بعد حصولها على “الدعم الكافي” لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في شهر تشرين الثاني المقبل لتحلّ محلّ الرئيس جو بايدن، كثرت المقالات عن الحياة المهنية والشخصية لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، التي كانت أوّل امرأة تتولّى منصب نائب الرئيس، وركّزت بشكل خاصّ على زوجها دوغ إيمهوف باعتباره سيصبح في حال فوزها بالرئاسة “السيّد الأوّل” لأميركا، إسوة بلقب “السيّدة الأولى” الذي كانت تحصل عليه زوجة الرئيس تقليدياً.
ما يزيد في الفضول لمعرفة “السيّد الأوّل”، وهو لقب لم يحصل عليه أحد بعد لأنّ أيّ امرأة لم تتولّ إلى الآن الرئاسة الأميركية، أنّ دوغ إيمهوف كان أيضاً الزوج لأوّل امرأة نائبة للرئيس وسيكون إذا فازت نائبة الرئيس بالرئاسة أوّل زوج يهودي في البيت الأبيض.
وُلد إيمهوف، الذي يبلغ من العمر 59 عاماً، في بروكلين بولاية نيويورك، ونشأ في منطقة ماتا وان بولاية نيوجيرسي، قبل أن تنتقل أسرته إلى كاليفورنيا عندما كان مراهقاً. التحق بكلية الحقوق في لوس أنجلوس. وبعد تخرّجه ترقّى في شركات محاماة كبرى وأصبح شريكاً في أحد المكاتب بدخل سنوي يبلغ 1.2 مليون دولار، قبل أن يوقف مسيرته المهنية مؤقّتاً عام 2020 لتجنّب تضارب المصالح بعد تولّي هاريس منصب نائبة الرئيس، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”.
قصة حب هوليودية
وضع إيمهوف جانباً مسيرته المهنية التي استمرّت 30 عاماً كمحامٍ رفيع المستوى في لوس أنجلوس عندما تولّت هاريس منصبها. تحدّث بصراحة عن الصعوبات التي واجهته في ترك العمل الذي أحبّه لدعم تطلّعات هاريس السياسية، مشيداً يوم الإثنين بالرئيس بايدن الذي قال إيمهوف إنّه “ساندني شخصياً في بعض أصعب لحظاتي كرجل ثانٍ”.
اعتنق تراثه اليهودي من خلال الاحتفال بعيد الفصح في البيت الأبيض
بحسب صحيفة واشنطن بوست، قصّة هاريس وإيمهوف هي قصة حبّ مكتوبة حرفياً في هوليوود. قامت صديقة هاريس المقرّبة، كريسيت هودلين، بتعريف الثنائي أحدهما على الآخر في عام 2013 بعدما التقت بإيمهوف في اجتماع عمل. تقدّم إيمهوف لهاريس من خلال بريد صوتي طويل، وهو الأمر الذي كان يخشى أن يكون “كارثياً”، كما كتبت نائبة الرئيس في مذكّراتها. لكنّ هاريس، التي كانت تعيش آنذاك في سان فرانسيسكو وتعمل مدّعياً عامّاً في كاليفورنيا، انبهرت وسافرت إلى لوس أنجلس لحضور موعدهما الأوّل. في صباح اليوم التالي، أعلن إيمهوف استعداده لموعد آخر، وكتب في رسالة بالبريد الإلكتروني: “أنا معجب بك حقاً، وأريد أن أرى ما إذا كان بإمكاننا إنجاح هذا الأمر”. وقال لشبكة “سي بي إس” في مقابلة أُجريت معه أخيراً: “لقد كان حبّاً من النظرة الأولى، ونحن معاً منذ ذلك الحين”.
تزوّج هو وهاريس في عام 2014، ولديه طفلان بالغان من زواج سابق ساعدت هاريس في تربيتهما. تضمّن حفل الزواج الصغير في سانتا باربرا تحطيم زجاج تكريماً لخلفيّة إيمهوف اليهودية، وارتدى إيمهوف إكليلاً من الزهور للاحتفال بتراث هاريس الهندي. طفلا إيمهوف من زواجه الأول، كول وإيلا، يطلقان على نائبة الرئيس اسم “مومالا”. وقد أقامت هاريس صداقة مع زوجة إيمهوف الأولى، المنتجة السينمائية كيرستين إيمهوف، التي تعلن بصوت عالٍ دعمها لنائبة الرئيس.
مكافحة معاداة الساميّة
بصفته الرجل الثاني، عمل إيمهوف على مكافحة معاداة السامية وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات القانونية بعدما ترك مهنة استمرّت 30 عاماً كمحامٍ ترفيهي. وفقاً لـ”واشنطن بوست”، سعى إيمهوف إلى تطبيق خلفيّته القانونية وخبرته في العمل الخيري في توجيه سياسة الإدارة بشأن توسيع نطاق المساعدات القانونية، والعمل مع قسم الحقوق المدنية التابع لوزارة العدل والمائدة المستديرة للمساعدة القانونية بين الوكالات التابعة للبيت الأبيض.
وسائل إعلام إسرائيلية رحّبت باحتمال وصول “اليهودي الشغوف دوغ إيمهوف” إلى البيت الأبيض كـ”أوّل سيّد أوّل يهودي” للولايات المتحدة الأميركية
حتى قبل الحرب في غزة العام الماضي، استغلّ إيمهوف دوره كأوّل زوج يهودي لنائبة رئيس لاتّخاذ مبادرات مثل دعوة القادة اليهود إلى الاجتماع في البيت الأبيض والمساعدة في توجيه جهود الإدارة ضدّ معاداة السامية. وحسب “نيويورك تايمز”، قام إيمهوف بالتنسيق مع الكونغرس لمكافحة معاداة السامية، كما شنّ هجوماً على الرئيس السابق دونالد ترامب وحلفائه، مثل نيك فوينتس، الذين اتُّهموا بالترويج لآراء معادية للسامية. حشد أيضاً الدعم للجالية اليهودية الأميركية بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، وهو الموقف الذي أصبح أكثر إثارة للدهشة مع ظهور هاريس كواحدة من أكثر المنتقدين في إدارة بايدن صراحةً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعارضت علناً العمليات العسكرية الإسرائيلية وسط تزايد الخسائر في صفوف المدنيين في غزة.
خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، رسم إيمهوف لنفسه دوراً متعدّد الأوجه. زار عيادات لقاح فيروس كورونا، وعمل على توسيع الوصول إلى خدمات المساعدة القانونية، ودافع عن المساواة بين الجنسين، وأصبح صوتاً رائداً في جهود البيت الأبيض لمكافحة معاداة السامية، بما في ذلك القيام برحلة إلى أوشفيتز بيركيناو في عام 2023 لإحياء ذكرى المحرقة الدولية.
اعتنق تراثه اليهودي من خلال الاحتفال بعيد الفصح في البيت الأبيض. بعد هجوم حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر، قال لصحيفة لوس أنجلوس تايمز إنّه على الرغم من شعوري “بالألم الشديد والصدمة… إلا أنّني سأواصل القيام بما أفعله، وهو التركيز على مكافحة الكراهية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام.”
بصفته الرجل الثاني، عمل إيمهوف على مكافحة معاداة السامية وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات القانونية
في سيرته الذاتية في البيت الأبيض، نُقل عن إيمهوف قوله إنّه يأمل “إلهام الجيل المقبل من الأزواج الداعمين”. وقال: “أنا أوّل رجل يتولّى هذا الدور، لكنّني بالتأكيد لا أريد أن أكون الأخير”.
إقرأ أيضاً: هل من دور فرنسي لمنع الحرب بين إسرائيل والحزب؟
ترحيب إسرائيليّ
وسائل إعلام إسرائيلية رحّبت باحتمال وصول “اليهودي الشغوف دوغ إيمهوف” إلى البيت الأبيض كـ”أوّل سيّد أوّل يهودي” للولايات المتحدة الأميركية. فأشارت مجلة “Keller كيلير” العائلية الإسرائيلية إلى نشأة إيمهوف في منزل يهودي في نيوجيرسي على يد أبوين يهوديَّين رائعين للغاية: باربرا ومايكل إيمهوف، والتحاقه في عيد بلوغه بمعسكر صيفي يهودي، واحتفاله بالأعياد اليهودية أثناء نشأته، وتولّيه عباءة النضال من أجل اليهود الأميركيين والتحدّث علناً ضدّ معاداة السامية، ورئاسته اجتماعات يهودية لمناقشة الكراهية ضدّ اليهود، وتذكيره رفاقه اليهود، وخاصة جيل الشباب من اليهود الأميركيين، بمواصلة الاستمتاع بهويّتهم اليهودية. “لا تخف من أن تكون من أنت. عش دون خوف”، قال للمراهقين اليهود العام الماضي.
لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا