3 أولويات لنتنياهو: القصف قبل رحيل ترامب؟

مدة القراءة 9 د


في ظلّ الوضع المتوتّر الذي يشهده الشّرق الأوسط مع الأيّام المُتبقّية من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي  سيغادر البيت الأبيض بعد شهر ونصف الشهر، يتوسّع هامش التحرّك شبه الأحادي الذي  يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة لحسم “أولويّات تل أبيب” قبل رحيل صديقه من المكتب البيضاوي واستلام  الديمقراطي جو  بايدن  الذي بدوره لا يمكن القول إنّه معادٍ لإسرائيل، لكن يفضّل العمل بطريقة أخرى في منطقة حتّى السّاعة لا تُشكّل أولوية في أجندة الرئيس المنتخب.

بين غارات سوريا والتحليق المكثّف للطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع فوق لبنان بشكل شبه يومي واغتيال “أبي البرنامج النووي والصاروخي الإيراني” محسن فخري زاده، واستهداف أحد قياديي فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني  بغارة  “مجهولة”  على الحدود بين  العراق وسوريا، والامتناع الإيراني حتى الساعة عن ردّ فعل سريع رغم كثافة الضربات التي يوجهها نتنياهو، لا بدّ من معرفة سلّم الأولويات على أجندة نتنياهو الذي قد نراه قريبًا  يخوض انتخابات  للمرّة الرابعة في أقلّ من سنتين، يكون هدفه فيها حسمها بشكل كامل ليُكمِل مسيرته كأحد “ملوك اليهود”، نظرًا للفترة القياسية التي تربّع خلالها على عرش مجلس الوزراء الإسرائيلي كأطول مدة بين كلّ أسلافه وأقرانه دون منازع.

يسعى زعيم اليمين الإسرائيلي للعمل في  منطقة الشّرق الأوسط على أجندة من 3 أولويات لا  رابع لها، واحدة في لبنان وأخرى في إيران والثالثة في سوريا. وهذه الأولويات الـ3 تُشكّل عامل قلق وأرقٍ لنتنياهو ورافعة انتخابية مهمّة في حال استطاع إحراز أي تقدّم فيها مجتمعة أو في إحداها.. وهي التالية:

 

1- صواريخ حزب الله الدقيقة:

خلال  السّنوات القليلة الماضية، دأب رئيس الوزراء الإسرائيلي  وإعلام جيشه على عرض خرائط  تضمّ مواقع وإحداثيات زعم أنّها تضمّ مخازن أو مصانع يطوّر فيها حزب الله صواريخ ذكية مناطق مختلفة من لبنان، من بينها مرفأ بيروت الذي تعرّض لانفجار شبه نووي دخل التاريخ كثالث أقوى انفجار لا يُعلم سببه الحقيقي حتّى السّاعة، رغم احتمال تعرّضه لعملية أمنية أو ضربة جوية.

يسعى زعيم اليمين الإسرائيلي للعمل في منطقة الشّرق الأوسط على أجندة من 3 أولويات لا رابع لها، واحدة في لبنان وأخرى في إيران والثالثة في سوريا

وبعد أسابيع  قليلة  من انفجار المرفأ، دوى انفجار عنيف في بلدة عين قانا في إقليم التفّاح جنوب لبنان سُمِع في مناطق بعيدة عن الموقع. والجميع يذكر يومها كيف تضاربت الأنباء عن سبب الانفجار، إذ قيل في الساعات الأولى أنّه ناجم عن انفجار محطة وقود، لتعلن وسائل إعلام  مُقربة من حزب الله أنّ المستودع الذي انفجر يضمّ “ألغامًا أرضية من مخلفات  الحرب”، إلا أنّ مشهد المبنى الذي مُحِيَ وأساساته عن الخارطة  والطوق الأمني المُشدد الذي ضربه الحزب في موقع الإنفجار يؤكّد  أنّ  ما انفجر ليس “ذخائر قديمة”. بالإضافة  إلى  التحليق المُكثّف لطائرات  الاستطلاع والطائرات الحربية الإسرائيلية في  أجواء  المنطقة  على علو منخفض قبل يومٍ وقبل ساعات من وقوع الإنفجار والذي  “لم يُسفر عن سقوط ضحايا”، بحسب الحزب.

في العودة  إلى شهر آب 2019، وتحديدًا إلى فجر يوم 25 منه، انفجرت مسيّرة إسرائيلية أسقطها حزب الله واستحوذ على أخرى. إذ كانت كلا المسيرتين بمهمّة  “انتحارية”. قالت وسائل  الإعلام الإسرائيلية  يومها إنّ الهجوم  كان هدفه “تفجير هدف له علاقة بالمنظومة  الصاروخية الدقيقة لحزب الله”. ما استدعى ردًا  من حزب الله  الذي اعتبر أمينه العام  أنّ عدم  الرّد على هذا الهجوم  الذي تزامن مع اغتيال عنصرين من الحزب في سوريا مرتبطين بملف الطائرات المسيّرة، يعني أنّ نتنياهو يُثبّت قواعد جديدة للاشتباك وهذا ما لن يقبل به الحزب.

في العام 2013، استهدف سلاح الجوّ الإسرائيلي ميناء اللاذقية الذي  كان يضمّ صواريخ أرض – بحر دقيقة من طراز “ياخونت” روسية الصّنع خشية من وصولها إلى أيدي حزب الله. إلا أنّ هذه الغارة لم تحقق أهدافها إذ أشارت تقارير لاحقة إلى أنّ هذه الصواريخ باتت بالفعل في أيدي الحزب.

وكما  المرفأ، دائمًا ما  يشير نتنياهو إلى مطار رفيق الحريري الدّولي وبعض النقاط التي  تتواجد في مناطق تحيط به وتحديدًا الشّويفات وبئر حسن. كما يعتبر الإسرائيليون أنّ المطار بات يعتبر بمثابة “خلية نحل” لحزب الله، حاله كحال المرفأ قبل الانفجار الذي وقع فيه. وتشير التقارير الإسرائيلية دائمًا إلى مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية على أنّها تضم مستودعات ومصانع للصواريخ الدقيقة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الحزب اتّخذ إجراءات أمنية مشددّة في نقاط مختلفة بالضاحية الجنوبية بعد ورود تقارير إليه عن  احتمال أن تقوم  تل أبيب باستهداف بعض المواقع التابعة له في المنطقة على إثر النشاط المُكثّف لطائرات الاستطلاع  الإسرائيلية في أجواء المنطقة قبل أيّام. كما أطلق عناصر الحزب النّار على طائرات حلّقت على علوّ منخفض في أجواء الضاحية قبل أيّام  قليلة.

في العام 2013، استهدف سلاح الجوّ الإسرائيلي ميناء اللاذقية الذي كان يضمّ صواريخ أرض – بحر دقيقة من طراز “ياخونت” روسية الصّنع خشية من وصولها إلى أيدي حزب الله. إلا أنّ هذه الغارة لم تحقق أهدافها إذ أشارت تقارير لاحقة إلى أنّ هذه الصواريخ باتت بالفعل في أيدي الحزب

وتشير أوضاع  المنطقة والاجراءات التي اتخذها حزب الله في الضاحية وبعض مواقعه في البقاع إلى أنّ زعيم الليكود قد يقوم بأعمال أو ضربات أمنية ضدّ أهداف معيّنة  يعتبرها جوهرية وحيوية في البنية الصّاروخية  للحزب، وعليه من المحتمل أن يقوم بتوجيه ضربة لها قبيل  مغادرة صديقه وصهره البيت الأبيض بعد أسابيع.

 

2- الطموح النووي الإيراني:

لا شكّ أنّ نتنياهو واللوبي الصهيوني وصهر الرئيس الأميركي ومستشاره جاريد كوشنير لعبوا دورًا مهمًا في إقناع ترامب أن يتّخذ قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض عقوبات أميركية عليها بشكل غير مسبوق. إذ يُشكّل الطموح النووي الإيراني هاجسًا لنتنياهو الذي خصّص له مؤتمرات صحافية وكلمات على  المنابر الدّولية عرض خلال ما أسماه “عمل إيران لإنتاج  قنابل  نووية” تحت إسم مشروع “عماد” الذي كان يُشرف عليه العالم النووي  محسن فخري  زاده  الذي تمّ اغتياله قبل  أيّام  في عملية  قرب  طهران سُرعان  ما نُسِبَت مسؤوليتها إلى الموساد الإسرائيلي.

وتجدر الإشارة إلى ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن طلب ترامب من مستشاريه تحضير لائحة أهداف نووية في إيران لتوجيه ضربة لها، إلا أنّه سرعان ما عاد  وتراجع عن طلبه  تحت  ضغط مستشاريه والقادة العسكريين للجيش، خشية اندلاع حرب شاملة في المنطقة. إلا أنّ الصحيفة قالت إنّ ترامب لم يتراجع عن توجيه ضربات لإيران خارج حدودها أو عمليات استخبارية، ما يطرح السّؤال إن  كان اغتيال فخري زاده له علاقة بطلب  ترامب  لوائح  أهداف من مستشاريه أم أنّ أهداف ترامب تختلف عن أهداف نتنياهو؟

وفي  الأيام القليلة الماضية لوحظ نشاطٌ لطائرات  استطلاع وتجسس أميركية  من نوع  RC-135U   قبالة السواحل الإيرانية في منطقة الخليج العربي، وكذلك تحليق قبالة السّواحل اللبنانية والسّورية ظهر يوم  الجمعة.

 

3- التموضع الإيراني في سوريا

منذ اليوم الأوّل لدخول إيران وحزب الله وفصائل عراقية وأفغانية ويمنية الحرب الدائرة في سوريا، كان الموقف الإسرائيلي واضحًا بأنّه لا يسمح لإيران بإقامة قواعد دائمة في سوريا  تتخذها منصّات انطلاق لشنّ هجمات على الدّاخل الإسرائيلي. وخلال الأعوام  الماضية ضرب سلاح الجو الإسرائيلي أهدافًا مرتبطة  بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله في  مناطق مختلفة من سوريا. ما يعني أنّ إسرائيل لا تعارض فقط  التموضع الإيراني قرب حدودها ومسافة الـ80  كلم عن حدود الجولان، بل إنّ تل أبيب تعارض الوجود الإيراني على امتداد الجغرافيا السّورية  بشكل تام، وهذا ما يُفسّر تنفيذها غارات جوية على مواقع بعيدة نسبيًا عن الحدود مع الجولان مثل البوكمال وحلب ودير الزور وريف تدمر.

تشير أوضاع المنطقة والاجراءات التي اتخذها حزب الله في الضاحية وبعض مواقعه في البقاع إلى أنّ زعيم الليكود قد يقوم بأعمال أو ضربات أمنية ضدّ أهداف معيّنة يعتبرها جوهرية وحيوية في البنية الصّاروخية للحزب، وعليه من المحتمل أن يقوم بتوجيه ضربة لها قبيل مغادرة صديقه وصهره البيت الأبيض بعد أسابيع

وتشير معلومات خاصّة  بـ”أساس” إلى أنّه في إطار التحركات الإسرائيلية، فإنّ الحرس الثوري الإيراني اتخذ مؤخرًا إجراءات مشددة في المناطق التالية:

– ريف دمشق الجنوبي (الكسوة ومحيط  مطار دمشق).

– محافظة القنيطرة.

– قاعدة الإمام علي التي شيّدها الحرس الثوري في البوكمال على منتصف طريق بيروت –  طهران  (وهي أكبر القواعد الإيرانية في سوريا).

– مطار التيّاس العسكري المعروف بقاعدة الـT4 في بادية ريف حمص (210  كلم  عن حدود الجولان)، حيث تسعى إيران لتحويلها إلى قاعدة جويّة للطائرات المسيّرة.

– مناطق القصير وريفها المتاخمة للحدود مع لبنان.

وتتهم تل أبيب طهران بالسعي لاستنساخ تجربة حزب الله في سوريا وتحويل المحافظات الجنوبية إلى قاعدة  هجمات على القوات الإسرائيلية المتواجدة  في  الجولان. وتجدر الإشارة إلى  العبوات الناسفة التي اكتشفها الجيش الاسرائيلي قبل 3 أسابيع قرب السّياج الحدودي التي قال إنّها إيرانية الصّنع، ما استدعى شنّ غارات إسرائيلية كردّ على العبوات.

إقرأ أيضاً: شبهات لأصابع أميركية: نتنياهو قتل “مطوّر الصواريخ البالستية”

ويقول مراقبون إنّ تل أبيب قد توجّه ضربة واسعة لمواقع لإيران والحزب في سوريا، إذ لا يمكن استبعاد هذه الفرضية على الإطلاق نظرًا للنشاط الاستطلاعي المكثّف والتحليق المستمر للطائرات الحربية الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية،  بالإضافة إلى المناورات المفاجئة التي شهدها الجولان قبل يومين تزامنًا مع نشر آليات عسكرية في خطوة غير مألوفة قرب الحدود.

التوجّه نحو حلّ  الكنيست الإسرائيلي قد يدفع نتنياهو إلى كسب أوراق  انتخابية سريعة عبر العمل على أولوياته الـ3 أو واحدة منها أو اثنين، إذ إنّه في حال ذهب بشكل نهائي نحو انتخابات تشريعية جديدة، فهذا يعني أنّه سيكون أمام مخاض عسير لمحاربة ما يشبه  “حرب الإلغاء” الداخلية عليه، ولن يجد  بابًا  يطرقه لرفع أسهمه الدّاخلية أكثر مما يعتبره  “أمن الإسرائيليين” المتعلّق بالأولويات الـ3…

 

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…