شهد الأسبوع الماضي حواراً بالمراسلة بين الحزب والقوات اللبنانية من خلال الردّ الذي نشره مسؤول الإعلام والتواصل في القوات شارل جبّور في جريدة “الجمهورية” على ثلاث حلقات على المداخلة التي قدّمها عضو كتلة الوفاء للمقاومة الدكتور علي فياض خلال المؤتمر الذي عقدته مجموعة “تجدّد للوطن” التي يرأسها رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، وتركّزت المداخلة على التحدّيات التي يواجهها لبنان داخلياً وخارجياً اليوم وكيفية الخروج من المأزق الحالي.
علم موقع “أساس” أنّ قيادة القوات اللبنانية بعدما اطّلعت على مداخلة الدكتور فياض وأدركت أهمّيتها اتّخذت قراراً بضرورة الردّ عليها، وتمّ تكليف الأستاذ شارل جبور بذلك من خلال المقالات التي نشرها في جريدة “الجمهورية” دون أن يكون هذا الردّ رسمياً باسم القوات. رغم أنّ جبور يقول في مجالسه الخاصة أنّه اتخذ قرار الردّ كإعلامي وليس كمسؤول في القوات.
ماذا قال علي فياض؟
كان فياض قد أشار في حوار مع “إذاعة النور” إلى أنّ ما تضمّنته المداخلة يعبّر عن رؤية الحزب ومواقفه دون أن تكون المداخلة ذات صفة رسمية حالياً، وإن كان من المعلوم أهمّية الدور الذي يلعبه فياض في إعداد الدراسات والأبحاث السياسية والفكرية التي تقدّم لقيادة الحزب، وسبق أن تولّى مهمّة رئاسة المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، وهو أحد أهمّ مراكز التفكير والبحث في الحزب وساهم في كتابة الوثيقة السياسية التي صدرت في عام 2009.
دعا فياض، خلال مشاركته في مؤتمر “التجدّد للوطن” بمداخلة بعنوان “لبنان في ظلّ النظام الإقليمي الجديد”، إلى “منهجية جديدة في مقاربة الأزمة اللبنانية على قاعدة تَبادل الهواجس والضمانات من أجل إعادة بناء التفاهمات الوطنية”.
دعا فياض، خلال مشاركته في مؤتمر “التجدّد للوطن” إلى “منهجية جديدة في مقاربة الأزمة اللبنانية
وقسّم مداخلته إلى ثلاثة عناوين كبرى:
– العنوان الأوّل خارجي وفحواه أنّ “المنطقة أمام صعود جيوستراتيجي لمحور المقاومة، مقابل تراجع لإسرائيل التي أصبحت أكثر ضعفاً بعد حرب غزة، وتراجع لأميركا التي فقدت قدرة إمساكها بملفّات المنطقة، فخرجت من أفغانستان، وعلى وشك الخروج من العراق بصفر نتائج”، واعتبر أنّ “المَيل الطبيعي للأمور أن يُعاد تشكيل توازنات جديدة في الشرق الأوسط لا خرائط”، وأنّ “التوتّر في المنطقة سيكون محصوراً بالصراع مع إسرائيل”.
– العنوان الثاني تشخيصيّ لواقع الحال في لبنان، وفقاً لوجهة نظر فياض طبعاً، وضَمّنه الآتي: “الصيغة اللبنانية هَشّة وبإمكانها أن تتحوّل سريعاً إلى أزمات مفتوحة، كما أنّ هذه الصيغة قويّة إلى درجة أنّه لا يستطيع أيّ مكوّن إحداث تغييرات فيها”. وتحدّث عن هواجس الطوائف اللبنانية وكيفية مقاربتها.
– العنوان الثالث هو حلّ الأزمة اللبنانية، ودائماً وفق تصوّر النائب فياض، وقد شدّد على فكرتين أساسيّتين:
– الفكرة الأولى: “إذا بَدّك تضلّ تقِلّي سلاحك بيرعبني وأنا ما بدّي سلاحك، لن نصل إلى نتيجة، لأنّ موضوع السلاح عندي هو موضوع وجودي، له علاقة بحاضري ومستقبلي. تعا نِتفاهم أنا ويّاك على وظيفة هذا السلاح، لك كلّ الحقّ كلبناني أن أتناقش أنا ويّاك في تبادل الهواجس والضمانات، ضَع هواجسك على الطاولة لأعطيك ضمانات، وأضع هواجسي على الطاولة لتعطيني ضمانات”.
– الفكرة الثانية: “تصلح علاقتنا بالحكومة اللبنانية كنموذج للاستلهام. نحن جزء من الحكومة، لكنّ للحكومة خصوصيّتها ودورها وموقعها التفاوضي وقدرتها على التحرّك، وعلى هذا الأساس أعتقد أنّ الدور التكاملي لا الاحتوائي ولا التصارعي يَصلُح نموذجاً تحتاج إليه الساحة الفلسطينية لمعالجة هذه الفجوة بين المقاومة والسلطة، ونحتاج إليه على المستوى الإقليمي لمعالجة العلاقات العربية – العربية”.
علم موقع “أساس” أنّ قيادة القوات اللبنانية بعدما اطّلعت على مداخلة الدكتور فياض وأدركت أهمّيتها اتّخذت قراراً بضرورة الردّ عليها
حوار بالمراسلة خطوة مهمة
هذه الأفكار ردّ عليها شارل جبور بشكل مفصّل طارحاً رؤية خاصة للحلّ تقوم على أساس النظام الفدرالي ونهاية مشروع لبنان الكبير.
وبغضّ النظر عن صحّة ما طرحه فياض وردود جبور عليه، فإنّ هذا الحوار بالمراسلة يشكّل خطوة مهمّة للبحث في الأزمة اللبنانية وكيفية معالجتها.
أشارت مصادر دبلوماسية عربية وغربية في بيروت إلى أنّه تمّ توجيه نصيحة مباشرة للقوات اللبنانية وقوى المعارضة بضرورة الحوار مع الثنائي الشيعي حركة أمل والحزب، وأنّ هذا هو المدخل الوحيد لمعالجة الأزمة الرئاسية وتحصين الوضع اللبناني، وأنّه بناء على هذه النصيحة تمّ تكليف أحد أعضاء كتلة القوات اللبنانية بالتواصل مع الرئيس نبيه بري وشخصيات مقرّبة منه، وأنّ وفد القوات اللبنانية خلال زيارته لقطر قبل أسبوعين لقي اهتماماً خاصاً من سفيرة لبنان في قطر فرح بري (ابنة الرئيس بري)، وأنّ ذلك ترك انعكاساً إيجابياً لدى قيادة القوات.
إقرأ أيضاً: الحزب وانتخابات أميركا: ماذا لو عاد ترامب؟
هل تذهب القوات اللبنانية إلى حوار علني وصريح مع الرئيس بري أو الحزب لمعالجة الأزمة الرئاسية ومواجهة التحدّيات المختلفة أم تضيّع هذه الفرصة وترفض الحوار العلني وتكتفي بالحوار بالمراسلة؟
لمتابعة الكاتب على X: