مصادر الحريري: مش شغلة رئيس الجمهورية يقدّم مسوّدات حكومية…

مدة القراءة 6 د


لم يحجب بثّ الأجواء الإيجابية “المصطنعة” مشهد تقاذف كرة التعطيل بين بعبدا وبيت الوسط. ضمن فريق الرئيس المكلّف من يصف تصرّف رئيس الجمهورية الأخير بـ “الكمين”. وضمن فريق الرئيس ميشال عون من يردّد: “تشكيلة الحريري مرفوضة… وإذا كفّى هيك ما بيعمل رئيس حكومة”!!

هكذا انتهت محاولة الحريري لإنجاز تشكيلته الوزارية بموافقة شريكه “المضارب” رئيس الجمهورية إلى صفر كنتيجة. وذلك على بعد أيام من هبوط طائرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لبنان في ثالث زيارة له منذ انفجار مرفأ بيروت.

العارفون يجزمون: “يشدّ الحريري ظهره بتشكيلة نالت الغطاء الفرنسي، ويرجّح أن تستمرّ حتّى نهاية الولاية الرئاسية لعون”.  

هو الانفصام الكامل عن الواقع. “كلاهما لاطيين لبعض”، بهذه العبارة وصف مرجع نيابي مشهد بعبدا يوم الأربعاء. تشكيلة حريرية كاملة في مقابل “خارطة حقائب” وضعها رئيس الجمهورية كفيلة بنسف مسودّة الرئيس المكلّف.

العارفون يجزمون: “يشدّ الحريري ظهره بتشكيلة نالت الغطاء الفرنسي ويرجّح أن تستمرّ حتّى نهاية الولاية الرئاسية لعون”

لم يحدّد الحريري موعداً لسماع جواب “فخامته” على تشكيلته الجاهزة كما فعل يوم الاثنين في ظلّ ضغط من الرئيس المكلّف على فريقه السياسي بـ”ضبط النفس” قدر الإمكان والالتزام بالمناخات الإيجابية التي التزم الفريقان بإشاعتها.

وقد بدا لافتاً تبنّي رئيس مجلس النواب نبيه برّي والحريري واقع “الانزعاج الفرنسي الكبير” من أداء رئيس الجمهورية وشروطه المعرقلة للتأليف، في مقابل تسريب أوساط رئاسة الجمهورية معطيات تؤكد وجود “ضغط فرنسي كبير على الحريري” أفضى إلى تحرّك موكبه من بيت الوسط باتجاه بعبدا لبتّ الإشكاليات العالقة بين الطرفين.

لكنّ حقيقة الأمر، كما تؤكّد مصادر مطلعة، أنّ الجانب الفرنسي مارس ضغطاً على الطرفين. ويردّد البعض أنه أفضى إلى تسوية، فاشلة حتى الآن، على أساس حكومة من ثلاث ستات لا ثلث معطّلاً فيها: 6 وزراء لرئيس الجمهورية وجبران باسيل، 6 وزراء للثنائي الشيعي من ضمنهم وزير للمردة وآخر للقومي، و6 وزراء للحريري من ضمنهم وزير لوليد جنبلاط ووزير مسيحي.

مصادر الحريري تنفي الحديث عن “تشكيلة بتقسيمات حزبية أو تسووية”. وتشرح قائلة: “الرئيس المكلّف قدّم لائحة كاملة من 18 اسماً، من غير الحزبيين، ومن أصحاب الاختصاص والخبرة في القطاع العام والخاص ولا شبهة عليهم إطلاقاً، ويصعب رفضهم. وإن كان على رأس هذه الحكومة حزبي من تيار المستقبل هو سعد الحريري، فمقابله رئيس جمهورية ينتمي إلى التيار الوطني الحر، ويضع توقيعه على مراسيم الحكومة ويترأس أكثر من نصف الجلسات الحكومية”.

بالنسبة للرئيس المكلّف كان يجب أن تصدر مراسيم الحكومة ليل الاربعاء، وأن تأخذ الصورة التذكارية في اليوم التالي بدلاً من التهاء رئيس الجمهورية أمس باستقبال نواب قضاء بعلبك الهرمل أو مواعيد لا تتناسب مع خطورة المرحلة!

وتضيف مصادر الحريري: “اختار الرئيس المكلّف الأسماء الأفضل ومن ضمنها أسماء تلقّاها من بري وعون وغيرهم. ليس هناك أسماء شيعية محسوبة على حزب الله ولا بري ولا على تيار المستقبل. وعلى سبيل المثال تمّ اختيار يوسف خليل بسبب بروفيله الممتاز القادر على التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهو ليس محسوباً على نبيه بري”.

ويبدو وفق المعلومات، أنّ الحريري أبقى الداخلية من ضمن الحصة المسيحية وسمّى اسماً مستقلاً (قاضياً أرثوذكسياً)، وهو ليس نقولا الهبر الذي تمّ التداول باسمه، كما استبعد من تشكيلته الضباط المتقاعدين. ويردّد الحريري في مجالسه: “ما بدّي حكومة ضباط. وهناك أسماء ممتازة تصلح في وزارتي الداخلية والدفاع”.

ولا تجد مصادر الحريري تفسيراً لتقصّد الرئاسة الأولى، بعد مغادرة الرئيس المكلّف قصر بعبدا، الإشارة إلى تسليم عون “طرحاً حكومياً متكاملاً للحريري يتضمّن توزيعاً للحقائب على أساس مبادئ واضحة”… سوى باعتباره تحرّكاً لـ”غرفة العمليات” التابعة للقصر في سياق فرض الشروط التي تشكّل خروجاً عن الطرح الأساس الذي ورد ضمن المبادرة الفرنسية، والتي على أساسها طرح الحريري تفسه مرشّحاً طبيعياً لرئاسة الحكومة.

وتؤكد مصادر الحريري أنّ “الطرح المقدّم من الرئيس عون يعني التمسّك بالثلث المعطّل والمحاصصة الحزبية. وتكشف الورقة التي قدّمها بوضوح توزّع الحقائب ليس فقط على الطوائف بل على الأحزاب. الأمر الذي “يشقلب” الأسماء والحقائب في التشكيلة المقدّمة من الحريري ما يعيد الأمور إلى نقطة الصفر”.

الجانب الفرنسي مارس ضغطاً على الطرفين. ويردّد البعض أنه أفضى الى تسوية، فاشلة حتى الآن، على أساس حكومة من ثلاث ستات لا ثلث معطّلاً فيها

وتفيد المعلومات أنّ الحريري بادر عون بالقول: “لنناقش الأمور بهدوء، وأنا لا أريد أن أقفل الأبواب. هذه حكومة من أفضل الاسماء وأتمنّى أن تدرسها وقد اخترت أسماء فيها جيدة سبق لك أن طرحتها عليّ”. وعلى هذا الأساس طغت الإيجابية على اللقاء، ولم يكن الحوار صدامياً على رغم تمسّك عون بتسليم طرحه المضادّ لتشكيلة الحريري.

وتضيف المعلومات: “تشكيلة الحريري تضمّنت فعلاً أسماء كان طرحها الرئيس نبيه بري من ضمن سلّة العشرين اسماً في مرحلة مصطفى أديب، واختار أيضاً أسماء طرحها رئيس الجمهورية وأسند الخارجية لدرزي”، فيما تؤكد مصادر الحريري أنّه “مش شغلة رئيس الجمهورية أنّ يقدّم مسودّات حكومية”.

إقرأ أيضاً: الحريري يتجرّأ.. قواعد اشتباك حكومية جديدة

أما عن نتيجة اللقاء فتقول المصادر: “تشكيل الحكومة معلّق حتّى إشعار آخر. الحريري لا يزال عند رأيه بتجنّب الصدام. وقد منح رئيس الجمهورية وقتاً ليردّ على تشكيلته، قائلاً له: بدنا نطلع من قصة الثلث المعطّل”. وفي السياق نفسه تقول أوساط بعبدا: “تشكيلة الحريري خارجة عن معادلة المعايير الموحّدة، وقد تفرّد بطرح أسماء من دون التشاور مع رئيس الجمهورية، وبعضها مرفوض بالكامل”.

ويبدو أنّ الدوائر القريبة من الحريري ترصد بانتباه ما يحصل في “البيت الداخلي لرئيس الجمهورية. فهناك تفتت وصراعات داخلية أخذت طريقها إلى العلن وآخرها الكلام الكبير الذي قاله النائب شامل روكز. ومن الواضح أنّ جبران باسيل لا يزال يمسك بالقرار، الأمر الذي له تأثيراته المباشرة على العائلة والحكومة والبلد. فالأخير جاهر بالقول في جلسة حزبية داخلية: “كيف بدنا نترك الرئيس لوحده على الطاولة”، وكأنّه غير واثق بقدراته على إدارة الحكومة من دون وجود ممثّلين لباسيل على طاولة مجلس الوزراء”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…