في موازاة الحرب العسكرية التي تخاض في قطاع غزة وعلى الجبهات اللبنانية والعراقية والسوريّة واليمنيّة. والتي قد تنضمّ إليها إيران لاحقاً… هناك حروب أخرى تخاض أيضاً على الصعد الأمنيّة والإعلامية. وهي شكّلت وستشكّل خطراً كبيراً متصاعداً مع الأيام.
فما هي طبيعة هذه الحروب؟ وما هي مخاطرها الحاليّة والمستقبلية؟
تقول مصادر مطّلعة على أجواء الحرب الدائرة على كلّ الجبهات لـ”أساس” إنّ الحرب الأمنيّة أخطر بكثير من الحرب العسكرية لأنّها تركّز على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لأصحاب القرار العسكري والسياسي. وفي ضوء ذلك يتمّ اتّخاذ القرار المناسب في تنفيذ أيّة عملية عسكرية، كما يحصل في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وكما يحصل في لبنان وسوريا وفي العراق وإيران.
تكشف هذه المصادر أنّ العدوّ الإسرائيلي لا يتوقّف عن جمع المعلومات وتحليلها عبر كلّ الوسائل المتوافرة لديه. ويعتمد على المصادر الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وكلّ التقنيات الحديثة. إضافة إلى شبكات العملاء المنتشرة في معظم هذه الدول التي تتولّى مهمّات التنفيذ أحياناً. وأنّ كلّ العمليات التي نفّذها الجيش الإسرائيلي اعتمدت على معلومات تمّ جمعها وتحليلها طوال السنوات الماضية. وتتمّ أيضاً اليوم مواكبة المتغيّرات على الأرض. وأنّ عملية استهداف مستشفى الشفاء الأخيرة في قطاع غزة تمّت بعد مراقبة متواصلة من قبل الجيش الإسرائيلي منذ أن خرج هذا الجيش من المستشفى بعد الهجوم السابق. وتمّ تنفيذ الهجوم الجديد بعد توافر معلومات جديدة عن إعادة تشغيله وعمّا يجري داخله.
تضيف هذه المصادر العليمة أنّ عمليات اغتيال عدد من مسؤولي حرس الثورة الإسلامية في القنصلية الإيرانية في دمشق هي حصيلة عملية مراقبة ومتابعة من قبل العدوّ الإسرائيلي.
إضافة إلى الحرب الأمنيّة والعسكرية هناك جبهة أخرى لا تقلّ خطورة وهي الحرب النفسية والإعلامية
من خلال جمع المعلومات الكاملة عن دور هؤلاء المسؤولين وأدائهم. وهذا ما يجري أيضاً في جنوب لبنان حيث يقوم العدوّ الإسرائيلي باستهداف كوادر المقاومة بناء على معلومات عن أدوارهم ونشاطاتهم وتحرّكاتهم. وكلّ ذلك يكشف خطورة الحرب الأمنيّة الدائرة اليوم في كلّ الجبهات. وقيادة المقاومة تدرك خطورة ما يجري وتتابع هذه الحرب وتقوِّم نتائجها من أجل مواجهتها والعمل على تعطيل الأهداف الإسرائيلية.
الحرب الإعلاميّة
إضافة إلى الحرب الأمنيّة والعسكرية، هناك جبهة أخرى لا تقلّ خطورة. وهي الحرب النفسية والإعلامية. فقد رصدت المصادر المطّلعة إنشاء عشرات الحسابات الوهمية التي تقوم بالتحريض على المقاومة. إضافة إلى إشعال حرب إعلامية بأسماء شخصيات وهمية تتولّى التحريض على قيادات دينية أو على أتباع طوائف ومذاهب معيّنة. ثمّ يتمّ الردّ عليها بأسماء أخرى وهمية لإيجاد شرخ إسلامي – مسيحي أو مسيحي – شيعي. وحتّى نشر تهديدات ضدّ شخصيات معارضة للمقاومة بهدف التحريض عليهم.
تشير هذه المصادر إلى أنّ بعض الحملات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي يتمّ تمويلها من خلال بعض الإعلانات من جهات محلّية غير معروفة أو من جهات خارجية. وأنّ بعض المؤسّسات والهيئات اللبنانية تلقّت اتصالات خارجية لتقديم دعم ماليّ لها من أجل إطلاق حملات ضدّ الحرب وضدّ المقاومة.
إقرأ أيضاً: نقاشات الحزب بعد الحرب: السلاح باقٍ.. وانفتاح على العرب
تختم المصادر لـ”أساس”: “هناك جهود كبيرة تُبذل اليوم من أجل زيادة الشرخ والانقسام الداخلي تحت عناوين مختلفة. وهي تشبه مرحلة ما قبل الحرب الأهلية في عام 1975. وكذلك المرحلة التي سبقت العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 1982. وكلّ ذلك يتطلّب المزيد من الوعي من كلّ الجهات المعنيّة والمسؤولة، وعدم الانجرار وراء سجالات وحملات إعلامية متبادلة، والبحث عن كيفية معالجة القضايا الخلافية عبر الحوار المباشر وحلّ الأزمات الداخلية بالتوافق، وإلّا فسنكون أمام مخاطر كبرى في المرحلة المقبلة”.
*كتب هذا المقال قبل الأحداث الأخيرة..
لمتابعة الكاتب على X: