من الولايات المُتحدة الأميركية حاور السّفير اللبناني السّابق لدى واشنطن عبدالله بو حبيب في “جولة على أبرز محطّات العام 2020″، الذي شهد أحداثًا مفصليّة في لبنان والإقليم والعالم، موقع “أساس”.
يُفصّل بو حبيب كلّ محطّةٍ بأبعادها وتأثيراتها ومدى امتداداتها إلى العام 2021 الذي يبدو أنّه سيحمِل الكثير نظرًا لما وصلت إليه الأمور مع خاتمة العام الجاري.
4 آب فضح الطّبقة السّياسيّة
بدأ الحديث عن المحطّة الأبرز التي شهدها لبنان خلال 2020، وهي انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي. وقال السّفير بوحبيب لـ”أساس” إنّ “الانفجار فضح الطبقة السّياسيّة، وبيّن أنّه لا يُمكن تشكيل حكومة بدونها، وفي الوقت عينه لم يعد أعضاء هذه الطبقة على استعداد لعقد صفقة كما كان يحصل في الماضي”.
برأيه أنّ المشكلة الأساسية في لبنان “تعود لارتباط العديد من القوى السّياسيّة بالخارج، إذ يُشكّل البعض منها امتدادًا لدول أجنبية تضع شروطًا على الدّاخل اللبناني. والشّعب اللبناني لم يعد باستطاعته تحمّل الوضع في لبنان، بينما الطّبقة السّياسيّة تقف عاجزة أمام الأزمة. وعند زيارة الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان لم يقم باستثناء أحد من الأحزاب، حتّى إنّه تحدّث مع حزب الله ما أثار حفيظة الأميركيين، ورغم ذلك طالبهم ماكرون بتشكيل حكومة اختصاصيين تُعيّنهم الطبقة الموجودة تستطيع القيام بإصلاحات على جميع الصّعد، إلّا إنّهم لم يستطيعوا القيام بشيء”.
الانفجار فضح الطبقة السّياسيّة، وبيّن أنّه لا يُمكن تشكيل حكومة بدونها، وفي الوقت عينه لم يعد أعضاء هذه الطبقة على استعداد لعقد صفقة كما كان يحصل في الماضي
يتابع شارحاً: “المطالبات للقيام بإصلاحات كانت حاضرة دائمًا، إلا أنّها في مؤتمرات باريس الثلاثة كانت على شكل تمنيّات، أمّا بعد مؤتمر سيدر فقد صارت هذه التوصيات شروطًا من قبل الجهات المانحة”.
لكن ما هي ظروف الحلّ في لبنان؟ يجيب: “الطلبات هي ذاتها منذ مؤتمر باريس1، والأموال التي قد تأتي إلى لبنان لها 3 مصادر:
– الدّول الأوروبية والدّول المانحة الداعمة للبنان
– صندوق النّقد الدّولي الذي منذ التسعينات يتحدّث عن أنّ السّياسة النقديّة القائمة، والدّين بالدّولار سيجلب الويلات على لبنان ولم يسمعه أحد
– البنك الدّولي، الذي يطالب دائمًا بإصلاحات جذريّة في الكهرباء والإقتصاد. إذ إنّ لبنان ليس بلدًا زراعيًا ولا صناعيًا، بل هو بلد تقنيّ وخدماتي، يحتاج إلى كهرباء وسرعة إنترنت ليواكب التطوّر بأسعار منافسة ونظام اتصالات حديث.
انظروا إلى إسرائيل، ما هو مصدر قوّتها؟ الزّراعة؟ الصّناعة؟ أم التقنيات والتكنولوجيا؟ ألا نستطيع أن نصبح كذلك في لبنان؟”.
وحذّر السفير من موجات الهجرة التي يشهدها لبنان وتأخذ معها “الأدمغة”؟، خصوصًا أصحاب الاختصاص في مجال الـHIGH TECHNOLOGY”، وناشد القيام بإصلاحات للحفاظ على هذه الأدمغة التي يتمّ استثمارها من قبل الشّركات الأجنبيّة.
الطلبات هي ذاتها منذ مؤتمر باريس1، والأموال التي قد تأتي إلى لبنان لها 3 مصادر
وهاجم بوحبيب الطّبقة السّياسيّة بشدّة، إذ لم تُغيّر ثورة 17 تشرين ولا انفجار 4 آب أداءَها، على قاعدة ما كان يحصل في الماضي في احتواء الأزمات وامتصاص الصّدمات. واعتبر أنّ السيّاسيين في لبنان صنعوا الأزمة من دون أن يعلموا بما يحصل، وهذا ما أوصل للانهيار السّياسي والاقتصادي الكبير. ورغم ذلك لا تزال الطبقة تسعى للحكم على طريقة “الحكومة التوافقية”، وهي نقيض الديمقراطية تمامًا”. وسأل: “أين الديمقراطية؟ ما يزال مجلس النّواب لا يحاسب الحكومة التي هي بطبيعة الحال امتداد لهذا المجلس والقوى الممثلة فيه؟”.
وعما إذا كانت الطبقة السّياسيّة تنتظر إدارة بايدن لتشكيل الحكومة، أجاب: “اليوم إذا اتصل الرئيس ماكرون بالرئيس بايدن وقال له: أريد منك أسبوعين لإصلاح الأمور في لبنان مع استشارتكم بشكل دائم. فإنّ جواب بايدن سيكون: خذ سنة”. لأنّ لبنان، انطلاقًا من خبرة بوحبيب، ليس موجوداً على “شّاشة” إدارة بايدن، فلبنان “لا يهدد السّلام الإقليمي بالنسبة لواشنطن بشكل مباشر، بل إيران”.
كورونا عرش المصائب
يرى السّفير بوحبيب أنّ “فيروس كورونا” هو “الحدث الأبرز” بلا منازع على الصّعيد العالميّ، إذ أدّى إلى تغيير حياة البشريّة في العالم بأسره. وفي الوقت نفسه، فإنّ ظهور اللقاح في العام نفسه يدلّ على مدى التطوّر العلمي والبحثي في العالم الذي أوصل البشريّة إلى “بداية نهاية الوباء”.
إقرأ أيضاً: السفير بوحبيب لـ “أساس”: نصرالله هو الرئيس الفعلي للبنان
الفيروس أدّى إلى فوضى عمّت العالم على جميع الصّعد الإقتصادية والتجارية، وزاد “الطّين بلّة” تعامل الإدارة الأميركية مع الوباء: “على الرّغم من قيادة واشنطن العالم في إنتاج اللقاح، كان عليها أن تقود العالم في التعامل مع تفشّي الوباء منذ البداية، إلّا أنّ التعامل لم يكن على قدر المُتوقّع، وفي أوّل التّفشّي كان هناك نقص في الكمامات وآلات التّنفس في البلاد، وكلّ هذا مرجعه إلى عدم وجود خطّة لدى الحكومة المركزيّة، وهذا ما أثّر على العالم بأسره”.
يختم بوحبيب الجزء الأوّل من الحديث بالقول إنّه “من المبكر الإجابة على ما إذا كان Covid-19 قد نسف مفهوم “العولمة”، إّلا أنّه بالطبع فرض تعديلات جذريّة على أداء الكثير من الدّول التي أغلقت الحدود فيما بينها، وحتّى المدن والولايات”.