سحر الناجية من كورونا: التعب النفسي هو الأصعب

مدة القراءة 4 د


من بين كثر حاولنا التواصل معهم، وحدها طالبة الدكتوراه في فرنسا “سحر الدكوير” (26 عاماً)، وافقت على الحديث عن تجربتها مع مرض “الكورونا”. تجربة خاضتها وحيدة، حالها من حال الطلاب اللبنانيين زملائها في فرنسا. لا أمّ ترعى ولا عائلة تحتضن في الغربة.

ثلاثة أيام عاشتها سحر في غرفتها الصغيرة تختبر عوارض المرض، قبل أن تشتدّ الأزمة في اليوم الثالث، وهو اليوم الأصعب كما تقول. هي التي عانت من ضيق شديد ومن صعوبة في التنفّس، وتزعزع توازنها، وصرخت من وجعها، لا تعرف كيف استطاعت استجماع كلّ قواها لتتصل بسيارة الإسعاف كي تنقلها إلى المستشفى. من شدّة التعب والألم لم تستطع الشابة حتّى تبديل ثيابها: “مرقت بمرحلة صعبة، ولساعات خفت. بس هيدا مرض وما لازم نستحي فيه”، تقول سحر لـ”أساس”، هي التي دخلت المستشىفى في الأوّل من نيسان، وأعلنت عن إصابتها بالفيروس عبر حسابها الخاص على فيسبوك صباح الثاني منه.

إقرأ أيضاً: النداء الأخير: إعلان حالة الطوارئ أو سيناريو إيطاليا..

إصابة سحر لم تكن كذبة نيسان، كما تمنّى بعض المقرّبين الذين سألوها إن كانت تمزح. أما دخولها المستشفى فكان بعد مرور ثلاثة أيام على شعورها بالعوارض.

 

تروي سحر أنّه “خلال اليومين الأولين شعرت بتعب وإرهاق وغثيان، وفقدت أيضاً حاستي التذوّق والشمّ. بعد ذلك ارتفعت حرارتي (أكثر من 39 درجة). واشتدّ السعال، وأصبت بتشنّجات مؤلمة”. أما ذروة الإصابة بالفيروس فكانت في اليوم الثالث: “أفقتُ من النوّم ولم أستطع الوقوف. أحسستُ بأوجاع رهيبة في البطن وبضيق في التنفّس. كنت وحدي في البيت وأخذت أصرخ. بعد ذلك بدأت أفقد توازني، فتواصلت فوراً على الرقم المخصّص لمرضى الكورونا وأخبرتهم بالعوارض. وعلى الإثر أتت سيارة إسعاف ونقلتني إلى المشفى”.

رحلة سحر في المستشفى لم تكن سهلة: “كنتُ في غرفة إلى جانب مرضى آخرين وأكثرهم مسنّون. وكل 5 أو 6 ساعات كانت تحدث حالة وفاة. وهذا أثّر سلبياً في وضعي النفسي”.

لم تمكث سحر في المستشفى إلا يومين، قليل من المصل وأدوية خافضة للحرارة وأدوية تخفّف التشنّجات والآلام. ليطلب منها بعد ذلك التزام الحجر المنزلي، قبل معاودة إجراء الفحص مرة ثانية للتأكّد من شفائها التام.

سحر التي تقطّع صوتها مراراً أثناء المكالمة بسبب السعال، تؤكد أنّ أصعب ما في الأمر هو بُعدها عن العائلة: “كان وقع الخبر ثقيلاً عليّ، وأنا هنا لوحدي. وكذلك كان على عائلتي مع أني لم أخبرهم في اليوم الأول، بل انتظرت حتى اليوم التالي كي لا يقلقوا”.

لم تخفِ سحر مرضها، بل أعلنته عبر “السوشيل ميديا”: “هيدا مرض ولازم نتعامل معه متله متل أي مرض” تقول، متوقفة عند الدعم الذي أحاطها من أناس كثيرين تواصلوا معها.

خلافاً لجرأة سحر في فرنسا، فإنّ الكورونا الملبننة، يتعامل معها البعض كـ”عيب” ما دفع المصابين إلى التكتّم عن هويتهم وإخفاء مرارة القصص في صدورهم. بصعوبة وصلنا إلى حالتين، وكلاهما رفض إعطاء مقابلة أو نشر الاسم أو سرد تفاصيل المعاناة.

الحالة الأولى، وهي شُفيت تماماً من الفيروس، كانت قد تعرضّت للتنمّر عبر مواقع التواصل وللتشهير بأسلوب وضيع، ما دفعها إلى رفض الحديث بحجّة “تعويض تقصير الدراسة”. أما الحالة الثانية، فصارحتنا بأنّها لا تريد الحديث عن المرض أو تذكّره، مختصرة الصورة بعبارة “أبحث عن السلام”. هي ما زالت تقاوم الفيروس. صحّتها تحسّنت، ولكن الفيروس ما زال موجوداً ونتيجة الفحص حتّى اللحظة “إيجابية”.

“ما بتعرفوا أدّيش الإشيا الي عم تنكتب على السوشيل عم تأثر علينا سلباً. كمان الي عم ينقال عبر التفلزيون”، تُفصح بغصّة عن هذه الكلمات، بعدما أنهكتها خفّة الآخرين في التعاطي مع الوباء، فاختارت الابتعاد كي لا تتضرّر نفسياً، فتتأثر معنوياتها.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…