“قمّة فلسطين” على أرض التطبيع؟

مدة القراءة 6 د

“هي قمّة استثنائية على الرغم من انعقادها في دورتها العاديّة الـ33 لأنّها تأتي في ظرف استثنائي حرج وتوقيت صعب”، كما جاء على لسان وكيل الخارجية البحرينية الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة. وهي قمّة فلسطين، إذ كشف مندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية السفير مهند العكلوك أنّ “القمّة ستتبنّى دعوة إلى مؤتمر دوليّ للسلام لحلّ القضية الفلسطينية يُعقد في المنامة”.

 

يجتمع الزّعماء العرب (اليوم الخميس) في “قصر الصّخير” الملكيّ في العاصمة البحرانية (المنامة) لمناقشة التحدّيات التي تُواجهها الدّول العربيّة. ليسَ أوّلها وثانيها وثالثها ما يتعرّض له قطاع غزّة والشعب الفلسطيني من عدوان إسرائيليّ وحصارٍ وتجويع، والهجوم الإسرائيليّ على مدينة رفح، وما يعني ذلكَ من مسّ بالأمن القوميّ العربيّ من بوّابة الأمن القوميّ المصريّ، ومفهوم الدّولة الوطنيّة المُهدّد بتقويض أركانه بنزاعات داخليّة تملأ الأقطار العربيّة، وميليشيات باتت تُهدّد الأمن الإقليميّ في لبنان والعراق وسوريا واليمن.

تتميّز قمّة البحرين بأنّ جدولَ أعمالها محصورٌ بالأمور التوافقيّة. إذ رفعت الاجتماعات التحضيريّة النّقاط التوافقيّة للزعماء، بعيداً عن القضايا الخلافيّة.

قمّة فلسطين

تحضُرُ فلسطين وقضيّتها والإبادة الإسرائيليّة في غزّة في مُقدَّم جدول أعمال الزّعماء العرب. من هذا المُنطلق، كشفَ مندوب فلسطين لدى جامعة الدّول العربيّة السّفير مُهنّد العكلوك أنّ القمّة ستتبنّى دعوة إلى مؤتمر دوليّ للسّلام لحلّ القضيّة الفلسطينيّة يُعقَد في المنامة.

ستكون “دعوة السّلام” هذه المرّة لإطلاق عمليّة جدّيّة ضمنَ سقفٍ زمنيّ واضح على أساس المرجعيّات الدّوليّة ومُبادرة السّلام العربيّة المُنبثقة عن قمّة بيروت 2002.

ليسَ تفصيلاً أن تنطلق هذه الدّعوة من أرض مملكة البحريْن المُوقِّعة على “اتّفاقات أبراهام” للسّلام مع إسرائيل. وليسَ تفصيلاً أيضاً أن يتضمّن بيان القمّة، التي تُعقَد برئاسة البحريْن، عبارات شديدة اللهجة في إدانة العدوان الإسرائيليّ على غزّة.

يقول الكاتب السعودي غازي الحارثي في حديث لـ”أساس” إنّ القمّة العربية التي ستنعقد في البحرين تأتي في ظرف دقيق جداً

يكشف مصدر دبلوماسي عربي لـ”أساس” أنّ من المُرتقب أن تتبنّى القمّة العربيّة مصطلح “الإبادة الجماعيّة” لوصف العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة. وهذا موقفٌ عربيّ يُعاكس تماماً الموقف الأميركيّ الذي صرّح به مستشار الأمن القوميّ جيك سوليفان، الذي يزور المنطقة بعد انتهاء أعمال القمّة مباشرةً. وجاء فيه أنّ واشنطن لا تعتبر ما يحصل بغزّة “إبادة جماعيّة”.

سيكون “الفصل السّابع من ميثاق الأمم المُتحدة” حاضراً أيضاً في البيان الختاميّ. إذ ستدعو الدّول العربيّة مجلس الأمن إلى اتّخاذ قرارٍ يُلزم إسرائيل بوقف إطلاق النّار تحت الفصل السّابع.

لن تقفَ الأمور عند حدّ الأقوال. إذ قال مندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية إنّ وزراء الخارجيّة العرب ناقشوا في اجتماعهم التحضيريّ إدراج عشرات المُنظّمات الإسرائيليّة المُتطرّفة على “لوائح الإرهاب الوطنيّة العربيّة”. كما ناقشوا إصدار قائمة العار بأكثر من 20 شخصيّة إسرائيليّة، في مُقدَّمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وذلكَ كمقدّمة لاتّخاذ إجراءات قانونيّة ضدّهم.

رفح: أمن قوميّ عربيّ

لن تغيب أيضاً قضيّة رفح عن أعمال القمّة. إذ ناقش وزراء الخارجيّة إصدار موقفٍ جامعٍ يعتبر اجتياح المدينة، التي تُؤوي أكثر من مليونَيْ نازح فلسطيني، اعتداءً على الأمن القوميّ العربيّ من نافذة الأمن القوميّ المصريّ.

القمّة العربية

كانَ موقع “أكسيوس” نقل عن مصدر أميركيّ رسميّ أنّ إدارة بايدن توصّلت إلى تفاهمٍ مع الحكومة الإسرائيليّة بعدم توسيع الهجوم على رفح قبل زيارة سوليفان للمنطقة.

تعمل الدّول العربيّة، وخصوصاً المملكة العربيّة السّعوديّة وجمهوريّة مصر العربيّة، بقوّة لمحاولة وقف أيّ اجتياحٍ إسرائيليّ واسع لرفح. إذ نقلَ الموقع الأميركيّ عن مُنسّق الشّرق الأوسط في مكتب الأمن القوميّ الأميركيّ بريت ماكغورك قوله إنّ السّعوديّة أرسلت للولايات المُتحدة أنّ اجتياح رفح سيُعرقل محادثات وجهود التطبيع مع إسرائيل.

هذا وأكّدت دولٌ عربيّة أنّها ستُعلّق “التعاون الأمني مع إسرائيل” في حال أقدَمت على تنفيذ خططها في جنوب غزّة. حاول “أساس” التّواصل مع ماكغورك، إلّا أنّه تجنّب التعليق على ما أورده “أكسيوس”.

بحسب الحارثي طالبت السعودية ودول مجلس التعاون في أكثر من مناسبة سابقة بعقد مؤتمر دولي لتنفيذ حلّ الدولتين

الحارثي: الخليج ووقف الحرب وحلّ الدّولتين

يقول الكاتب السعودي غازي الحارثي في حديث لـ”أساس” إنّ القمّة العربية التي ستنعقد في البحرين تأتي في ظرف دقيق جداً. خصوصاً مع بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، وقبل أيام من زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي للمنطقة، وهذا يعني أنّ القمّة مطالبة بتعزيز التحرّك المهمّ على الصعيد الدولي الذي حقّقته القمّة العربية الإسلامية المشتركة في تشرين الثاني الماضي بالرياض.

بحسب الحارثي طالبت السعودية ودول مجلس التعاون في أكثر من مناسبة سابقة بعقد مؤتمر دولي لتنفيذ حلّ الدولتين الذي تدعمه العديد من الدول، بينها الولايات المتحدة، باعتباره الخيار الأمثل لحلّ القضية الفلسطينية.

يرى أنّ هناك سياقاً يحظى بتأييد دولي يمكن وصفه بالواسع. وهو مبادرة السلام العربية التي أعادت السعودية إحياءها بمشاركة الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن في وقت سابق. وتمّ تأكيدها في الرياض أيضاً عبر العديد من الاجتماعات العربية مع الجانبين الأميركي والأوروبي نهاية الشهر الماضي.

إقرأ أيضاً: الخيبة العربيّة من وعود دمشق تسبق الأسد إلى المنامة

يختم الحارثي حديثه لـ”أساس” بالقول: “بالتالي أصبح وقف الحرب في غزة هو المدخل نحو أيّ خطوة أخرى في المنطقة. ومن الواضح أنّ هناك شبه إجماع عربي على تلك الخيارات التي تنتقل بوقف الحرب في غزة من وقفٍ وحسب إلى حلٍّ مستدام للقضية الفلسطينية، وما يعزّز ذلك التوجّه على سبيل المثال ربط السعودية لأيّ اتفاق مع واشنطن يتضمّن التطبيع مع إسرائيل، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما يعني أنّ أهمّ الخيارات الاستراتيجية لدى واشنطن وتل أبيب في المنطقة، باتت مرتبطة بشرط رئيسي هو وقف الحرب والاعتراف بالدولة الفلسطينية بناءً على مرجعيات حلّ الدولتين ومبادرة السلام العربية التي أُقرّت في قمّة بيروت عام 2002”.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@IbrahimRihan2

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…