شغلت زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا إلى دولة الامارات العربية المتحدة الساحة السياسية والدبلوماسية في لبنان بخاصة مع تضارب الرواية المحيطة بهذه الزيارة وما إن كانت حققت اهدافها أو أنها باءت بالفشل.
هل ستكون زيارة صفا إلى الامارات بداية صفحة جديدة بين الحزب ودول الخليج أم أنها خطوة في مسار آخر لن يتجاوز الجانب الإنساني؟
لم يكن الإعلان عن زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا للإمارات متّفقاً عليه. كان الاتفاق أن يصار إلى ترتيب الزيارة وإحاطتها بالسرّية إلى أن يُطلق سراح الموقوفين ويعودون إلى ديارهم في لبنان. أُوكلت المهمّة إلى جهة إعلامية للكشف عن المهمّة الموكل بها صفا، وهو ما عكّر صفو الصفقة. تسبّب الخبر في إثارة ضجّة واسعة وبلبلة في صفوف حلفاء الإمارات وكان محلّ استغرابهم. رُفعت صور صفا “الأمين” على طول طريق مطار رفيف الحريري الدولي ترحيباً بعودته وعربون شكر مقدّماً. زيارة أمنية لا يمكن فصلها عن السياسة. عودة العلاقات هي العامل الأهمّ.
عاد وفيق صفا بينما بقي الموقوفون رهن زنزاناتهم بانتظار المراجعة القضائية. وهو ما تسبّب ببلبلة لدى الحزب الذي سبق أن تبلّغ أنّ كلّ شيء قد تمّ إنجازه لإطلاق سراحهم. كان الموضوع مثار بحث وتدقيق منذ ستّة أشهر إلى أن نضجت الاتصالات وتمّ الاتفاق على زيارة صفا. فحضر مندوبان أمنيان من الإمارات لاصطحاب مسؤول الحزب الأمنيّ ورفيقه رجل الأعمال الطرابلسي على متن طائرة حكومية إماراتية. انطلقت الرحلة وحلّقت معها التحليلات حول الأبعاد.
لم يكن الإعلان عن زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا للإمارات متّفقاً عليه
مفاجأة بوجه صفا في الإمارات
منذ فترة فتحت قناة أمنيّة إماراتية علاقة مباشرة مع الحزب. فوجئ الحزب بالاندفاعة الإماراتية، ولغاية اليوم لم يُعرف سبب إصرارهم على العلاقة المباشرة بعدما كانت هناك قنوات تواصل مختلفة انسحبت فجأة من المشهد. وفجأة أرسلت الإمارات بأنّها على استعداد بالتفاوض لإطلاق سراح الموقوفين اللبنانيين في سجونها. لم يعرف الحزب السبب والخلفيّات، خاصة أنّ وساطتين سبق أن فشلتا تولّاهما رئيس مجلس النواب نبيه بري ثمّ المدير العامّ للأمن العامّ السابق عباس إبراهيم. أحرجوا الأوّل وأخرجوا الثاني وأصرّوا لاحقاً على مفاوضات مباشرة مع الحزب، ولمس الحزب مؤشّرات إيجابية في هذا الاتّجاه.
تواصلوا مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي أرسل لقيادة الحزب تأكيداً لرغبة المسؤولين في الإمارات إقفال ملفّ الموقوفين اللبنانيين لديهم. ثمّ جاء الاتفاق على زيارة وفيق صفا بعد موافقة طهران على أساس أنّ كلّ الترتيبات انتهت لإتمام إطلاق سراحهم. وصل صفا إلى الإمارات ليفاجأ بإبلاغه أنّ الإفراج عنهم يلزمه إنهاء بعض الإجراءات القضائية، وهذا كان موضع استغراب خاصة أنّ الإمارات كانت أبلغت أنّ الترتيبات القضائية سبق أن أُنجزت. الأمر الذي فُسّر على أنّه استياء إماراتي من طريقة التعاطي مع الملفّ وإعلانه وتظهيره بالشكل الذي حصل، وهو ما يكون قد أحرجها أمام حلفائها في لبنان. فتعرقل الملفّ وأبلغت الإمارات صفا أنّ المحكومين يحتاجون إلى استكمل اجراءات المحكمة لتطلق سراحهم. فشلت المهمّة بسبب التسريب أو جُمّد تنفيذها إلى ما بعد عيد الفطر وربّما عيد الأضحى. التاريخ لم يعد مهمّاً، والأهمّ أنّ ما جرى خلّف استياء في أوساط الحزب.
من جهته، الكاتب السياسي الاماراتي عبد الخالق عبد الله المقرب من دوائر القرار في الإمارات وفي تغريدة له على منصة “إكس” كتب: “الإمارات تعاملت مع حزب إيران في لبنان عبر وفيق صفا الذي عاد حاملاً 3 مطالب إماراتية محقة لاطلاق سراح جواسيسه:
1- اعتراف صريح أنّ الموقوفين عملوا لصالح الحزب.
2- تعهد بعدم تكرار أعمال تجسسيّة في الإمارات.
3- وقف تهديدات الحزب ضد مصالح إماراتية”.
منذ فترة فتحت قناة أمنيّة إماراتية علاقة مباشرة مع الحزب. فوجئ الحزب بالاندفاعة الإماراتية، ولغاية اليوم لم يُعرف سبب إصرارهم على العلاقة المباشرة
في الإمارات لم يناقش صفا إلا موضوع الموقوفين دون التطرّق إلى أيّ شأن سياسي آخر. ولكن هل تفتح زيارته خطّاً باتجاه البحث السياسي؟ الجواب على السؤال ليس سلبياً في أوساط الحزب، خاصة أنّ موضوع إطلاق سراح الموقوفين لم يجرِ بناء على شروط متبادلة من الطرفين. وهو ما يعزّز احتمال أنّ القناة الأمنيّة قد تكون مدخلاً إلى السياسة، لكنّ هذا لم يحصل في الوقت الراهن.
البخاري واللجنة الخماسية
يحمل ما شهدته العلاقة مع الإمارات على السؤال عن علاقة الحزب مع المملكة العربية السعودية في ظلّ معلومات تتحدّث عن وجود رسائل إيجابية في الاتجاهين. وجود السفير السعودي وليد البخاري في عداد سفراء الخماسية في الزيارة المرتقبة لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة بعد عيد الفطر. مؤشّر إيجابي لكونها المرّة الأولى التي يسجَّل فيها لقاء مباشر بين الجهتين. السفير الإيراني وخلال زيارته للسفير السعودي وليد البخاري نقل عنه كلاماً عن براغماتية الحزب. ومن ناحية الحزب كان واضحاً تحييد الأمين العام السيد حسن نصر الله للسعودية عن خطاباته منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة.
إلا أنّ مصادر دبلوماسية مطلعة أكّدت لـ”أساس” أنّ السفير البخاري لن يكون ضمن أي وفد من الخماسية يزور كتلة الوفاء للمقاومة.
إقرأ أيضاً: وفيق صفا عاد إلى بيروت.. والموقوفون قبل العيد..
بغضّ النظر عن نتائج زيارة الحاج وفيق للإمارات على مستوى إطلاق الموقوفين. وهي خطوة ستنجز على الأرجح فإنّ الزيارة بحدّ ذاتها فتحت صفحة جديدة في العلاقة بين الحزب والإمارات بانتظار دول الخليج عموماً. فالسفير القطري لم ينقطع عن التنسيق معهم، وقد شملتهم دعوة وجّهها إلى المسؤولين اللبنانيين لزيارة الدوحة لمناقشة الملفّ الرئاسي اللبناني.