بين ردّ إيران الضخم على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا، وردّ إسرائيلي محدود على الردّ الإيراني. تتّجه المنطقة كلّها، بحسب مصادر مطّلعة على أجواء قوى الممانعة، إلى ما يشبه حرب الاستنزاف الطويلة. إلى حين وقف الحرب على قطاع غزة والوصول إلى تفاهمات بشأن كلّ الملفّات العالقة.
انشغل العالم كلّه خلال الأسبوع الأخير بتقويم ردّ إيران على إسرائيل ونتائجه وانعكاساته المستقبلية على الأوضاع في المنطقة. خصوصاً على الحرب في غزّة والخيارات المحتملة التي يمكن أن تلجأ إليها كلّ الأطراف، سواء قوى الممانعة أو الكيان الصهيوني.
عمد العديد من مراكز الدراسات والأبحاث القريبة من طهران وقوى الممانعة إلى إجراء مراجعة كاملة لكلّ ردود الفعل التي حصلت وما نُشر من مقالات ودراسات وأبحاث حول ردّ إيران وانعكاساته المختلفة. وذلك لتقويم طبيعة المرحلة المقبلة ومعرفة اتّجاهات الصراع في المنطقة.
كما عُقدت عدّة اجتماعات في طهران وبيروت بين قيادات إيرانية وفلسطينية وعربية وإسلامية من أجل تقويم التطوّرات وتحديد الخيارات العملية في مواجهة أيّ تصعيد إسرائيلي متوقّع على كلّ الجبهات وليس فقط على الجبهة الإيرانية – الإسرائيلية.
هذا ما خلصوا إليه
يمكن تلخيص أهمّ ما تمّ التوصّل إليه من خلاصات بشأن تقويم ردّ إيران على إسرائيل والاحتمالات المتوقّعة للمرحلة المقبلة، على الشكل الآتي:
1- شكّل الردّ الإيراني نهاية لما كان يُسمّى “الصبر الاستراتيجي”. وأدخل إيران إلى المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني التي يمكن أن تتطوّر إلى مواجهات مختلفة في المرحلة المقبلة. كما حصل في الردّ الإسرائيلي المحدود. ويمكن أن نشهد المزيد من العمليات الأمنيّة التي قد تستهدف إيران ومصالحها.
2- ما جرى سيدفع المنطقة إلى مواجهات جديدة على كلّ الجبهات: في غزة وجنوب لبنان والعراق واليمن. وقوى الممانعة معنيّة بأن تكون جاهزة لكلّ الاحتمالات والخيارات الميدانية.
بين ردّ إيران الضخم على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا، وردّ إسرائي المحدود على الردّ الإيراني. تتّجه المنطقة كلّها، إلى ما يشبه حرب الاستنزاف الطويلة
3- على الرغم من الحرص الأميركي والأوروبي على عدم السماح بالذهاب إلى حرب شاملة في المنطقة وضبط الصراع الإيراني – الإسرائيلي… فلا شيء يمنع من تدهور الأوضاع نحو هذه الحرب في ظلّ الفشل الإسرائيلي في تحقيق أيّ هدف من الأهداف التي وضعها للحرب على قطاع غزة والجبهات الأخرى. فيما يواجه تحدّيات داخلية كبيرة.
4- حتى الآن فشلت كلّ المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وهو ما يجعل احتمال التصعيد قائماً، خصوصاً على احتمال اقتحام رفح. وفي المقابل تتّجه قوى المقاومة الفلسطينية نحو المزيد من التصعيد وهي قادرة على المزيد من الصمود، ولن تقدّم أيّة تنازلات للعدوّ الصهيوني.
إستنفار إعلامي في قوى الممانعة
5- لا بدّ من تكثيف الجهود الإعلامية والشعبية والسياسية لمواكبة هذا التصعيد. من أجل تعزيز دور قوى المقاومة وكشف كلّ المحاولات الهادفة لزرع الخلافات بين هذه القوى أو توهين قدرات المقاومة.
6- تشكّل المعركة الأمنيّة والمخابراتية أحد أهمّ وجوه الصراع. وقد تزداد العمليات الأمنيّة، سواء داخل إيران أو على بقيّة الجبهات. الأمر الذي يتطلّب المزيد من اليقظة والانتباه والحذر.
7- من المهمّ الاستفادة من المتغيّرات الحاصلة في مواقف بعض الدول العربية والإسلامية. مثل الموقف التركي بعد الانتخابات المحلّية الأخيرة، التي تعزّز موقف قوى الممانعة.
إقرأ أيضاً: ضربة إسرائيل في أصفهان وصفعة الفيتو في نيويورك
في الخلاصة تستمرّ حرب الاستنزاف وتبقى احتمالات التصعيد مفتوحة على كلّ الجبهات. إلا إذا قرّرت الإدارة الأميركية وقف هذا التصعيد والضغط على الكيان الصهيوني لوقف الحرب على قطاع غزة. لأنّ هذا هو الخيار الوحيد لمنع التصعيد.