحلّية.

كما جرى عرض رؤية “أولمبياد الذكاء الاصطناعي”، الذي أقيم لأوّل مرّة بمشاركة أكثر من 25 دولة تحت رعاية “منظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو”.

وطرحت مبادرات ترتبط بالتحوّل الرقمي الصناعي، والمعالجة الذكيّة للنفايات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

الاتّفاقيّات والشّراكات العالميّة

شهدت القمّة توقيع أكثر من 70 اتفاقية مع شركات ومنظّمات عالمية، تركّزت معظمها على التعاون في المجالات المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي والبيانات، ومن بينها اتفاقيات بين “سدايا” وعدّة جهات حكومية وشركات تقنيّة دولية، أبرزها:

تعكس كلّ هذه الجهود الالتزام السعودي ببناء بيئة تقنيّة مسؤولة ومستدامة تركّز على تحسين حياة البشر

– الشراكة مع شركة IBM العالمية لاستضافة منصّة watsonx  ونموذج “علّام” ضمن السحابة الحكومية “ديم”. وهو ما سيساهم في تمكين الجهات الحكومية من تسريع تحوّلها الرقمي. إذ يُعتبر تطوير نموذج “علّام” من قبل المركز الوطني للذكاء الاصطناعي من أكبر النماذج اللغوية العربية التي تعتمد على 500 مليار وحدة نصّية عربية.

– وسط حضور دولي كبير أُبرمت اتفاقية ثلاثية بين حكومة المملكة و”اليونسكو” ومركز ICAIREباعتماد المركز ضمن الفئة الثانية (C2C) بالرياض تحت رعاية اليونسكو. وهو واحد من المراكز التي تؤكّد تميّز حضورها الدولي. كما شهد الحضور إطلاق “الإيسيسكو” و”سدايا” ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي المتوافق مع القيم الإنسانية.

– كما تمّ تدشين منصّة AI. وهي منصّة عالمية تهدف إلى مشاركة البيانات والمحتوى في مجال الذكاء الاصطناعي. وهو ما يساعد على تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

تدريب مليون سعوديّ على الذّكاء الاصطناعيّ

– من ضمن الابتكارات والمشاريع الكبرى والمبادرات لتنمية القدرات الوطنية، تميّزت القمّة بإطلاق عدد من المشاريع الكبرى، مثل مبادرة “سماي” التي تهدف إلى تدريب مليون سعودي لتنمية القدرات الوطنية والمهارات المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي. هذا البرنامج يعزّز رؤية المملكة 2030 من خلال تمكين المواطنين والمواطنات، ويعكس التزام المملكة بتأهيل جيل جديد من الخبراء الذين يمكنهم قيادة التغيير في المستقبل.

– إضافة إلى ذلك، تمّ توقيع عدّة مذكّرات تفاهم بين “سدايا” وجهات دولية ومحلّية، مثل مذكّرة التفاهم مع شركة “Pearson” الرائدة في مجال التعليم والنشر، لتطوير القدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي ورعاية المواهب في المجالات الرقمية لتعزيز قدرة السعودية على أن تكون مركزاً عالمياً للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

تشكّل هذه القمّة نقطة تحوّل حقيقية نحو التحوّل الرقمي المستدام في السعودية، وتعزّز مكانتها كـ”مركز عالمي للابتكار في الذكاء الاصطناعي”

– من ناحية أخرى، تمّ الإعلان عن شراكة بين أرامكو الرقمية وشركة “جروك” المتخصّصة في استدلال الذكاء الاصطناعي، لإنشاء أكبر مركز بيانات عالمي في السعودية لاستقراء الذكاء الاصطناعي. وتهدف لتعزيز مبادرات التحوّل الرقمي وتوفير حلول مبتكرة تدعم الكفاءة التشغيلية في الصناعات كافّة.

– كما تمّ عرض العديد من التقنيات الجديدة من شركات مثل SAMI، حيث كشفت عن حلول المراقبة الأمنيّة المتنقّلة، وطائرة e-Bariq، وهي طائرة كهربائية ذات هيكل خفيف مصمّم لتحمّل الظروف البيئية القاسية.

استشراف المستقبل

في ختام القمّة، أعرب المشاركون عن تفاؤلهم الكبير بمستقبل الذكاء الاصطناعي في السعودية. وقد أظهرت المملكة التزاماً كبيراً بتبنّي أحدث التقنيات ودعم الابتكار في هذا المجال. ووفقاً للخبراء، من المتوقّع أن يسهم قطاع الذكاء الاصطناعي في إيجاد وظائف عالية المهارات، وتعزيز القدرة التنافسية العالمية للمملكة، مع تحقيق تطوّر ملحوظ في قطاعات مثل الرعاية الصحّية، التمويل، والمدن الذكية.

إقرأ أيضاً: لا تطوير للذكاء الاصطناعيّ قبل 10 سنوات: دخلنا مرحلة الرّكود

مع اختتام القمّة، تمّ التأكيد على أنّ الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرّد تقنية لتحقيق الربح الاقتصادي، بل هو أداة لخدمة البشرية. وهذا ما أكّده الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للذكاء الاصطناعي في “سدايا” الدكتور ياسر بن محمد العنيزان. فقد اعتبر أنّ “الذكاء الاصطناعي أداة مصمّمة لخدمة البشرية وليس غاية في حدّ ذاته بل وسيلة، ولن يسلب الوظائف بل يسهّل إجراءاتها”، مشدّداً على أهمّية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول مع مراعاة المخاطر المحتملة التي ينطوي عليها، ومركّزاً على أهمّية التكامل بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي في تعزيز الابتكار وتحقيق التنمية.

مواضيع ذات صلة

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…