الموازنة: المجلس الدستوري علّق 9 مواد… فهل يعلّقها كلّها؟

مدة القراءة 5 د

يقترب موعد بتّ المجلس الدستوري بالطعون المقدّمة ضدّ بعض الموادّ في “قانون الموازنة”. إذ يُنتظر أن يعلن المجلس الدستوري قراره النهائي في غضون أسبوع، أي مطلع شهر نيسان. وذلك مع انقضاء المهلة التي يحدّدها القانون، ومدّتها شهر من تاريخ التقدّم بالطعن أمام المجلس المذكور.

 

 

 

بحسب القانون، يُصبح المجلس الدستوري في حالة انعقاد فوريّ عند تبلّغه الطعن (وهو ما حصل بالفعل في حينه). وذلك من أجل اتّخاذ قرارٍ من اثنين:

– تعليق موادّ في قانون الموازنة، ريثما يبتّ أساس الطعن.

– استمرار العمل بقانون الموازنة لأنّ مدّة بتّ الطعن لا تتعدّى شهراً.

ما هي الموادّ المطعون بها؟

أمّا المواد التي طُعن بها في الموازنة فهي 14 مادّة، عُرف منها 9 موادّ. وهي الموادّ 10و39 و40 و56 و69 و83 و86 و87 و91. وذلك إلى حين يبتّ المجلس الدستوري المراجعة. وتلك الموادّ تتعلّق بالشؤون التالية:

1- المادّة 10 تتعلّق بحظر إعطاء سلفات خزينة خلافاً لأحكام الموادّ 203 ولغاية 212 من قانون المحاسبة العمومي. وهي المادّة التي كانت الحكومات تستند إليها من أجل الإنفاق من خارج بنود الموازنة العامّة.

2- المادّة 39 تتعلّق بتعديل المادّة 3 من قانون رقم 273/ 2001. أي قانون طابع المختار الذي جعل قيمة الطابع 50 ألف ليرة، ولاقى اعتراضات من المخاتير في كلّ المناطق اللبنانية.

3- المادّة 40 التي تتحدّث عن إلزامية وضع “طابع المختار” المذكور على المعاملات، وهو تدبير لا علاقة للموازنة به بوصفها قانوناً ماليّاً.

4- المادّة 56 تتعلّق بإمكانية تأجير أملاك الدولة الخصوصية من خلال مزايدة عمومية يتمّ تنظيمها، وفقاً لقانون الشراء العامّ. واستناداً إلى دفتر شروط خاصة يضعه وزير المال مع الوزير المختصّ. وهو بدوره تدبير بعيد عن الإجراءات الماليّة التي تخصّ الموازنة.

يؤكّد الخبراء أنّ البنود والموادّ المطلوب إبطالها قابلة للتجزئة عن باقي بنود الموازنة. وفي هذه الحالة سيكون الإبطال جزئيّاً، فيطال الموادّ نفسها فقط

5- المادّة 69 تتعلّق بإعفاء السيارات الكهربائية من الرسوم خلال السنوات الخمس المقبلة، و70 في المئة من رسم التسجيل، ورسم الميكانيك للمرّة الأولى فقط. وكذلك إعفاء السيارات الهجينة (Hybrid) بنسبة 80 في المئة من الجمارك و70 في المئة من رسوم التسجيل… وهذا البند علاوة على أنّه إجراء يجب أن يُدرج بقانون منفصل. لا يأتي على ذكر السيارات الكهربائية أو تلك الهجينة التي دخلت قبل إقرار الموازنة.

6- المادّة 83 تتعلّق بفرض رسوم على الشاحنات الأجنبية العاديّة والمبرّدة المعدّة للشحن الدولي للبضائع (بحاجة إلى قانون منفصل).

7- المادّة 86 التي علّقها المجلس الدستوري تتعلّق بخفض معدّل الضريبة على أرباح التفرّغ عن العقارات بصورة استثنائية إلى 1 في المئة لمدّة تنتهي في 31 كانون الأول 2026 (بحاجة إلى قانون منفصل).

8- المادّة 87 تتعلّق بإجراء تسوية على التكاليف غير المسدّدة المتعلّقة بضريبة الدخل وبالضريبة على القيمة المضافة المقدّمة أمام لجنة الاعتراضات (بحاجة إلى قانون منفصل).

9- المادّة 91 المتعلّقة برسوم الجامعة اللبنانية والتي تُنيط بمجلس الجامعة تعيين الرسوم السنوية على أن تخضع لمصادقة وزير التربية. وهو إجراء إداري.

ما مصير الموازنة بعد الطعن؟

بعدما قرّر المجلس الدستوري تعليق تلك الموادّ بشكل مؤقّت، تواردت أسئلة إلى أذهان بعض اللبنانيين: في حال رفض المجلس تلك الموادّ هل يؤدّي الأمر إلى تعطيل الموازنة كاملة أم لا؟ وفي حال كان الرفض جزئيّاً هل يحقّ للحكومة إجراء تعديلات على تلك الموادّ؟

يؤكّد الخبراء أنّ البنود والموادّ المطلوب إبطالها قابلة للتجزئة عن باقي بنود الموازنة. وفي هذا الصدد، يؤكد وزير الداخلية الأسبق والمحامي زياد بارود لـ”أساس” أنّ الإبطال إذا كان جزئيّاً، فسوف يطال الموادّ نفسها فقط، وبالتالي تُسحب تلك البنود أو المواد من قانون الموازنة، وتُعتبر كأنّها لم تكن ومن دون أي حاجة إلى العودة إلى الحكومة أو لمجلس النواب من أجل تعديل قانون الموازنة…. وهو ما اكدت عليه مصادر مجلس الوزراء لـ”أساس” أيضاً.

المهل تفرض على المجلس الدستوري إصدار قراره النهائي في الطعون في غضون الأسبوع المقبل على أبعد تقدير

أمّا إذا كان إبطال بعض الموادّ يؤدّي إلى تعطيل قانون الموازنة كاملاً، فعندها يكون الإبطال كليّاً… وهذا أمر مستبعد بحسبما يكشف النائب عن كتلة “الجمهورية القويّة” رازي الحاج لـ”أساس”. إذ يقول إنّ المهل تفرض على المجلس الدستوري إصدار قراره النهائي في الطعون في غضون الأسبوع المقبل على أبعد تقدير. مرجّحاً أن يعمد المجلس إلى إلغاء بعض الموادّ، وليس إلى تعليق الموازنة كاملة.

ينفي الحاج أن تؤثّر تلك الموادّ على إيرادات الموازنة. وهو الأمر نفسه الذي أكّده رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان. الذي اعتبر أنّ تلك الموادّ المطعون بها “ثانوية” ولن تؤثّر على إيرادات الدولة بخلاف ما يحاول البعض إيهام الرأي العامّ. مشيراً إلى أنّ تلك الموادّ هي من “فرسان الموازنة”.

إقرأ أيضاً: لغز استقرار الليرة في لبنان: ماذا لو هبّت العاصفة؟

وفرسان الموازنة التي تُسمّى باللغة الفرنسية وفق الاجتهاد الدستوري cavaliers budgétaires، هي موادّ أو بنود لا تمتّ إلى الموازنة العامّة بشيء. أي ليست لها صفة ماليّة أو ضرائبية. خصوصاً إن كانت تلك النصوص أو البنود قد دُسّت في قانون الموازنة العامّة بهدف تعديل قانونٍ آخر سبق إقراره. لأنّ بذلك يكون المشرّع قد خرج عن أصول التشريع، ويهدّد بإلحاق الضرر بمصالح المواطنين.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@emadchidiac

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…