واشنطن – بايدن ستبعد طهران عن شواطئ المتوسط

مدة القراءة 6 د


في مرحلة انتقالية تختلط خلالها الحسابات الظرفية بالحسابات الاستراتيجية، يسود اعتقاد لدى حلفاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي مقدّمهم “حزب الله”، أنّ رحيل الرئيس دونالد ترامب عن البيت الابيض ومجيء الرئيس المنتخب جو بايدن، سيزيح عن كاهل هذا الفريق عبئاً ثقيلاً مستمراً منذ أربعة أعوام. لكن المعلومات التي تلقتها أوساط لبنانية وثيقة الصلة بدوائر القرار في الخارجية الأميركية تتحدّث عن تطوّر في الموقف الأميركي في الملف الإيراني سينتقل من الإدارة الحالية إلى الإدارة المقبلة، ألا وهو إنهاء الوجود الإيراني على شواطئ البحر الابيض المتوسّط.

أوساط تتمتّع بعلاقات إقليمية ودولية مؤثرة قالت لـ”أساس” إنّ الضبابية التي رافقت، ولا تزال، المرحلة التي بدأت بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في الثالث من الشهر الجاري، والتي تنتهي في 20 كانون الثاني المقبل، موعد تسلّم الرئيس المنتخب مقاليد الرئاسة رسميا، لم تكن موجودة لدى مؤسسة الخارجية الأميركية.

ولفتت الأوساط إلى أنّ قناة الحوار في سلطنة عمان، التي بقيت مفتوحة بين واشنطن وطهران طوال أعوام إدارة الرئيس ترامب بعيداً عن الأضواء، تشير حصيلتها إلى أنّ جدول الأعمال في المحادثات بين الجانبين الأميركي والإيراني ينطلق من وجهة النظر الأميركية من ربط الاتفاق النووي بملفي الصواريخ الباليستية والنشاط الخارجي للجمهورية الإسلامية.

الضبابية التي رافقت، ولا تزال، المرحلة التي بدأت بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في الثالث من الشهر الجاري، والتي تنتهي في 20 كانون الثاني المقبل، موعد تسلّم الرئيس المنتخب مقاليد الرئاسة رسميا، لم تكن موجودة لدى مؤسسة الخارجية الأميركية

ما يعزّز الاعتقاد بأن الموقف الأميركي في هذه المفاوضات باقٍ على حاله بعد تسلّم بايدن مقاليد الرئاسة، هو أنّ وزير الخارجية المقبل في الإدارة الجديدة هو من ذوي الخبرة العميقة في الملفّ الإيراني، وهي خبرة تعود إلى أعوام عمله ضمن فريق وزير الخارجية الأميركية الأسبق في إدارة الرئيس باراك أوباما، جون كيري، الذي كان مهندس الاتفاق النووي الدولي مع إيران عام 2015. إنّه الديبلوماسي طوني بلينكن البالغ من العمر 58 عاماً، والذى يعود عمله مع بايدن إلى ما يقرب من 20 عاماً. ولذا، فإنّ رئيس الديبلوماسية الأميركية المقبل لن يضيع وقتاً في قراءة الملفات التي سيتحمّل مسؤوليتها وفي مقدّمها الملف الإيراني.

وفي المعلومات أيضاً، أنّ هناك إشارات أوّلية من طهران تفيد بأنّ جلّ ما تطمح إليه الجمهورية الإسلامية من الإدارة الأميركية الجديدة، هو رفع بعض العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب من أجل عودة الاقتصاد الإيراني المنهار إلى إلتقاط الانفاس، ما سيحفظ ماء وجه النظام الإيراني، بجناحيّه الإصلاحي والمحافظ على السواء. وهذا ما سيؤدّي إلى عودة المفاوضات المباشرة والعلنية بين الجانبين في النصف الأول من السنة المقبلة.

ماذا عن العنوان الذي يتعلّق بإبعاد النفوذ الإيراني عن شواطئ البحر الأبيض المتوسط؟

تجيب الأوساط بالقول إنّ إنهاء نفوذ إيران خارج حدودها أصبح قضية عابرة للانقسام بين الجمهوريين والديموقراطيين على السواء. وظهرت في الآونة الأخيرة توضيحات من الجانب الديموقراطي بعد فوز السيناتور بايدن في الانتخابات الرئاسية. وفي هذه التوضيحات، أنّ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، كان مرتبطاً أيضاً بمسار تفاوضي يتعلّق بالصواريخ الباليستية والنشاط الخارجي لإيران. لكنّ هذا المسار تبدّلت اتجاهاته بعد خسارة الديموقراطيين الانتخابات عام 2016 أمام المرشّح الجمهوري ترامب. هذا يعني أنّ بندي الصواريخ والنشاط الإيراني الخارجي سيعودان إلى واجهة الاهتمام في المدى المنظور.

هناك إشارات أوّلية من طهران تفيد بأنّ جلّ ما تطمح إليه الجمهورية الإسلامية من الإدارة الأميركية الجديدة، هو رفع بعض العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب من أجل عودة الاقتصاد الإيراني المنهار إلى إلتقاط الانفاس

لا حاجة إلى القول إنّ النفوذ الإيراني الذي تمدّد منذ انتصار ثورة الإمام الخميني عام 1979، بلغ ذروته في نفوذ “حزب الله” داخل لبنان بوصفه الذراع الأهم لـ”فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني. وبفضل هذا التنظيم، صار بإمكان المحافظين في إيران التباهي بأنّ الهلال الإيراني صار ممتداً من بحر قزوين إلى البحر المتوسط. وبفضل “حزب الله” صار لإيران حدود مباشرة مع إسرائيل، ووصول مباشر إلى مياه المتوسط. ولذلك، فإنّ الكلام عن انتهاء هذه الامتيازات لإيران في هذه المنطقة يعني انتهاء نفوذ “حزب الله” بشكله الراهن، وما ينجم عنه من نفوذ في لبنان على كلّ المستويات. بالطبع إلى جانب نفوذ حزب الله في سوريا وفي ساحات عربية أخرى، معلنة وغير معلنة.

إقرأ أيضاً: صفقة الحكومة في ليل انتخابات أميركا: الحزب هو العرّاب

في الأسابيع القليلة الماضية، بلغت العمليات العسكرية التي نفّذتها إسرائيل ضدّ الوجود الايراني والجماعات التابعة لها في سوريا ذروة غير مسبوقة. وقد طاولت في الأيام القليلة الماضية مراكز لـ”حزب الله” في سوريا. وقد خيّل لبعض الأوساط الديبلوماسية أنّ ساعة نفوذ إيران ومن يلوذ بها في سوريا قد دنت. لكن الأوساط التي استندنا إلى معلوماتها، تشير إلى أنّ كلّ ما قامت بها إسرائيل من عمليات حتى الآن، كانت ضمن النطاق الخاضع للسيطرة. في حين أنّ إنهاء نفوذ إيران في سوريا وتالياً في لبنان، ما زال حتى اليوم بعيد المنال. غير أنّ هذا الواقع لا يعني إنه سيستمر طويلاً، وهذا بيت القصيد في الملف الخارجي الذي سينتقل بعد أقل من شهريّن من يد ترامب إلى يد بايدن. وذكرت هذه الأوساط أنّ مراجعة بدأت في الاتصالات الأوّلية بين فريق عمل الرئيس الأميركي الجديد وبين الشركاء الأوروبيين، تحضيراً لعمل مشترك في المرحلة المقبلة يستفيد من الثغرات في إدارة الديموقراطيين أيام الرئيس اوباما، والثغرات في تعامل الأوروبيين، وتحديداً الالمان والفرنسيين والإيطاليين، مع التمدّد الإيراني تحت ستار الاتفاق النووي.

كيف الوصول إلى الهدف الذي يتمثّل بإعادة إيران إلى إيران؟

إنّه سؤال برسم الإجابة في الشهور المقبلة، وسيكون الجزء الأكبر من هذا الجواب في لبنان والعراق، بحسب الأوساط نفسها، نتيجة حجم نفوذ القوى التابعة لإيران في هذين البلدين. وسيتبيّن عندئذ مدى واقعية الهدف الأميركي بإبعاد النفوذ الايراني عن شواطئ المتوسط.        

  

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…