يحفظُ التّاريخ الأميركيّ 10 اغتيالات أو محاولات اغتيال لرؤساء منذ اغتيال الرّئيس الـ16 أبراهام لينكولن في 14 نيسان 1856 في العاصمة واشنطن، وصولاً إلى محاولة اغتيال الرّئيس السّابق دونالد ترامب في 13 تمّوز 2024 في بنسلفانيا.
أعادَت محاولة اغتيال دونالد ترامب إلى الواجهة تاريخ الاغتيالات الرّئاسيّة في “واحة الدّيمقراطيّة” الولايات المُتحدة الأميركيّة. وصارَ ترامب واحداً من 10 رؤساء من أصل 46 تعرّضوا لاغتيالات، نجحت 4 منها، بينما تمكّنت عناصر الحماية السّرية من إحباط 6 عمليّات.
سجّلت صفحات التاريخ نجاح اغتيال 4 من الرّؤساء الأميركيين وهم:
1- 1865 أبراهام لينكولن في نيسان.
2- 1881 جيمس غارفيلد في تموز.
3- 1901 وليام ماكينلي في أيلول.
4- 1963 جون إف كينيدي في تشرين الثّاني.
تتنوّع أساليب عمليّات الاستهداف الرّئاسيّة من إطلاق النّار وصولاً إلى محاولات التّسميم. اللافت أنّ آخر 4 رؤساء أميركيين قبل جو بايدن تعرّضوا لمحاولات اغتيال في سابقةٍ ينبغي التّوقّف عندها. تُسجّل محاولة اغتيال كلّ من الرؤساء: بيل كلينتون، جورج بوش الابن، باراك أوباما، ويوم أمس انضمّ إلى اللائحة الرّئيس السّابق دونالد ترامب.
أبراهام لينكولن:
اغتيل الرئيس الـ16 أبراهام لينكولن يوم جمعة الآلام، في 15 نيسان 1865 أثناء مشاهدته مسرحية “قريبنا الأميركيّ” في مسرح فورد، وكانت الحرب الأهلية الأميركيّة على وشك الانتهاء.
وقع الاغتيال بعد 5 أيام من استسلام قائد الجيش الكونفدرالي لفيرجينيا الشمالية روبرت إدوارد لي منهياً بذلك الحرب الأهلية. لينكولن كان الرئيس الأميركي الأوّل الذي يُغتال، عبر عملية خطّط لها الممثّل المسرحي المعروف جون ويلكس بوث في محاولة منه لإحياء قضية الولايات الكونفدرالية.
قطعَ ترامب خطابه بسبب أصوات إطلاق النّار وكانت أذنه مُلطّخة بالدّماء، وهو ما يشير إلى نجاته من رصاصة كانت مُوجّهة نحوَ رأسه
جيمس غارفيلد:
اغتيل الرّئيس الـ20 للولايات المُتحدة جيمس غارفيلد، في 19 أيلول 1881، بعد 5 أشهر ونيّف على بدء ولايته الرئاسيّة. أطلق النار عليه رجلٌ يُدعى تشارلز جيه غوتو في واشنطن العاصمة، وتوفّي في إلبيرون، في نيو جيرسي. كان دافع غوتو للقتل هو الثأر من غارفيلد بسبب دَين سياسي مُتخيّل لم يفِ غارفيلد له عدم تأييده بعدما “ساعده في حملته الانتخابيّة”.
ويليام ماكينلي:
أصُيب الرّئيس الـ25 ويليام ماكينلي بطلق ناريّ وجروح بالغة في 6 أيلول 1901، أثناء وجوده في قاعة بـ”معرض أميركا الشامل” في بوفالو في نيويورك، حيثُ كان يُصافح جمهوره فأطلق شخصٌ يُدعى ليون كولجوز النّار عليه، فأصيبَ ماكينلي برصاصاتٍ أدّت إلى إصابته بالغرغرينا، وتُوفّيَ يوم 14 أيلول.
كانَ مُطلقُ النّار من أتباع الفكر “اللاسلطوي”، وتأثّر بمحاضرات النّاشطة السّياسيّة إيما غولدمان التي كانت تدعو إلى “إزالة جميع الحُكّام”. وقال بعد إلقاء القبض عليه: “لقد استقرّت كلمات غولدمان في عقلي. وعندما غادرت قاعة المحاضرة كنت قد اقتنعت تماماً بوجوب القيام بعمل بطوليّ في سبيل هذه القضية التي آمنت بها”.
جون كينيدي:
يُعتبر اغتيال الرّئيس الـ35 للولايات المُتحدة جون كينيدي من أكثر الاغتيالات جدلاً في التّاريخ. وعلى الرّغم من مُضيّ أكثر من 60 عاماً عليه، لا تزال نظريّات المُؤامرة تحوم حول طبيعة العمليّة، التي قال الرّئيس دونالد ترامب إنّه سيرفع السّرّية عن ملفّها في حال وصوله إلى البيت الأبيض مُجدّداً.
اغتيلَ الرئيس جون كينيدي يوم 22 تشرين الثّاني 1963 في ولاية تكساس أثناء مروره بسيّارة مكشوفة مع زوجته جاكلين وحاكم تكساس جون كونالي وزوجته نيلي. بعدما عبر الموكب الرّئاسيّ وسطَ المدينة بسرعة منخفضة، أُصيب كينيدي بطلقات نارية قاتلة من قبل جنديّ سابق في مشاة البحرية الأميركيّة يُدعى لي هارفي أوزوالد أطلق النار من كمين في مبنى قريب، بينما أصيب الحاكم كونالي بجروح خطيرة في الهجوم.
يحفظُ المُتابعون الاغتيالات النّاجحة لرؤساء الولايات المُتحدة، لكنّ “مُحاولات الاغتيال” لا تقلّ أهميّةً، خصوصاً في حال نجاحها
ألقت شرطة دالاس القبض على أوزوالد بعد 70 دقيقة من إطلاق النار، واتّهم أوزوالد بموجب قانون ولاية تكساس بقتل الرئيس جون كينيدي والشرطي جي دي تيبيت الذي قتل بالرصاص بعد وقت قصير من الاغتيال.
المُريبُ في اغتيال كينيدي أنّه بعد أيّام قليلة، وبينما كانت كاميرات التلفزيون تغطّي انتقال أوزوالد من سجن المدينة إلى سجن المقاطعة، أُطلِق النار على أوزوالد في الطابق السفلي من مقرّ شرطة دالاس من قبل مشغّل ملهى ليلي في دالاس يدعى جاك روبي. نُقِل أوزوالد إلى مستشفى باركلاند التذكاري، حيث توفّي بعد الحادثة بوقت قصير. أدين روبي بقتل أوزوالد على الرغم من إلغاء الحكم لاحقاً عند الاستئناف، وتوفّي روبي في السجن في عام 1967 أثناء انتظاره لمحاكمة جديدة.
6 مُحاولات فاشلة
يحفظُ المُتابعون الاغتيالات النّاجحة لرؤساء الولايات المُتحدة، لكنّ “مُحاولات الاغتيال” لا تقلّ أهميّةً، خصوصاً في حال نجاحها. إذ إنّ أكثر هذه المُحاولات استهدفت قادة أميركا في فتراتٍ سياسيّة حسّاسة ودقيقة.
جيمي كارتر:
ألقت شرطة لوس أنجلس في 5 أيار 1979 القبض على متسكّع يُدعى ريموند لي هارفي، خارج مركز تسوّق سيفيك في المدينة قبل 10 دقائق فقط من موعد إلقاء الرئيس جيمي كارتر كلمته هناك.
كان هارفي يحمل مُسدّساً وعدّة مخازن للرّصاص بحسب ما أفادت مجلة أتلانتك. في التحقيقات زعم هارفي أنّه عضو في خليّة خطّطت وسعت إلى اغتيال كارتر.
رونالد ريغان:
نجا الرئيس الـ40 للولايات المُتحدة رونالد ريغان من محاولة اغتيال في 30 آذار 1981، وذلكَ بعد 69 يوماً من تولّيه الرّئاسة.
حين كان ريغان يهمّ بالخروج من فندق “هيلتون” في العاصمة واشنطن متّجهاً إلى سيّارته أطلق عليه المدعوّ جون هينكلي جونيور النار. أصيب الرّئيس في صدره لكنّ الفرق الطبّية التي أسعفته أنقذت حياته.
كما أصابت الرصاصات التي أطلقها هينكلي السكرتير الصحافي جيمس برادي والعميل السرّي تيم مكارثي وضابط الشرطة توماس ديلاهانتي بجروح.
أعادَت محاولة اغتيال دونالد ترامب إلى الواجهة تاريخ الاغتيالات الرّئاسيّة في “واحة الدّيمقراطيّة” الولايات المُتحدة الأميركيّة
بيّنت التحقيقات أنّ المُهاجم مُصابٌ بـ”الهوس الشّبقيّ”، وكانَ دافعه للاغتيال تأثّره بمُشاهدة فيلم “سائق التّاكسي” 15 مرّة، وهو ما أصابه بهوس بالممثّلة جودي فوستر. وتبيّنَ أنّه رأى نفسه في شخصيّة بطل الفيلم ترافيس بيكل، الذي أدّى دوره الممثّل روبرت دي نيرو. تتضمّن القصّة محاولات بيكل لإنقاذ طفلة أدّت دورها فوستر. وفي نهاية الفيلم، يحاول بيكل اغتيال عضو في مجلس الشيوخ الأميركيّ ترشّحَ للرّئاسة.
بيل كلينتون:
تعرّضَ الرّئيس الـ42 للولايات المُتحدة بيل كلينتون لعدّة محاولات اغتيال أثناء ولايته الرئاسية، 3 منها في عام 1994.
بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” سعى رونالد جين باربور إلى اغتيال الرئيس أثناء ممارسته رياضة المشي التي كان يواظب عليها بشكلٍ يوميّ. وفي وقت لاحق من السّنة ذاتها صدم فرانك يوجين كودور طائرته الصغيرة في حديقة البيت الأبيض في محاولة لاغتيال كلينتون، وقُتل كودور في الحادث.
بعد شهر من هذا الحادث، أطلق فرانسيسكو مارتن دوران عدّة طلقات باتجاه حديقة البيت الأبيض، لكنّ مجموعةً من السّياح كانوا قربَ المكان وتمكّنوا من إلقاء القبض عليه قبل أن تعتقله السّلطات.
جورج بوش الابن:
أطلق مُوظّف سابق في دائرة خدمات الإيرادات الداخلية يُدعى روبرت بيكيت، وكان يعاني من أمراض نفسية، عدّة طلقات باتجاه البيت الأبيض في شباط 2001، قبل أن يُصيبه أحد ضبّاط الحماية أثناء تبادل النار. وكان الرئيس جورج بوش الابن يمارس رياضته في حديقة البيت الأبيض.
في سنة 2006 وحين كان بوش الابن برفقة الرئيس الجورجي حينذاك ميخائيل ساكاشفيلي أثناء تجمّع في العاصمة الجورجية تبليسي، رمى أحد القوميين الجورجيين قنبلة يدوية باتجاه الرئيسين لكنّها لم تنفجر.
باراك أوباما:
أثناء الحملة الانتخابيّة للرّئيس باراك أوباما في 2008، خطّطَ كُلّ من بول شيلسمان ودانيال كاورت لقتل 102 أميركي من أصول إفريقية. وكان المُرشّح الرّئاسيّ أوباما أحدَ أهداف الاغتيال، لكنّ قوّات الأمن استطاعت اعتقالهما قبل أن ينفّذا خطّتهما.
صارَ ترامب واحداً من 10 رؤساء من أصل 46 تعرّضوا لاغتيالات، نجحت 4 منها، بينما تمكّنت عناصر الحماية السّرية من إحباط 6 عمليّات
في 2011 أطلق شخصٌ يُدعى أوسكار راميرو أورتيغا هيرنانديز النّار باتجاه البيت الأبيض، واعتقلته الشرطة أثناء محاولة فراره. وفي التحقيقات قال هيرنانديز إنّ دافعه لمحاولة قتل الرّئيس الأميركيّ أنّه يرى أنّ “أوباما كان ضدّ المسيح”، وحُكم عليه بالسجن 27 عاماً.
في نيسان 2013 عُثِرَ على سمّ “الرّيسين” في رسالة كانت موجّهة إلى أوباما وحُكم على مرسلها جيمس إيفيرت دوتشكي بالسجن 25 عاماً. وفي 2015 أفادت شبكة “سي إن إن” باعتقال السلطات 3 أشخاص، وهم أبرور حبيبوف وعبد الرسول جورابيوف وأخرور سيد أخماتوف، بتهم التخطيط لاغتيال أوباما والالتحاق بتنظيم “داعش”.
إقرأ أيضاً: لا القضاء ولا الرصاص يستطيعان إيقاف ترامب
دونالد ترامب:
تعرّضَ الرّئيس السّابق دونالد ترامب أمس السّبت 13 تمّوز 2024 لمحاولة اغتيال أثناء إلقائه خطاباً أمام أنصاره في ولاية بنسلفانيا. وقطعَ ترامب خطابه بسبب أصوات إطلاق النّار وكانت أذنه مُلطّخة بالدّماء، وهو ما يشير إلى نجاته من رصاصة كانت مُوجّهة نحوَ رأسه.
لمتابعة الكاتب على X: