غير صحيح أنّ إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب بـ 34 تهمة جنائية تتعلّق بتزوير سجلّات تجارية لإسكات ممثّلة أفلام إباحية قبل انتخابات 2016 لن يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
المعركة بين بايدن وترامب دقيقة جداً
جميع استطلاعات الرأي العامّ تظهر انقساماً حادّاً في أوساط الناخبين الأميركيين على غرار الأخيرة، وتحديداً في الولايات المتأرجحة، وهو ما يشير إلى أنّ أيّ تحوّل أو انتقال لتأييد الناخبين المسجّلين من حزب إلى آخر بنسبة نصف درجة أو درجة سيحسم مصير الانتخابات.
وكما كان متوقّعاً أن تكون ردّة فعل ترامب بعد قرار الإدانة من قبل المحلّفين، فقد صبّ جام غضبه على القاضي والنظام القضائي وبايدن، متعهّداً بأن ينقل الصراع إلى الناخب الأميركي الذي سيقرّر نتيجة الانتخابات في 5 تشرين الثاني المقبل.
مناصرو ترامب سيصبحون أكثر حماسة لمرشّحهم لأنّه يتعرّض لمؤامرة من قضاء “مسيّس” متّهماً إدارة بايدن بأنّها تستعمل القضاء كأداة للتأثير في نتيجة الانتخابات الرئاسية. وهذا أيضاً شأن الحزب الجمهوري وقياداته في الكونغرس الأميركي، خصوصاً الأشخاص الذين يخافون من غضب ترامب والبعض الآخر الذي يسعى إلى وراثة شعبيّته.
غير صحيح أنّ إدانة ترامب بـ 34 تهمة جنائية لن يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة
هل يستطيع ترامب إصدار عفو عن نفسه؟
قضائياً فريق الدفاع عن ترامب سوف يستأنف القرار ويسعى إلى كسب الوقت إلى ما بعد الانتخابات المقبلة. التحقيق في هذه القضية استغرق خمس سنوات والمحاكمة سبعة أسابيع، ومن المؤكّد أنّ هناك فجوات قضائية يمكن استغلالها لإبطاء تنفيذ الحكم. فريق ترامب يتمنّى أن يصل الاستئناف إلى المحكمة العليا حيث يتمتّع المحافظون بالأغلبية، لكنّ معظم الخبراء يستبعدون ذلك بسبب الفصل الجدّي بين قضاء الولاية والقضاء الفدرالي. أمّا السؤال الذي لا يملك الإجابة عنه هو: هل يستطيع الرئيس أن يمنح نفسه العفو لأنّ الدستور غير واضح في هذا المجال؟ أثناء فضيحة ووترغيت لم يصل الموضوع للمحكمة الدستورية لأنّ الرئيس الراحل نيكسون تقدّم باستقالته وقام الرئيس فورد بالعفو عنه لاحقاً. الديمقراطيون والرئيس بايدن كانوا يأملون أن تشكّل أيّ إدانة لترامب في واحد من الاتّهامات الموجّهة إليه ضربة قاضية، لكنّ هذا لم يحصل. وفي الوقت نفسه يكابر الجمهوريون بأنّ ترامب ستزداد شعبيّته لأنّه ضحيّة لمؤامرة تقودها إدارة بايدن للحؤول دون عودته إلى البيت الأبيض.
استطلاعات الرأي، وتحديداً في الولايات المتأرجحة، تظهر تقارباً شديداً بين المرشّحين يصل إلى حدّ التعادل، وتحديداً ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن التي تظهر خارطة المندوبين للمجمّع الانتخابي أنّ على بايدن الفوز فيها جميعاً إذا أراد البقاء في البيت الأبيض.
من المتعارف عليه أنّ الشعب الأميركي يتأثّر بالمظاهر القيادية والشخصية القيادية في التفضيل بين المرشّحين
هذا الانقسام الحادّ والولايات الخمس والتقارب في الأرقام تجعل أيّ شريحة من المجتمع الأميركي مؤثّرةً، وتحديداً الأقلّيات.
من المتعارف عليه أنّ الشعب الأميركي يتأثّر بالمظاهر القيادية والشخصية القيادية في التفضيل بين المرشّحين، ومن هنا كانت صور الرئيس وإلى خلفه جنود أو وهو على متن حاملة طائرات أو أثناء استقباله رؤساء دول تعطي هالة للمرشّح. أمّا في ما خصّ ترامب فإنّ هذه الصورة اهتزّت نتيجة المشاهد التي تظهره ماثلاً أمام القضاء الذي أدانه في مدينة نيويورك، هذه المدينة التي بنى فيها أمجاده وبرجه الشهير في وسط مانهاتن. ومن المهين لترامب الذي اقترن اسمه وشهرته بنيويورك أنّه حاول نقل المحاكمة إلى ولاية أخرى لأنّ من الصعب تكوين هيئة محلّفين موضوعية تجاهه من أجل إجراء محاكمة عادلة، لكنّ القاضي رفض الطلب.
إقرأ أيضاً: مركز تكوين: القدس ليست القدس وصلاح الدين حقير
ذكر الرئيس السابق ترامب مرّة متفاخراً بمدى وفاء قاعدته الشعبية له أنّه يستطيع أن يطلق النار على شخص في شارع ماديسون الشهير في نيويورك وأتباعه لن يتخلّوا عنه. قد يكون ترامب على حقّ إذا تمّ تثبيت الحكم الصادر بحقّه دون أن يؤثّر ذلك على حظوظه الرئاسية ونجح في العودة إلى البيت الأبيض. من المؤكّد أنّ الانتخابات الرئاسية سيكون للقضاء الأميركي دور في حسمها، سواء من خلال القضايا التي اتُّهم فيها ترامب أو يوم إعلان النتائج، حيث من المتوقّع أن تكون هناك الكثير من الطعون من قبل المرشّحين في انتخابات متقاربة جداً.