ما الذي انفجر في جباع عصر الاثنين؟

مدة القراءة 5 د


“سماع دويّ انفجار في منطقة جباع في إقليم التّفاح”.

خبرٌ مرّ مرور الكِرام على مسامع اللبنانيين الذين يبدو أنّهم تأقلموا مع أخبار الانفجارات بعد كارثة مرفأ بيروت في الرّابع من شهر آب الماضي.

انفجار دوّى بشكل قويّ، وإن لم يصل صداه إلى مسافات بعيدة كحال انفجار عين قانا الذي وقع قبل أشهر في مستودع أسلحة، في قرية قريبة من جباع. إلا أنّ التكتّم الشّديد الذي أحيط به يثير تساؤلات حول طبيعة ما انفجر في المنطقة، خصوصًا مع تضارب الرّوايات حول ما شهدته أحراج جباع عصر الاثنين.

منذ اللحظات الأولى لخبر الانفجار، ذكرت قناة “الحدث” السعودية أنّه وقع في مركزٍ لحزب الله. إذ إنّ منطقة أقليم التّفاح لطالما عُرِفَت بأنّها معقل عسكريّ مهم للحزب، وهذا ما يؤكّده الحزب نفسه الذي اختار منطقة “مليتا” في مرتفعات “الإقليم” ليشيّد عليها “معلمًا” عن تاريخ مسيرته في “مقاومة الاحتلال” حتّى عام 2000. وبالإضافة إلى رمزية مليتا، تتمتّع المنطقة بأهمية عسكرية تجعل منها مركزًا مهمًا لحزب الله وذلك لأسباب عدّة أبرزها:

1- إطلالة مرتفعات المنطقة على قرى شرق صيدا وجزّين والزهراني وأوتستراد “النبطية” ومنطقة الخردلي وحدود جنوب الليطاني وصولًا إلى مرتفعات جبل الشّيخ الذي يضم مواقع إسرائيلية ومراكز رصد حدودية ما يجعل منها خطّ دفاعٍ متأخّر استراتيجي بالنسبة للحزب.
2- الكثافة الحرجية للمنطقة تُكسِبها القدرة العالية على “التمويه” المناسب لإنشاء مواقع ومعسكرات ومخازن للأسلحة والذخائر.
3- الارتفاع الذي تتميّز به المنطقة وسهولة التحرك في الأحراج تجعل منها مرصدًا مهمًا بالإضافة إلى كونها موقعاً مناسباً للدفاع الجوي الذي لمّح الأمين العام للحزب السّيد حسن نصرالله في وقت سابق إلى امتلاك الحزب لهذا النوع من الأسلحة الدفاعية. كما يقال إنّ استهداف طائرة الاستطلاع الإسرائيلية في 31 تشرين الأوّل 2019 في أجواء النبطية جرى عبر صاروخ أرض جو أطلِق من هذه المنطقة.

انفجار دوّى بشكل قويّ، وإن لم يصل صداه إلى مسافات بعيدة كحال انفجار عين قانا الذي وقع قبل أشهر في مستودع أسلحة، في قرية قريبة من جباع. إلا أنّ التكتّم الشّديد الذي أحيط به يثير تساؤلات حول طبيعة ما انفجر في المنطقة

رغم إعلان قناة “الحدث” أنّ الانفجار كان في موقع للحزب، إلا أنّ وسائل إعلام محليّة نقلت عن مصادر مُقرّبة من الحزب أن سبب الانفجار يعود إلى مناورات عسكرية للجيش اللبناني في منطقة كفرفالوس شرق صيدا. خبر سرعان ما نفته مصادر قيادة الجيش. لتخرج رواية ثالثة من رئيس بلدية جباع الذي قال إنّه “يرجّح” انفجار قنبلة عنقودية من مخلّفات الاحتلال في أحراج البلدة، إلا أنّ هذا الكلام يبقى في خانة “الترجيح”. وظلّ حزب الله على صمته.

المؤكّد أنّه خلال الأيام الماضية لم تغادر طائرات الاستطلاع الإسرائيلية أجواء الجنوب، إضافةً إلى التحليق الدائم للطائرات الحربية الإسرائيلية على علو منخفض في أجواء المنطقة.

يشير المراقبون إلى احتمال الرّبط بين ما حصل في خراج جباع وبين هذا التحليق، نظرًا لأهمية المنطقة بالنسبة للحزب، وللتكتم الشديد والروايات المتضاربة. ويلفت مراقبون إلى أنّه يوم انفجار “عين قانا” في شهر أيلول الماضي كانت المنطقة تشهد الكثافة نفسها في تحليق طائرات الاستطلاع، التي لا ينحصر عملها بالتجسس وتتبّع الأهداف. فقد تكون تراقب تنفيذ مهمّة أمنية أو عسكرية على الأرض.

المؤكّد أنّه خلال الأيام الماضية لم تغادر طائرات الاستطلاع الإسرائيلية أجواء الجنوب، إضافةً إلى التحليق الدائم للطائرات الحربية الإسرائيلية على علو منخفض في أجواء المنطقة

المراقبون يحصرون احتمالات ما حصل في جباع عصر الاثنين كالآتي:

– فشل استهداف نقطة أو موقع أو هدف لحزب الله من قبل طائرة استطلاع إسرائيلية كون الانفجار لم يكن قويًا والدخان الذي تصاعد في المنطقة لم يكن كثيفًا.

– وقوع انفجار محدود في مركز أو مستودع ذخائر لم يحقّق النتيجة المرجوّة منه.

– انفجار جهاز تجسس إسرائيلي في المنطقة، وهذا الأمر تكرّر كثيرًا خلال الأعوام الماضية، وتعزّز فرضيته أهمية المنطقة أمنيًا وعسكريًا لحزب الله.

– استبعاد نظرية انفجار لغم أو قنبلة عنقودية نظرًا للتكتّم الشديد وعدم تمكّن أحد من الوصول إلى موقع الانفجار، إذ إنّ وقوع هذا الاحتمال يُحتّم تأكيده بسرعة لنفي الفرضيات المتعلقة بعمل أمني أو عسكري في المنطقة.

إقرأ أيضاً: اليونيفيل في سماء الجنوب: طائرات استطلاع ودفاع جوّي

الأوضاع التي تمرّ بها المنطقة و”الحرب الأمنية” القائمة فيها من إيران وصولًا إلى لبنان تجعل من الصّعب القبول بنظريات الانفجارات العرضية أو”الماس الكهربائي” أو انفجار “قناني الأوكسجين” والأخطاء التقنية.

تجدر الإشارة إلى أنّه إذا صحّت نظرية استهداف موقع للحزب بعملية أمنية بعد أشهر قليلة من “حادثة” عين قانا، فهذا يعني أنّ مسلسلًا قد بدأ عرضه على الشاشة اللبنانية، و قد نشهد حلقات متتالية في أكثر من مكان.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…