باسيل يحرّك الرّئاسة مجدّداً… ويلوّح بالعصيان!

مدة القراءة 7 د

عودة ولو بالشكل إلى ملفّات الداخل. بدا الأمر مُمكِناً بعد رصد تداعيات ردّ الحزب على اغتيال إسرائيل لقائده العسكري فؤاد شكر، أوّلاً من خلال تقاطع جميع القوى الإقليمية والدولية على القرار الكبير بضبط الميدان والإعلان الرسمي الإيراني، على لسان رئيس الأركان، بأنّ ردّ طهران “سيكون منفصلاً ومستقلّاً عن محور المقاومة” مع رصد عدم ذكر الأمين العام للحزب أيّ إشارة إلى هذه المسألة في خطابه الأخير. والأهمّ دعوة السيّد حسن نصرالله الداخل اللبناني إلى “أن يرتاح ويأخذ نفس مع عودة الناس إلى المنازل” على قاعدة “إذا قرّرنا، بعد رصد نتائج عمليّتنا العسكرية خصوصاً في قاعدة غليلوت، أنّ ردّنا الأوّلي غير كاف ويحتاج إلى استكمال، هذا يأتي وقته لاحقاً في وقت متأخّر ولاحق”. باختصار، وبعد 11 شهراً من المواجهات العسكرية، الحرب الشاملة ليست في الأفق.

 

 

فهل يمكن، من خلال العودة إلى قواعد الاشتباك التقليدية بين العدوّ الإسرائيلي والحزب وشبه التسليم بأنّ الحرب الشاملة لن تقع، لبعض ملفّات الداخل أن تتقدّم إلى واجهة الأحداث وعلى رأسها ملفّ رئاسة الجمهورية وحراك اللجنة الخماسية؟

حالة استنزاف طويلة ومُربِكة ستمرّ قبل أن ترتسم معالم تسوية لا تزال عالقة بين معبرَي فيلادلفي ونتساريم ولائحة الأسرى والمعتقلين. في مرحلة ما قبل ردّ الحزب وبعده يندر أن تسمع موقفاً واضحاً من جانب قيادة الحزب حيال ملفّات الداخل من رئاسة الجمهورية ونزولاً. حتى إنّ الحزب أقفل أبوابه أمام موفدين غربيين يسألون عن إحداثيّاته في اليوم التالي لانتهاء حرب غزة. أمّا الـ update الأخير لموقف الحزب فواضح: “ندعم ترشيح سليمان فرنجية وندعم الحوار بأيّ وقت”.

حالة استنزاف طويلة ومُربِكة ستمرّ قبل أن ترتسم معالم تسوية لا تزال عالقة بين معبرَي فيلادلفي ونتساريم ولائحة الأسرى والمعتقلين

يمكن التسليم بأنّ التموضعات الداخلية على حالها بما في ذلك سَردية اللجنة الخماسية حول ضرورة التوافق الداخلي باستثناء أمرين:

– رهان النائب جبران باسيل على تقارب جدّي مع رئيس مجلس النوب نبيه بري يعيد خلط الأوراق رئاسياً ولا سيما أنّ معطى مؤثّراً استجدّ أخيراً من خلال انفصال أربعة نوّاب أساسيين في “التيار” عن رئيسه.

– تسليم مصادر سياسية، بعكس سَردية الحزب، بالربط المُحكَم بين شكل الترتيبات الأمنيّة التي ستشهدها المنطقة الحدودية وأساسها الالتزام بتطبيق القرار 1701 الذي تدعو إليه جهات رسمية لبنانية على رأسها الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي، وبين ملفّات الداخل الداهمة تتقدّمها رئاسة الجمهورية. تعلّق المصادر قائلة: “سمعنا خطاب السيّد الأخير. هل يمكن لمبتدئ في السياسة أن يتوقّع قبول الحزب بعد مسار في المواجهة العسكرية مع إسرائيل لـ 11 شهراً برئيس يطوّبه سمير جعجع أو قوى المعارضة؟ حتى فرضية أن يأخذ الحزب ما يريحه ويحمي سلاحه جنوب الليطاني، إضافة إلى تثبيت النقاط الحدودية المتنازَع عليها مقابل التنازل عن المشاركة في صياغة معالم المرحلة المقبلة داخلياً، لن تكون منطقيةً ومُتاحةً”.

بعد اختيار الحزب توقيت ردّه على الضربة الإسرائيلية فجر الخامس والعشرين من آب، لم يُرصَد أيّ موقف داعم من جانب حليفه باسيل

باسيل: إلى المواجهة!

بعد اختيار الحزب توقيت ردّه على الضربة الإسرائيلية فجر الخامس والعشرين من آب، لم يُرصَد أيّ موقف داعم من جانب حليفه المُتردّد باسيل. لا بل خلال كلمة له في عشاء هيئة قضاء التيّار في الكورة مساء أمس سأل باسيل “لماذا تخاض هذه الحرب؟ ولماذا ربط لبنان بمصير دول أخرى ولمصلحة من؟ وبعد 11 شهراً يحق لنا أن نسأل ماذا كانت النتيجة”.

أضاف باسيل: “عشنا 17 سنة من الاستقرار في الجنوب بفضل المعادلة التي منعت إسرائيل من الاعتداء علينا وهذا تحقّق بفضل المقاومة، لكن هل لا نزال نحافظ على هذه المعادلة اليوم؟ الآن ارتحنا من الضربة لكن هل ارتحنا من الحرب؟

 باسيل، وبتغريدة على منصّة أكس كتبها قبل يومٍ واحد من ردّ الحزب خلال وجوده خارج لبنان، رفع سقف كلامه السياسي بقوله: “مع عدم انتخاب الرئيس، وحكومة تتعسّف بلاميثاقيّتها، وخطر حرب مفتوحة يتزايد، ومن دون معاتبة على الماضي، فلنذهب للمواجهة ضمن الدستور والقوانين ضمن الواجب بحماية الوجود لأنّ الأخطار تهدّد وجودنا ووجود لبنان”، مؤكّداً أنّ “الوضع ما عاد يتحمّل والتحرّك حتميّ”.

كما ذكّر باسيل بورقة عمل خطّية قدّمها خلال لقاءات وثيقة بكركي كان دعا فيها إلى “خطوات إعلامية وسياسية وبرلمانية وقضائية وشعبية واقتصادية، على صعيد القطاع العامّ والقطاع الخاص، وعلى مستوى الكنيسة والعلمانيين، وتصل إلى تصعيد شعبي ومدني بمقاطعة شاملة إذا لم يتمّ التجاوب لكسر الأمر الواقع”.

مرّت تغريدة باسيل من دون شرح خلفيّتها من جانب قيادة التيّار ولا التعليق عليها من قبل القوى السياسية، لكن أمس أعادت بعض قيادات التيّار التذكير بها لجهة دقّ باسيل ناقوس الخطر، كما قال النائب غسان عطالله.

تفيد المعلومات عن توجّه باسيل لإعادة تحريك ملفّ الحوار حول انتخاب الرئيس وبدء التداول بسلّة أسماء بغضّ النظر عن مجريات ما يحدث في الجنوب

كما اندرج في السياق نفسه إعلان باسيل أمس استقباله السفير الفرنسي إيرفيه مارغو الذي استمع، كما قال باسيل، “لوجهة نظر الأخير حول سبل إيجاد الحلول، خاصة في ما يتعلّق بفصل مسألة انتخاب رئيس الجمهورية عمّا يحدث في المنطقة كمدخل لحلّ العديد من المسائل العالقة داخلياً”.

هنا تفيد المعلومات عن توجّه باسيل لإعادة تحريك ملفّ الحوار حول انتخاب الرئيس وبدء التداول بسلّة أسماء بغضّ النظر عن مجريات ما يحدث في الجنوب، بالتزامن مع عدّة لقاءات سيجريها مع بعض سفراء دول الخماسية وقيادات سياسية من ضمنها الرئيس نبيه بري، ولاحقاً في حال الوصول إلى طريق مسدود ستكون هناك محاولة لتحريك الأرض للقيام بتحرّكات شعبية رافضة لمسار الكربجة الرئاسية.

تقول مصادر قيادية في التيّار الوطني الحرّ لـ “أساس”: “هناك اعتداء على صلاحيات المسيحيين من خلال تحالف رباعي قوامه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووليد جنبلاط بغطاء من الثنائي الشيعي وهذا التحالف يرتكب كل التجاوزات بغياب رئيس الجمهورية، وهناك ثنائي شيعي أوقف مسار الانتخابات الرئاسية. لذلك الأمور مفتوحة على كل الخيارات بما في ذلك العصيان المدني”.

بتأكيد خصوم باسيل يحاول رئيس التيار فقط “إنعاش” حيثيّته السياسية بعد مسارٍ سياسي أضعف وجوده على طاولة المقرّرين بفعل السياسات العبثية التي انتهجها

يبدو أنّ مرور نحو أقلّ من عام على حرب غزة وردّ الحزب المضبوط بعد اغتيال شكر واحتواء الإسرائيلي له من دون توسيع رقعة التصعيد إلّا لساعات قليلة تدفع حليف الحزب أكثر إلى محاولة تحريك المياه الرئاسية الراكدة على قاعدة عدم إمكانية انتظار تسوية قد تتطلّب أشهراً إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية و”تركيب” الإدارة الأميركية الجديدة، وفي سياق الضغط على الثنائي الشيعي تحديداً لفصل الجنوب عن الرئاسة.

يُذكر أنّ باسيل كان قد طرح معادلة مشابهة خلال مؤتمر صحافي عقده في 13 حزيران الماضي لعرض نتائج تحرّكه الرئاسي باتجاه القيادات السياسية وخلاصتها: “البديل عن المسار المطروح مواجهة شاملة لإنهاء الفراغ. نحن أمام خيارين إمّا التوافق وإما عدم التكيّف مع الفراغ وعدم التسليم به”.

بتأكيد خصوم باسيل يحاول رئيس التيار فقط “إنعاش” حيثيّته السياسية بعد مسارٍ سياسي أضعف وجوده على طاولة المقرّرين بفعل السياسات العبثية التي انتهجها.

إقرأ أيضاً: رَدَّ الحزب… والحرب Pending!

أمّا مؤيّدوه فيتحدّثون عن إدارة متجدّدة على رأس التيار فرضتها عوامل من داخل التيّار وخارجه، إضافة إلى كلّ التطوّرات التي عصفت بلبنان منذ 17 تشرين الأول 2019، “واليوم بات ملحّاً تجاوز المعطى العسكري من أجل فتح ملفّ الرئاسة مجدّداً على قاعدة الدعوة المكرّرة إلى توافق رئاسي على أساس جولات تشاور محدودة زمنياً… وإلا فاتّخاذ خطوات تصعيدية يعلن عنها لاحقاً”.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@MalakAkil

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…