يخوض رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري مشاوراته بعيداً عن الأضواء والضجيج. يحصرها برئيس الجمهورية ميشال عون، أقلّه في العلن. بالأساس، العقدة في منشار حكومته، تكمن هنا، في الحصّة المسيحية (باستثناء حصّة “المردة” والقومي)، التي سيتولّى رئيس الجمهورية التفاوض عليها نيابة عن رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل.
إقرأ أيضاً: الحريري يحاول استدراك خطأ أديب
في المبدأ، اتفق عون والحريري على عدم الاختلاف في مشوار التأليف المشترك، خصوصاً في ما يتصل بالكوتا المسيحية، وذلك من خلال تولي الأول التسميات على أن يكون للثاني حقّ الرفض أو الفيتو، ليتمكنا في نهاية المطاف من الاتفاق على السلّة الوزارية تمهيداً لولادة الحكومة. في العنوان أيضاً، تمّ التفاهم على أن تكون حكومة من 18 أو 20 وزيراً بالحدّ الأقصى.
ضمن هذه الروحية، يبدي رئيس الحكومة المكلف استعداده للالتزام بمبدأ المداورة، مع استثناء حقيبة المال التي حسمت للثنائي الشيعي الذي ترك لنفسه امتياز تقديم سلّة ترشيحات للحريري ليختار منها وزيره لحقيبة المال
في التفاصيل، من المنتظر أن تقفز الشياطين من هنا وهناك لتؤخر التأليف قليلاً ولو أنّ المحيطين برئيس تيار المستقبل يؤكدون أنّ الحريري مستعجل لإخراج حكومته من عنق التعقيدات الداخلية التقليدية، ويعمل على تذليل العقبات التي تعترض ولادتها، ولو اضطره الأمر إلى تقديم مزيد من التنازلات.
بنظر هؤلاء، فإنّ السيناريو المعاكس، أي تمسّك كلّ فريق بمطالبه وبسقوفه العالية، يعني تعريض البلاد للانفجار الكبير الذي لن يعفي أيّاً من الأطراف من أضراره وحممه. وبالتالي فإنّ تعاون الشركاء الحكوميين في ما بينهم لتسهيل الولادة الحكومية، فيه مصلحة لهم جميعاً. وهذا ما حرص الحريري على إبلاغه للآخرين خلال لقاءات الأيام الأخيرة معهم.
ضمن هذه الروحية، يبدي رئيس الحكومة المكلف استعداده للالتزام بمبدأ المداورة، مع استثناء حقيبة المال التي حسمت للثنائي الشيعي الذي ترك لنفسه امتياز تقديم سلّة ترشيحات للحريري ليختار منها وزيره لحقيبة المال. وعليه، تكون المداورة محصورة بثلاث حقائب: الداخلية، الخارجية، والدفاع. أما لماذا المداورة، فجيب المتابعون أنّ رئيس الحكومة يطرح هذا المبدأ لكنه لم يعطِ كلمة نهائية بعد، ولو أنّه على استعداد للقيام بها، مع ما تعنيه من تخلّي عن وزارة الوزارات، أي حقيبة الداخلية التي تشكل خزّاناً للخدمات التي يحتاجها “تيار المستقبل” الآن أكثر من أي وقت مضى. فضلاً عن أنّ خروج المستقبل منها سيشكّل خيبة أمل كبيرة لدى جمهور التيار، خاصة بسبب بعدها الأمني، فكيف إذا اكتمل الأمن لدى العونيين في الجيش والداخلية أيضاً.
في المبدأ، لا يمانع الثنائي الشيعي من إسناد الخارجية لشخصية قد يسمّيها رئيس الحكومة، لكن بعد الاطلاع على الاسم، على أن لا يكون استفزازياً بالنسبة إليهم
وفق المواكبين، فإنّ الغاية المضمرة من هذا “البرمة المجتزئة”، إذا ما حصلت، فهي تحرير حقائب آخرى من تحت سطوة التيار الوطني الحرّ منها مثلاً حقيبتي الطاقة والعدل، ذلك لأنّ التيار العوني لن يتخلّى عنها إلا إذا كان “المقابل حرزان”. ولا مقايضة أهم من الحصول على وزارة الداخلية في المقابل، خصوصاً أنّ “التيار” سبق له أن أبدى رغبته في الجلوس في مبنى الصنائع، على أن تؤول حقيبة الخارجية إلى تيار المستقبل.
حتى الآن، يقول المتابعون إنّها مجرد سيناريوهات معروضة للنقاش وينتظر البتّ فيها استكمال المشاورات حول بقية الحقائب الأساسية ومنها مثلا حقيبة العدل التي يصرّ رئيس الجمهورية على أن تكون من حصتّه أسوة بالحكومات الأخيرة، في حين يفضل رئيس الحكومة أن تكون بدورها مطروحة للمداورة لإسنادها إلى فريق آخر، وتحديدا “المستقبل”.
في هذه الأثناء، راحت بعض الأسماء تخرج من خرم المشاورات المكتومة الصوت، ومنها على سبيل المثال حقيبة الطاقة، التي يتردد أنه في حال حصل الاتفاق على المداورة وتسنّى لرئيس الحكومة تسمية وزير لحقيبة النفط، فقد يسمي زينة مجدلاني وزيراً للطاقة، في حين تردّد أنّه طلب من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي تسمية شخصية مستقلة لحقيبة الخارجية، فعرض الأخير السفير مصطفى أديب، لكنّ المعلومات تشير الى أنّ الحريري يفضل تسمية السفيرة آمل مدللي لهذا الموقع.
في المبدأ، لا يمانع الثنائي الشيعي من إسناد الخارجية لشخصية قد يسمّيها رئيس الحكومة، لكن بعد الاطلاع على الاسم، على أن لا يكون استفزازياً بالنسبة إليهم.