فلسطين: دقيقتان في مناظرة هاريس – ترامب

مدة القراءة 5 د

لم تحظَ حرب إسرائيل على الفلسطينيين المتواصلة منذ نحو عام إلا بدقيقتين تقريباً من زمن المناظرة التلفزيونية الأولى، وربّما الأخيرة، الذي امتد لأكثر من ساعة ونصف بين مرشّحي انتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب وكامالا هاريس. بل إنّ تأكيد المرشّحين على حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ووجوب استمرار مساندتها وحمايتها طبع موقف المتنافسين.

تعدّ المناظرات التلفزيزنية في حملة انتخابات الرئاسة الأميركية من أهمّ المؤشّرات والأدوات التي تحدّد حظوظ مرشّح الرئاسة في الفوز، وقبل نحو شهرين اضطرّ الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إلى التنازل عن ترشّحه للانتخابات بعد الأداء المريع له في المناظرة مع ترامب.

جاء السؤال المتعلّق بالحرب التي ذهب ضحيّتها حتى اللحظة أكثر من 40 ألف شهيد فلسطيني وإصابة نحو 100 ألف آخرين، فضلاً عن تدمير قطاع غزة، في الدقيقة الستّين تقريباً من المناظرة، متأخّراً كثيراً عن قضايا الاقتصاد والحقّ في الإجهاض والهجرة والسياسة الخارجية التي تصدّرت الجزء الأوّل الذي هو عادة الجزء الأكثر مشاهدة بين الجمهور الذي قدّرته محطة “سي.إن.إن” بأكثر من 50 مليون شخص.

تعدّ المناظرات التلفزيزنية في حملة انتخابات الرئاسة الأميركية من أهمّ المؤشّرات والأدوات التي تحدّد حظوظ مرشّح الرئاسة في الفوز

في حين قالت هاريس إنّه يجب وقف الحرب والعمل على حلّ الدولتين، فإنّها شدّدت على حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعلى مواصلة دعمها والوقوف إلى جانبها. واتّهمت حركة حماس التي وصفتها بالإرهابية بأنّها تسبّبت باندلاع هذه الحرب في السابع من أكتوبر الماضي عندما قتلت 1,400 إسرائيلي في مستوطنات قطاع غزة، وهاجمت شبّاناً كانوا يقيمون حفلاً موسيقياً، بل كرّرت التهمة القديمة ذاتها التي نفاها مسؤولون في البيت الأبيض بقيام أفراد من حماس باغتصاب إسرائيليات.

ترامب: لو كنتُ رئيساً لما حصل 7 أكتوبر

في المقابل لم يتورّع ترامب عن اتّهام هاريس بأنّها “تكره إسرائيل”، وأنّ فوزها برئاسة أميركا سيؤدّي إلى اختفاء إسرائيل في غضون عامين، مكرّراً قوله إنّ هجوم السابع من أكتوبر ما كان ليحدث لو كان في مقعد الرئاسة.

أمّا الحديث عن العلاقات الدولية، لا سيما الحرب في أوكرانيا وعلاقة أميركا مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، فقد استغرق جزءاً كبيراً من النقاش في موضوع السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومواقف ترامب السابقة ودور هاريس كنائبة للرئيس الحالي. لكنّ دور الولايات المتحدة وموقفها إزاء الحرب المتواصلة على الفلسطينيين لم يظهرا في سياق حديثهما عن السياسة الخارجية الأميركية وكأنّ العلاقة مع إسرائيل خارج نطاق وحدود السياسة الخارجية الأميركية.

لم يتورّع ترامب عن اتّهام هاريس بأنّها “تكره إسرائيل”، وأنّ فوزها برئاسة أميركا سيؤدّي إلى اختفاء إسرائيل في غضون عامين

هاريس وشجاعة مطالبتها بـ”دولة فلسطينيّة”

استفاضت هاريس في الحديث عن خرق روسيا لمبادئ القانون الدولي وأنّ مساندة الولايات المتحدة لأوكرانيا في حربها ضدّ روسيا تأتي وفق القانون الدولي الذي يجب الالتزام به واحترامه، الأمر الذي لم يكن كذلك خلال حديثها هي أو ترامب عن الدعم اللامحدود الذي تقدّمه أميركا لإسرائيل، خصوصاً تزويدها بالسلاح وبالحماية الدبلوماسية والسياسية في المحافل الدولية.

تجلّى موقف المرشّحة الديمقراطية إزاء حرب إسرائيل على الفلسطينيين أكثر عند اعتمادها رسمياً مرشّحة للحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية خلال مؤتمره العامّ الذي عقد في مدينة شيكاغو في التاسع من شهر آب الماضي عندما لم تسمح رئاسة المؤتمر لأيّ أميركي من أصل فلسطيني بالتحدّث خلال فعّاليات المؤتمر. ولم تفلح أشهر من التظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية المطالبة بوقف الحرب في غزة ووقف الدعم العسكري لإسرائيل في دفع الحزب الديمقراطي ومرشّحته لتغيير الموقف من الحرب.

لم تنجح أيضاً مواقف تجمّعات أميركيين من أصول عربية وفلسطينية ومناصريهم وتهديدهم بعدم التصويت للمرشّح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة في التأثير على مواقف الحزب من الحرب على الفلسطينيين. في حين لا يتوقّع أحد من المرشّح الجمهوري دونالد ترامب أن يتّخذ مواقف مناهضة لإسرائيل أو حتى إثارة غضبها، بل لا ينفكّ يردّد أنّ هجوم السابع من أكتوبر ما كان ليقع لو أنّه كان في مقعد الرئاسة.

تمكّن ترامب من تحقيق توقيع الاتفاقات الإبراهيمية بين إسرائيل ودول عربية، وعمل جاهداً لتحقيق تطبيع كامل بين الدول العربية وإسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية

ترامب: صفقة القرن وضمّ القدس

كان ترامب ذاته الرئيس الأميركي الأوّل الذي اعترف علناً بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها بعدما أغلق القنصلية الأميركية في القدس الشرقية التي كانت تعمل قبل قيام إسرائيل عام 1948. وخلال ولايته الرئاسية أطلق ترامب خطة سلام عرفت بصفقة القرن، وأغلق بحجّة رفض الفلسطينيين للخطّة مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن عام 2018. وتمكّن من تحقيق توقيع الاتفاقات الإبراهيمية بين إسرائيل ودول عربية، وعمل جاهداً لتحقيق تطبيع كامل بين الدول العربية وإسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية.

إقرأ أيضاً: نتنياهو يريد ضرب إيران… وخامنئي “يتراجع تكتيكيّاً”

منذ اندلاع الحرب الحالية على قطاع غزة أجهضت الولايات المتحدة عدّة قرارات لمجلس الأمن لوقف إطلاق النار، وسمحت أخيراً بتبنّي قرار مجلس الأمن 2735 الذي يدعو في إطار عامّ إلى وقف إطلاق النار، وهو القرار الذي وافقت عليه حركة حماس، لكنّ الولايات المتحدة عادت وطرحت عدّة مبادرات مختلفة لوقف الحرب، لكنّها كانت تتراجع عنها سريعاً بعد رفضها من قبل الحكومة الإسرائيلية. وأخيراً عادت إلى اتّهام حماس بأنّها تعيق التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

مواضيع ذات صلة

لبنان والسّيادة… ووقاحة “الشّعب والجيش والمقاومة”

جاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين أخيراً. لا يزال يعمل من أجل وقف للنّار في لبنان. ليس ما يشير إلى أنّ طرفَي الحرب، أي إيران وإسرائيل،…

أرانب نتنياهو المتعدّدة لنسف التّسوية

إسرائيل تنتظر وصول المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، بعدما بات ليلته في بيروت لتذليل بعض العقد من طريق الاتّفاق مع لبنان والحزب، على وقع الانقسام…

كيف ستواجه تركيا “فريق ترامب الصّليبيّ”؟

عانت العلاقات التركية الأميركية خلال ولاية دونالد ترامب الأولى تحدّيات كبيرة، لكنّها تميّزت بحالة من البراغماتية والعملانيّة في التعامل مع الكثير من القضايا. هذا إلى…

حماس وأزمة المكان

كانت غزة قبل الانقلاب وبعده، وقبل الحرب مكاناً نموذجياً لحركة حماس. كان يكفي أي قائد من قادتها اتصال هاتفي مع المخابرات المصرية لتنسيق دخوله أو…