قبل أيّام قليلة، أقرّ مجلس الشّيوخ الأميركي بالإجماع قرارًا حمل الرّقم 682 (نصّه منشور كاملاً في نهاية هذا المقال) الذي تقدّم به عضو لجنة الشؤون الخارجية للمجلس السيناتور الديمقراطي بوب مننديز، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس السيناتور جايمس رايخ. وحظي هذا القرار بدعم كل من السيناتورة الدّيمقراطية المتحدّرة من أصول لبنانية جين شاهين، والسيناتور الجمهوري البارز ميت رومني، والسيناتور كريستوفر مورفي، وغيرهم من الوجوه البارزة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وقد دعا القرار إلى دعم الأعمال الإغاثية الطارئة التي تقودها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وحضّ القرار الحكومة اللبنانية على وضع سياسات وبرامج تخدم مصلحة الشعب اللبناني.
وعن القرار، قال مصدر أميركي شديد الإطلاع لـ”أساس” إنّه يَعتبره “نقطة تلاقي بين الحزبين في ظلّ الانقسام العمودي في الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسيّة رسالة بالغة الأهميّة إلى الدّاخل اللبناني“. وأكّد أيضًا على تلاقي الحزبين اللدودين على عدم تمثيل حزب الله في الحكومة اللبنانية كشرطٍ أساسي لدعم أي تشكيلة حكوميّة في لبنان باعتبارها قضيّة أمن قومي بالنّسبة لواشنطن“.
دعا القرار إلى دعم الأعمال الإغاثية الطارئة التي تقودها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وحضّ القرار الحكومة اللبنانية على وضع سياسات وبرامج تخدم مصلحة الشعب اللبناني
وقال المصدر إنّ “الحزبين أصرّا للمرّة الأولى على ربط التزامن بين انفجار مرفأ بيروت وبين الأزمات السّياسيّة التي يمرّ بها لبنان منذ تشكيل حكومة حسّان دياب”، في إشارة إلى استمرار السّياسة الأميركية تجاه لبنان على ما هي عليه مع إدارة الرئيس المُنتخب جو بايدن والّذي “لن يلتفت باكرًا إلى لبنان، فعيناه متوجّهتان نحو إيران وملفّها النّووي وباقي المِنطَقة أقلّ من تفاصيل في أجندته الخارجيّة”، وبكلماتٍ أخرى، فإنّ الأشهر الثّمانية الأولى من ولايته (على أقلّ تقدير) ستشهد استمرار الشّروط الأميركية على ما هي عليه، إلى حين بحث الملفّات بين واشنطن وطهران في مرحلة لاحقة”.
وكان لافتًا في قرار الكونغرس الذي صادق عليه مجلس الشّيّوخ تلميح السّلطة التشريعية العليا في الولايات المتّحدة إلى تحميل حزب الله مسؤولية انفجار الرّابع من آب، إذ جاء في نصّه: “لدى حكومة الولايات المتحدة مخاوف منذ مّدة طويلة بشأن استخدام حزب الله لمرفأ بيروت، ومن نفوذه فيه كنقطة عبور وتخزين لمنظمته الإرهابية”.
وهذه هي المرّة الأولى التي تتناول دوائر القرار الأميركية قضيّة انفجار المرفأ بهذا الوضوح، دون خلاف على الإطلاق بين أعضاء مبنى الكابيتول.
الحزبان أصرّا للمرّة الأولى على ربط التزامن بين انفجار مرفأ بيروت وبين الأزمات السّياسيّة التي يمرّ بها لبنان منذ تشكيل حكومة حسّان دياب
ويلحظ القرار ربط المساعدات بالشّعب اللبناني مباشرة دون المرور بالحكومة القائمة حاليًا، وذلك لاعتبارها حكومة الحزب، ما يعني تأكيد الولايات المتحدة على عدم تعاطيها بشكل رسمي مع الحكومة اللبنانية في ما خصّ المساعدات والمعونات، إلى حين تشكيل حكومة لا يتمثّل فيها حزب الله على الإطلاق.
كما يتضمّن القرار دعوةً صريحة لإشراك محققين دوليين محايدين في التحقيق بكارثة المرفأ، فيما يبدو توجّهًا لدى واشنطن للضغط في الأيّام المُقبلة على عدم الاتكال على تحقيق لبنانيّ محض في هذه القضيّة التي لمّح قرارها بشأنه إلى وجود تأثير للحزب في المرفأ أدّى إلى الكارثة.
وفيما يلي نصّ القرار 682 الصّادر عن الكونغرس الأميركي:
الكونغرس – الدورة 116 – الدورة الثانية – قرار رقم 682
إدراكاً منه للانفجار المدمّر الذي هزّ مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وتعبيراً عن التضامن مع الشعب اللبناني.
في كونغرس الولايات المتحدة الأميركية
13 آب 2020
السيد مينينديز MENENDEZ (بالنسبة له، السيد ريش RISCH، السيدة شاهين SHAHEEN، السيد روبيو RUBIO، السيد وارنر WARNER، والسيد رومني ROMNEY، والسيد مورفي MURPHY، السيد بورتمان PORTMAN) اعتمدوا
القرار الذي أحيل إلى لجنة العلاقات الخارجية.
نصّ القرار:
إدراكاً منه للانفجار المدمّر الذي هزّ مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وتعبيراً عن التضامن مع الشعب اللبناني.
حيث أنّه في 4 آب 2020، انفجر 2750 طناً من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة آلاف آخرين، وإذ إنّ المواد الخطرة وعالية الانفجار كانت مخزّنة بشكل غير آمن في ميناء بيروت منذ عام 2014، على الرغم من التحذيرات المتكرّرة بشأن التهديد الذي يشكّله هذا المخزون للسكان المدنيين المحيطين بالمرفأ، ونُقل عن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني قوله: “ما نشهده هو كارثة ضخمة”.
كما أنّ الانفجار دمّر مساحات شاسعة من البنية التحتية في جميع أنحاء بيروت، وشرّد ما يصل إلى 300 ألف شخص. ودمّر بالكامل مرفأ بيروت أو ألحق أضراراً به، في حين أنّ لبنان يستورد من خلاله الجزء الأكبر من غذائه، بما في ذلك تدمير ما يقرب من 120 ألف طن متري من مخزونات المواد الغذائية التي تشتدّ الحاجة إليها، وفقاً للأمم المتحدة.
تضمّن القرار دعوةً صريحة لإشراك محققين دوليين محايدين في التحقيق بكارثة المرفأ
وقبل الانفجار، كان هناك ما يقرب من مليون شخص في منطقة بيروت الكبرى، بما في ذلك أكثر من نصف مليون طفل، لم يكن لديهم الوسائل لشراء الضروريات الأساسية، بما في ذلك الغذاء؛ في حين أنّ لبنان يكافح بالفعل لدعم أكبر عدد من اللاجئين في العالم، بما في ذلك حوالى مليون لاجئ سوري مسجّلين حالياً لدى الأمم المتحدة.
كما أنّ محافظ بيروت توقّع أن تبلغ التكلفة الكاملة للتعافي والإغاثة ما بين 3 و5 مليارات دولار أميركي. والعديد من مستشفيات بيروت، تكافح بالفعل لشراء المعدات الطبية، ودفع رواتب الموظفين الصحيين وسط انتشار كوفيد-19 وقد تضرّرت كثيراً من الانفجار بحيث تعجز عن استقبال مرضى جدد. وإنّ الانفجارات تتزامن مع مرحلة من الأزمات السياسية الطويلة في لبنان.
كما وأنّه بعد أشهر من الجمود السياسي، شكّل لبنان حكومة في كانون الثاني من هذا العام (2020) بدعم حزب الله وحلفائه، وهو منظمة أجنبية إرهابية بحسب تصنيف الولايات المتحدة (FTO)،
وحيث أنّ الفساد المستشري وسوء إدارة حزب الله قادا لبنان إلى حافة الانهيار الاقتصادي، بما في ذلك انخفاض قيمة العملة بنسبة 80% منذ عام 2019، وهو واحد من أعلى معدلات الدين العام، وانعدام الأمن الغذائي، والتضخم المفرط. وإنّه لدى حكومة الولايات المتحدة مخاوف منذ مدّة طويلة بشأن استخدام حزب الله لمرفأ بيروت، ومن نفوذه فيه كنقطة عبور وتخزين لمنظمته الإرهابية.
وحيث إنّه للشعب اللبناني عبر الطيف السياسي مطالب متجدّدة لتغيير ذي مغزى في لبنان في القيادة السياسية، ومساءلة الحكومة، والشفافية.
وحيث إنّه، بعد الانفجار وغضب جمهور من الشعب اللبناني، أعلن رئيس الوزراء حسّان دياب في 10 آب 2020، أنّه وحكومته سوف يستقيلان.
إقرأ أيضاً: سيناريو “التلحيم” ينفّذ غارة جديدة على مرفأ بيروت
وحيث إنّ الجهات المانحة الدولية، بما فيها الولايات المتحدة، قد تعهّدت بدفع مبلغ 297 مليون دولار كمساعدات للبنان في القمة الافتراضية التي استضافها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛
وحيث إنّ الولايات المتحدة، من خلال وكالة التنمية الدولية، أعلنت في 7 آب 2020 أنّها ستقدّم أكثر من 15 مليون دولار كمساعدة إنسانية لتقديم العون إلى الشعب اللبناني في أعقاب الانفجارات في ميناء بيروت، وهذه الأموال من شأنها دعم الاستجابات الطبية المنقذة للحياة، وتلبية الاحتياجات الفورية للذين يواجهون هذه المأساة، بما في ذلك المساعدات الغذائية لـ50 ألف شخص لمدة ثلاثة أشهر، والدعم الطبي والدوائي لأكثر من 60 ألف شخص لمدة ثلاثة أشهر؛
وحيث إنّ كون لبنان مستقراً مع حكومة ذات مصداقية وشفافية وخالية من تدخل إيران وحزب الله يندرج في مصالح الأمن القومي الأوسع نطاقاً للولايات المتحدة وشركائها وحلفائها: الآن، لذلك،
يؤكد مجلس الشيوخ على:
(1) تقديم تعازيه القلبية إلى شعب لبنان والوقوف إلى جانبه.
(2) دعم جهود حكومة الولايات المتحدة لتقديم الإغاثة الإنسانية في حالات الطوارئ بشكل منسق مع الحكومات الأخرى والشركاء الدوليين.
(3) التشديد على أنّ تسلّم مساعدة الولايات المتحدة، عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى الناس من خلال القنوات المدقّق فيها بعناية وكذلك المنظمات والأفراد.
(4) دعوة حكومة لبنان إلى إجراء تحقيق موثوق به، ونزيه وشفاف، في سبب الانفجار، والمسؤولية عنه، وعلى أن يكون خبراء دوليون محايدون جزءاً من فريق التحقيق.
(5) دعوة فريق التحقيق إلى تقييم وتحديد الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار الاقتصادي وسوء الإدارة التي أثرت في الشعب اللبناني.
(6) مع دعوات أخرى إلى حكومة لبنان لاستعادة الإيمان والثقة بها من خلال إعطاء الأولوية للسياسات والبرامج التي تعزّز مصالح شعب لبنان.