خمس رسائل إسرائيليّة من اغتيال هنيّة

2024-08-03

خمس رسائل إسرائيليّة من اغتيال هنيّة

وفقاً لغادي عزرا، المدير السابق لـ”مديرية الدبلوماسية العامة الوطنية الإسرائيلية”، وهي بمنزلة المكتب الإعلامي التابع لرئاسة الوزراء في إسرائيل، هناك عدد من الرسائل التي أرادتها إسرائيل من اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران. وقد لخّصها مقال نشرته مجلّة “تايم” الأميركية.

عرض غادي عزرا في مجلة “تايم” أبرز خمسة أسباب لاغتيال إسماعيل هنيّة:

1- رسالة إلى القيادة الإيرانية باستعراض القدرات والقوة في قلب طهران، حيث بدأ الرئيس الجديد ولايته. الرسالة واضحة: الاستمرار في تمويل ودعم ورعاية وكلاء مثل حماس أو الحزب أو الحوثيين في اليمن من شأنه أن يؤدّي إلى ردّ مباشر على رأس الأخطبوط نفسه. وإذا تمّ القضاء على هنية في طهران، فمن الممكن القضاء على أيّ شخص في طهران.

2- إنّ الحرب الشاملة مع لبنان أقلّ احتمالاً. فقد جاءت وفاة هنية بعد ساعات فقط من تنفيذ إسرائيل لغارة في الضاحية الجنوبية في بيروت، أسفرت عن مقتل فؤاد شكر، الذي حمّلته إسرائيل مسؤولية قتل 12 طفلاً درزيّاً في بلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتلّ، خصوصاً أنّ الحزب قصف إسرائيل، منذ 8 تشرين الأول 2023، آلاف المرّات، وردّت إسرائيل بإطلاق النار. ومقتل هنية وشُكر، في غضون بضع ساعات، يبعث برسالة حادّة إلى الأمين العامّ للحزب مفادها أن: كفى. وعلى الرغم من أنّ أحداً لا يستطيع أن يتنبّأ بشكل كامل بكيفية ردّ نصر الله. فقد أعلن على الفور أنّ مقتل هنية “سيزيد من قوّة المقاومة”. وهو معروف بقدرته على حساب الأمور بدقّة. وقد لا تمنع هذه المعادلة الجديدة من اندلاع حرب شاملة. لكنّها قد تجعل نصر الله أكثر حذراً بشأن الموقف العسكري للحزب.

مقتل هنية وشُكر، في غضون بضع ساعات، يبعث برسالة حادّة إلى الأمين العامّ للحزب مفادها أن: كفى

ذاكرة ميونخ: “الشّفاء الاجتماعيّ”

3- العملية جزء من مسيرة “الشفاء” الإسرائيلية. ينظر الإسرائيليون إلى قادة حماس بالطريقة نفسها التي نظروا بها إلى مسلّحي أيلول الأسود الذين ارتكبوا مذبحة ميونخ في الألعاب الأولمبية عام 1972. في ذلك الوقت، كان قتل علي حسن سلامة، رئيس عمليات المنظمة، والمعروف باسم “الأمير الأحمر”، ضرورياً للانتقام. والأكثر من ذلك، كان ضرورياً لـ”الشفاء الاجتماعي”. وبالمثل هنا، يُعدّ هنية أحد الرموز وراء أكبر مأساة لليهود منذ الهولوكوست. وفاته هي رسالة للضحايا وأسر الجنود الذين سقطوا في الحرب بأنّ قتل اليهود الأبرياء، كما حدث في أوروبا في الثلاثينيات والأربعينيات، لن يمرّ دون عقاب.

4- يحيى السنوار بات معزولاً. لقد مرّت ثلاثة أسابيع، ونسي العالم محاولة الغارة الجوّية التي استهدفت محمد الضيف، رئيس الجناح العسكري لحماس، في خان يونس. في حال عدم نجاة ضيف، فإنّ السنوار، مهندس أحداث 7 أكتوبر، سيكون الزعيم الكبير الوحيد لحماس الذي سيظلّ صامداً (إلى جانب خالد مشعل). ومن ناحية أخرى، يعني هذا المزيد من السلطة والمسؤوليات للرجل الذي يعدّ بالفعل الشخص الأكثر نفوذاً في حماس. لن يستطيع رجل واحد التعامل مع الكثير بمفرده، خاصة عندما يختبئ تحت الأرض. والنتيجة المباشرة هنا هي أنّ “إدارة” حماس ستتقوّض، سواء داخل (عسكرياً) أو خارج (سياسياً) قطاع غزة.

 من المرجّح أن يرفض السنوار الالتزام بأيّ اتّفاق ليتجنّب تقديم “مكافأة” لإسرائيل بعدما قتلت هنية

السنوار يريد حرباً شاملة

5- هناك المزيد من عدم اليقين بشأن صفقة الرهائن. إذا كانت هناك قضية واحدة يمكن أن يكون لعزلة السنوار التأثير الأكبر فيها، فهي هذه القضية. وهي ليست قضية عاديّة. ويمثّل الرهائن الباقون الـ115 صدمة وطنية في إسرائيل. وإطلاق سراحهم ليس حيوياً بالنسبة لهم فحسب، بل أيضاً لاستدامة الأخلاق الإسرائيلية، التي بموجبها لا يتخلّف أحد عن الركب.

على المدى القصير، من المرجّح أن يرفض السنوار الالتزام بأيّ اتّفاق ليتجنّب تقديم “مكافأة” لإسرائيل بعدما قتلت هنية. مثل هذا القرار سيمنحه أيضاً نافذة زمنية للردّ المحتمل من إيران أو وكلائها. وهو ما يتماشى مع تطلّعاته إلى حرب إقليمية شاملة. ومع ذلك، في الأمد البعيد، قد يزيد هذا من احتمالية التوصّل إلى صفقة رهائن، إذ قد يسعى السنوار إلى تجنّب مصير مماثل لمصير هنية.

المشكلة هي أنّ الرهائن ليس لديهم الوقت. ظروف الأسر مروّعة، وقد روى الرهائن السابقون عن الاعتداءات الجسدية التي تعرّضوا لها. وإيجاد الصيغة الصحيحة لانخراط إسرائيل في صفقة من دون التنازل عن مصالحها العسكرية بالكامل سيشكّل تحدّياً كبيراً لها. ومثل كلّ اغتيال كبير في الشرق الأوسط، تتجاوز العواقب بكثير الهدف المحدّد. وتشكّل حالة هنية مثالاً عميقاً. وهذا لا يعني أنّ الحرب انتهت، بل على العكس من ذلك تماماً يعني أنّ ظروفاً جديدة قد وضعت وستؤثّر على الجميع.

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…