لقاء معراب حول القرار 1701 “دفاعاً عن لبنان” أثار زوبعة من المواقف. بعضها يمكن تفهّمه، وبعضها الآخر غير مبرّر. كما أنّ بعضها محقّ. وبعضها الآخر مبالغ فيه. هذا في ما خصّ “الحلفاء”. أمّا في ما يتعلّق بالحزب وأبواقه من رجال سياسة ودين، فبياناتهم العالية النبرة متوقّعة. وكذلك الهجوم الذي شنّه إعلام “الممانعة” مستغلّاً البلبلة التي سبقت اللقاء.
ملاحظات في الشكل والمضمون
سبق عقد لقاء معراب بيان من النواب السابقين أحمد فتفت وفارس سعيد ومصطفى علّوش وأنطوان أندراوس. ومن خلفهم الرئيس فؤاد السنيورة. البيان أحدث بلبلة وأزعج حزب القوّات اللبنانيّة المنظِّم للّقاء والداعي إليه.
اتّصلنا ببعض الأصدقاء الذين أصدروا البيان. أثاروا ملاحظات في الشكل والمضمون.
ربّما السرعة في عقد اللقاء وتحضيره كانت المسؤولة عن الملاحظات الشكليّة. كأن تُدعى إحدى الشخصيات برسالة هاتفيّة. وهذا يمكن تجاوزه، خاصّة أنّه مبرّر بسبب السرعة التي تمّ فيها عقد اللقاء. أمّا في ما خصّ المضمون، الذي تضمّنه البيان، فيجب التوقّف عنده والنقاش فيه.
اعترض بيان النواب الأربعة على حصر اللقاء بالقرار 1701، و”هو قرار إجرائي صدر نتيجة حرب تموز 2006″، بحسب بيانهم. واعتبر أنّ “الاجتماع للضغط لتطبيق القرار 1701 من قبل لبنان لن يغيّر شيئاً في المعادلة القائمة، وقد يؤدّي تطبيق القرار بشكل قسري أو غير توافقي إلى ارتداد الحزب في الحالتين للإطباق على الداخل كثمن لعدم استطاعته تحقيق نصر في ساحة المعركة”. ولفت إلى أنّ “المعركة اليوم هي معركة استقلال وتحرير القرار الوطني من التسلّط الذي تمارسه إيران عن طريق الحزب”.
إنّ لقاء معراب حول القرار 1701 لا يعني بأيّ شكل من الأشكال دعوة إلى تراجع الحزب حتى شمال الليطاني
اقتناصاً للحظة دوليّة من أجل لبنان
اعتراض النواب الأربعة على حصر اللقاء بتطبيق الـ 1701 خاضع للنقاش للأسباب التالية:
1- صحيح أنّ القرار 1701 صدر لإيقاف حرب تموز 2006، بيد أنّه قرار أمميّ.
2- إنّ عقد لقاء حول القرار 1701، الذي يرتكز في مندرجاته على القرار 1559 (كما على القرار 1680)، لا يعني التخلّي عن المطالبة بتطبيق هذا القرار (1559). ولذلك يجب استكمال هذا النوع من اللقاءات وتوسيعها لتشمل كلّ التيارات والشخصيات المعارضة لسلاح الحزب وللمطالبة بتطبيق القرار 1559.
3- إنّ التركيز على الـ 1701 لا يحجب معركة “تحرير لبنان من الاحتلال الإيرانيّ”. بيان لقاء معراب يستصرخ الشعب اللبنانيّ “لإعادة صُنع الاستقلال وتحقيق السيادة”. بيد أنّ اللحظة الإقليميّة والدوليّة هي لتطبيق القرار 1701 الذي يطالب الدول (وفي مقدّمها إيران) بمنع تزويد “أيّ كيان أو فرد في لبنان” بالسلاح والعتاد والذخائر والتدريب.
4- إنّ لقاء معراب حول القرار 1701 لا يعني بأيّ شكل من الأشكال دعوة إلى تراجع الحزب حتى شمال الليطاني و”الإطباق على الداخل”. فهو “رفض الجزر الأمنيّة” و”السلاح خارج مؤسّسات الدولة الأمنيّة”. والقوات هو الطرف الأكثر ثباتاً في مواجهة الحزب وسلاحه. لم يقم يوماً بـ”ربط نزاع” معه. لذلك يستمرّ دعم المملكة العربيّة السعوديّة لها ولمواقفها، وهو ما تجلّى في زيارة السفير وليد البخاري الأخيرة لسمير جعجع وتقديمه له عباءة سعوديّة كهديّة لها رمزيّتها.
الالتباس حول الطّائف
ربّما النقطة الأبرز التي يجب التوقّف عندها جيداً، خاصّة من قبل معراب، هي تركيز بيان النواب الأربعة على “الطائف”. فقد دعا إلى “الالتفاف حول اتفاق الطائف، والتأكيد على الالتزام به…”. وهنا أيضاً لا بدّ من توضيح بعض النقاط:
1- إنّ الطائف في الأساس هو اتّفاق لوقف الحرب في لبنان، وفي هذه النقطة يشبه إلى حدّ ما القرار 1701. وفيما بعد أصبح دستوراً للبلاد.
لقاء معراب حول القرار 1701 “دفاعاً عن لبنان” أثار زوبعة من المواقف بعضها يمكن تفهّمه، وبعضها الآخر غير مبرّر
2- إنّ دستور البلاد، أيّ بلاد، ليس “كتاباً مُنزلاً” لا تجوز مناقشته وإعادة النظر فيه. هذا في المُطلق. أمّا في الحالة اللبنانيّة فالأمر مختلف. وهنا ننتقل إلى النقطة الثالثة.
3- إنّ الدعوة إلى إعادة النظر في الطائف في هذا الوقت بالذات “ليست إلّا إلهاءات تتسبّب بتسعير الخلافات الداخلية لدى القوى السيادية في لبنان وتضعف وحدة القوى الساعية إلى الاستقلال”، كما جاء في بيان النواب السابقين. وهم على حقّ. وربّما كان هذا أحد الأسباب التي كانت خلف مقاطعتهم لقاء معراب.
4- يجب على القوات توضيح خطابه في ما خصّ الطائف وكلام رئيسه عن أنّ “التركيبة مش شغّالة”. فهو كلام حمّال أوجه. وقد تمّ تأويله وتحميله الكثير. قيادات في الحزب أصبحت تعي ضرورة توضيح هذا الكلام.
5- إنّ كلام بيان النواب السابقين عن “الطلاق” و”الانفصال الكامل” مبالغ فيه. فهو لا يعدو كونه كلاماً أو انفعالاً ردّاً على حدثٍ ما.
السؤال ماذا بعد لقاء معراب؟
اللقاء لن يكون يتيماً. حزب القوات اللبنانيّة يدرس الخطوة التالية. وهذا يتطلّب:
1- من قِبل معراب إزالة الإشكالات في الشكل والمضمون التي رافقت اللقاء حول الـ “1701 دفاعاً عن لبنان”. وربّما اختيار مكان آخر للّقاء.
إقرأ أيضاً: اجتماع معراب: إنهاكٌ فقط أم انقسام؟
2- إقرار باقي الأطراف المعارضة بأنّ القوات اللبنانيّة هي الطرف الأساسي بينها، والتعامل معها على هذا الأساس.
إنّ استمرار المعارضة في هذ التشتّت والتفكّك خطر عليها وعلى لبنان. اجتماعها في إطار جبهة أو لقاء أو تحت أيّ مسمّى آخر ضرورة ملحّة لإعلاء الصوت في الداخل وإسماعه للخارج. من دونه سيستمرّ الحزب مُطبقاً على البلاد ومُحكِماً لسيطرته عليها، وسيقودها إلى ما هو أخطر بكثير أمنيّاً وسياسياً واقتصادياً.
لمتابعة الكاتب على X: