قاضية العصر والأوان في مملكة الأعوان

مدة القراءة 4 د


موضوع اثار الرأي العام وأدى الى الاستغراب، فالقاضية غادة عون، قاضية الجمهورية اللبنانية الاولى، تستدعي حاكم مصرف لبنان الى النيابة العامة في جبل لبنان.. لان النيابة العامة في جبل لبنان وبناء على إخبار مقدم غب الطلب السياسي، استدعت الحاكم، رياض سلامة للمثول امامها ومساءلته.
هنا، نتساءل هل للقاضية غادة عون هذه الصلاحية؟ وهل مجرد إخبار… أي إخبار من أي كان، ان يَجُرّ مسؤولاً، كحاكم البنك المركزي الى مثل هذا التصرف؟؟! أم أصبح القضاء في عهد الرئيس عون هو قضاء الصلاحيات في أعز المتاهات السياسية الكيدية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية، اذ برز دور قاضية العصر والاوان والزمان.. في مملكة الأعوان.
ففي كل مرة تطالعنا القاضية عون بموضوع “ما أنزل الله به من سلطان”.. فتارة تمتد صلاحيتها لتحل محل مدعي عام التمييز وتستولي على صلاحية المدعي العام المالي.
وفجأة نراها تختصر صلاحية مجلس القضاء الاعلى، فترسم بإشارتها حدود الصلاحيات في دولة المزرعة و”الميليشيات النوعية” ادراءً للشبهات، فحضرتها تحدد الصلاحيات في المكان والزمان اللذين يراهما جبران عصره وفلتة زمانه، فتختزل الصلاحيات النوعية والمحددة في أصول المحاكمات المدنية والجزائية في آن معاً.
فمن أعطاك هذه الصلاحية؟
ونعلم ان مجلس القضاء الاعلى أدرى بمطبخه الداخلي، فحذارِ من التطاول والاستمرار في خرق القانون.
ومن منطلق الحرص على سمعة القضاء اللبناني نطالب التدخل الفوري من قبل القضاة الشرفاء الكبار السادة، الرئيس سهيل عبود بوصفه رئيساً لمجلس القضاء الاعلى، والرئيس غسان عويدات بوصفه المدعي العام لدى محكمة التمييز، والرئيس بركان سعد بوصفه رئيساً لهيئة التفتيش القضائي، ونطالبهم باسم الرأي العام اللبناني والعربي والدولي وضع حد للرئيسة غادة عون قبل فوات الأوان. كي لا نصل الى قضاء محاكم التفتيش في العصور الوسطى.
إنها نصيحة لو فعلت لغيّرنا مسار العدالة الانتقائية الى مسار العدالة الاجتماعية، سيما وأن الامور وصلت الى حد ان حزب الله أقام دعوى ضد المناضل اللبناني الأول فارس سعيد وموقع القوات اللبنانية، فلماذا أقدم الحزب على ذلك؟ إن إقامة الدعوى إثارة للنعرات الطائفية، فاتهام المناضل فارس سعيد بتحريض الناس على حزب الله إثارة طائفية لافتة.

نعلم ان مجلس القضاء الاعلى أدرى بمطبخه الداخلي، فحذارِ من التطاول والاستمرار في خرق القانون

وهنا لا بد من التوقف عند هذه الدعوى لنتساءل: إذا لم يكن لحزب الله علاقة باغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري، كما يدّعي، فلماذا ادعت المحكمة على كل من عماد مغنية ومصطفى بدرالدين وسليم عياش..؟ وسبحان الله، انها الصدفة وحدها التي أدّت الى مقتل مغنية وبدرالدين في دمشق، وهي الصدفة نفسها التي ادت الى مقتل رستم غزالة في دمشق، والعقيد جامع جامع في دمشق ايضاً. وهل كل هؤلاء لا علاقة لهم باغتيال الرئيس الشهيد؟ إشارة الى الضباط الأربعة الذين أوقفوا أربع سنوات وأطلق سراحهم… من دون أن يُبَرّأوا أو يدانوا.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح أيضاً: هل “حزب الله” الذي يدّعي بأنه لبناني، هو حزب مرخّص حسب الاصول والقوانين المعتمدة لبنانياً؟
كذلك فإنّ هذا الحزب موجود لمؤازرة الجيش اللبناني، وهذا صحيح، لأنّ أي مواطن لا ينكر ما فعله الحزب في سبيل تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي… ولكن عندما يصرّح أمين عام الحزب السيّد حسن نصرالله أنه جندي في ولاية الفقيه… فهل يكون هذا الحزب لبنانياً وإيرانياً في الوقت نفسه؟

إقرأ أيضاً: الادّعاء على فارس سعيد: مقدّمة الفوضى الأمنية

ونسأل أيضاً وأيضاً… هل الذهاب الى سوريا والمساهمة في قتل الشعب السوري هو من أجل تحرير لبنان؟
وهل الذهاب الى الكويت لتدبير انقلاب هناك، هو من أجل تحرير لبنان؟ وهل العملية العسكرية في يوغوسلافيا من أجل مصلحة لبنان؟ وهل الذهاب الى الولايات المتحدة للمتاجرة بالمخدرات هو لمصلحة لبنان؟
أخيراً أقول إنّ دعوى “حزب الله” أقيمت، وللصدفة ايضاً عند غادة عون فسبحان الله العلي القدير، إذ ربّ صدفة هي خير من ألف ميعاد.
أخيراً، أقول إنّ الدعوى المقدمة من “حزب الله” على فارس سعيد أمام القاضية غادة عون هل هي حقيقة صدفة؟؟
ولا يسعنا إلاّ المطالبة بفصل السياسة عن القضاء: فهل من اذان صاغية؟؟ كي لا نقع في الهاوية… ولات ساعة مندم.

 

نقلاً عن الشرق 

مواضيع ذات صلة

مشروع إيران التّوسّعيّ: ما بُنيَ على متغيِّر.. سيتغيَّر

لا خلاف في أنّ لدى إيران مشروعها التوسّعي في المنطقة. وكلمة “توسّعي” ليست استنتاجاً، إنّما حقيقةٌ تعكسها التصريحات الغزيرة والصادرة عن الكثير من القيادات الإيرانية…

جنبلاط يقبض على اللّحظة الإقليميّة

كان الرئيس السابق لـ”الحزب التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في طليعة من قاربوا بالتعليقات الرمزية وبالمواقف، وبالخطوات العملية، مفاعيل الزلزال السوري على لبنان.   يتميّز جنبلاط…

سليمان فرنجيّة: رئاسة الحظّ العاثر

ـ عام 2004 سأل بشار الأسد سليمان فرنجية: “هل للرئاسة في لبنان عمر معيّن كما عندنا؟ لا يُنتخب رئيس الجمهورية قبل بلوغه الأربعين؟”. ـ مرّتين…

الشّرع وسوريا: الرّسم بالكلمات

لم نسمع من أحمد الشرع أو أيّ وزير من الحكومة المؤقّتة في سوريا أيّ رفع لشعار “الإسلام هو الحلّ” الذي درجت جماعة الإخوان المسلمين على…