ليبراسيون: أنفاق الحزب أكثر تعقيداً من أنفاق غزّة

2024-02-23

ليبراسيون: أنفاق الحزب أكثر تعقيداً من أنفاق غزّة

حفر الحزب على مدار 30 عاماً، وبمساعدة تكنولوجيّة كوريّة شماليّة، مئات الكيلومترات من أنفاق ربّما تمتدّ إلى سوريا وإسرائيل، ويراوح عمقها ما بين 40 و80 متراً، وهي “أكثر تعقيداً وخطورة” من أنفاق حركة حماس تحت قطاع غزة.

أكد تقرير للورانس ديفرانو المتخصّصة في شؤون آسيا، وخاصة الصين، نشرته صحيفة ليبراسيون  الفرنسية إن “الحزب الذي يتمتّع بقوّة عسكرية أكبر بكثير من قوة حماس، قام منذ سنوات ببناء شبكة عسكرية تحت الأرض أكثر تطوّراً من تلك الموجودة في غزة، يبلغ طولها عدّة مئات من الكيلومترات، ولها تشعّبات تصل إلى إسرائيل وربّما إلى سوريا”.

التقرير الذي استهلّته ديفرانو بالإشارة إلى الفيديو الذي بثّه الحزب على موقع X بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، والذي “يصوّر كابوساً إسرائيلياً آخر: هو هجوم، وهمي، على الجليل في إسرائيل تنفّذه وحدة الرضوان عبر نفق من لبنان”، نقلت عن الجنرال أوليفييه باسوت، الباحث المساعد في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية ورئيس الاتصال السابق لقوة الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان، أنّ “الجماعات الفلسطينية التي لجأت إلى لبنان بدأت في وقت مبكر من الستينيات، وربّما حتى قبل ذلك، بحفر هذه الأنفاق إلى أن أتى الحزب وتولّى زمام الأمور.

لكن لم يكن هناك من مجال للحفر في الرمال ووضع الخرسانة كما فعلت حماس في وقت لاحق لإنشاء “مترو غزة”، الذي سيشمل ما يقرب من 1,000 كيلومتر من الأنفاق، بحسب بيار رزوق، الباحث في مؤسّسة البحر الأبيض المتوسط ​​للدراسات الاستراتيجية. ففي جنوب لبنان، كان يجب حفر الصخور يدويّاً بآلات ثقب الصخور أو بآلات هيدروليكية أقلّ ضجيجاً، حيث يمكن لكلّ عامل حفر 15 متراً في المتوسّط شهريّاً. وهي استراتيجية قديمة قدم الحرب “حيث وجدت الجيوش التقليدية نفسها في مواجهة خصوم يستخدمون شبكات تحت الأرض، مثل الأنفاق التي بناها اليابانيون على الجزر الصغيرة في نهاية حرب المحيط الهادئ، والهياكل الجوفية للفيتكونغ في فيتنام، وشبكات الكهوف في أفغانستان ومالي، أو في المناطق الحضرية مثل الفلّوجة أو الرقّة أو غزة”.

حفر الحزب على مدار 30 عاماً، وبمساعدة تكنولوجيّة كوريّة شماليّة، مئات الكيلومترات من أنفاق ربّما تمتدّ إلى سوريا وإسرائيل

خبرة كوريا الشماليّة

بحسب الصحيفة، يعتقد باحثو مركز أبحاث ألما الإسرائيلي، الذي حقّق اعتماداً على مصادر مفتوحة (خرائط على الإنترنت، ومقاطع فيديو لأعمال، وصور شاحنات صغيرة في تقاطعات تحت الأرض، وغير ذلك) في ما سمّاه “بلد الأنفاق” في تقرير نُشر في عام 2021، أنّ “الحزب بدأ بحفر تلك الأنفاق في الثمانينيات، وتسارع الأمر في نهاية التسعينيات، من أجل الاستعداد لأيّ عملية إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية”. ويضيفون أنّ الحزب وضع بعد حرب لبنان الثانية في عام 2006 خطّة دفاعية في حالة حدوث هذا الغزو الإسرائيلي تشمل عشرات المراكز العملياتية المجهّزة بشبكات محلّية تحت الأرض، وأنفاقاً تربط بين المراكز العصبيّة في بيروت والبقاع وجنوب لبنان. في هذه المنطقة الأخيرة وحدها، وضع الباحثون على الإنترنت الطريق المفترض لنفق بطول 45 كيلومتراً.

أنفاق

وفي مقابلة مع صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في كانون الثاني الماضي، أكّد مدير مركز ألما تال بيري أنّ “هناك أدلّة على أنّ كوريا الشمالية، التي لديها خبرة تاريخية في حفر الأنفاق في المناطق الجبلية والصخرية، ساعدت الحزب في حفر هذه الأنفاق تحت إشراف شركة جهاد البناء”. ووفقاً للباحثين الإسرائيليين، وكما في قطاع غزة، هناك “أنفاق قريبة”، وهي ممرّات بسيطة من شأنها أن تسمح لقوات النخبة الشيعية بتنفيذ هجمات على المعسكرات الإسرائيلية، كما في الفيديو الذي نشره الحزب، و”أنفاق تكتيكية” أوسع، مصمّمة لإطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية القصيرة المدى فتح 110 من تحت الأرض. وفي تقرير نشره في حزيران 2023، أشار مركز ألما أيضاً إلى وجود “أنفاق متفجّرة” تمّ حفرها تحت نقاط استراتيجية ومغلقة تُركت دون أيّ نشاط يمكن اكتشافه لسنوات، وهي مليئة بالمتفجّرات التي يمكن إشعالها في اللحظة المناسبة لإحداث زلزال وانهيارات أرضيّة وطوفان من الأتربة والصخور المدمّرة والمرعبة، وهو تكتيك استُخدم على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى.

الحزب بدأ بحفر تلك الأنفاق في الثمانينيات، وتسارع الأمر في نهاية التسعينيات، من أجل الاستعداد لأيّ عملية إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية

أطنان من الإسمنت

يوضح التقرير أنّ إسرائيل اكتشفت في كانون الأول 2018 ستّة “أنفاق هجومية” محفورة بعمق حوالي أربعين متراً تحت الخطّ الأزرق، اخترقت عدّة مئات من الأمتار تحت الأراضي الإسرائيلية وتمّ تحديد مواقعها بواسطة أجهزة الاستشعار الصوتية والزلازل. ويروي باسوت الذي تمكّن خلال فترة مهمّته في لبنان من زيارة النفق الوحيد الذي تمكّن الإسرائيليون من دخوله: “كان يمكن الوقوف في النفق وكان لا يزال قيد الإنشاء، حيث تمّ ترك مثقاب، وكانت هناك كابلات كهربائية، ونظام تهوية”.

كما يوضح التقرير أنّه من خلال قصف إسرائيل في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر جنوب لبنان بقنابل الفوسفور الأبيض بهدف إشعال النار في غابات الصنوبر للكشف عن مخارج تحت الأرض، تمّ تصوير ما لا يقلّ عن عشرة أنفاق وقصفها، وهو ما أدّى إلى ضغط مفرط وانهيار أرضي على بعد أمتار قليلة. لكن بالنسبة إلى باسوت، حتى لو أنكرت السلطات اللبنانية وجود هذه الأنفاق، فإنّ مداخلها الأكثر أهمّية ستكون مخفيّة داخل الممتلكات الخاصة، مثل المزارع الكبيرة أو المصانع، وهو ما يتيح جلب الآلات وإخلاء الأرض دون جذب الانتباه.

إقرأ أيضاً: جولة داخل أكبر قاعدة استخباريّة في العالم

غير أنّ الهجوم البرّي الإسرائيلي، الذي يهدّد به بنيامين نتنياهو إذا لم تتوقّف هجمات الحزب على شمال إسرائيل، سيواجه، كما يحذّر التقرير، وعلى غرار ما يحدث في غزة، جيشاً سرّياً مجهّزاً جيّداً وتهديداً دائماً وغير مرئي. وهذا يفسّر تأجيل الإنذار النهائي الذي أُعطي للحزب في كانون الثاني، حتى نهاية شباط. ووفقاً لمصدر عسكري فإنّ عدم معرفة ما يحدث تحت الأرض تمنح حرّية العمل للقوّة التي تعرف كيف تستغلّها إلى أن تساعد شبكة سرّية على إعادة توازن القوى.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…