قام أحد المواقع الإكترونية بنشر أنباءٍ لم يذكر لها مصدرًا ولا أصلًا عن إدراج شركات لبنانية على لوائح العقوبات الأميركية، زاعمًا أنّ الشركات المذكورة هي على علاقة بحزب الله. وعدّد الموقع بخبره المشبوه شركات وأسماء أبرزها KVA و”خطيب وعلمي” و”الشركة العربية للإنشاءات ACC. وذلك بالتزامن مع نشر مواقع “صفّ ثاني” أسماء شخصيات سياسية لبنانية لفّقت أنّها باتت على لوائح العقوبات الأميركية، من دون أيّ دليل.
التدقيق في محتوى الخبر الأوّل عبر البحث في لوائح العقوبات التي يُصدرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC التابع لوزارة الخزانة الأميركية يعطي نتيجة واحدة، وهي أنّ الخبر المُتداول لا أساس له من الصّحة. وعليه يكون الخبر والموقع الإلكتروني ومن يقف خلفهما من “إدارة” وناشر يطمحان لهدف من اثنين لا ثالث لهما:
– الأوّل، لعب دور “الواشي” الرخيص الذي لا حجّة له ولا دليل فيما يدّعي، إلّا محاولة إلحاق الأذى بالشّركات والشخصيات المذكورة في “المقال” الذي يفتقر لأدنى حدود المهنية الإعلامية، مع علم النّاشر بعدم صحّة المعلومات المنشورة التي لا أساس لها إلا “نسج الخيال”.
– الثاني، تشويه سمعة الشّركات لأسباب غير واضحة، ربما تكون شخصية بطريقة تافهة تُذكّر اللبنانيين بأيّام خالية وتقارير صفراء تطورت من “خط اليد” إلى “المنصات الرّقمية”، بسيناريوهات لا نجدها إلا في أفلام “بوليوود”.
التدقيق في محتوى الخبر الأوّل عبر البحث في لوائح العقوبات التي يُصدرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC التابع لوزارة الخزانة الأميركية يعطي نتيجة واحدة، وهي أنّ الخبر المُتداول لا أساس له من الصّحة
من يُطالع “التقرير” المعني، قد يجد فيه ما يُرفّه عن المرء بعد يوم عمل طويل وشاقّ، ويصلح أن يكون ذيلًا لكتاب “أخبار الحمقى والمغفّلين” للعلامة ابن الجوزي، بما أنّ المقال ينسف محتواه بمحتواه. فكيف لشركة تعمل في منطقة الخليج العربي، وتحديدًا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات منذ عشرات السنين أن تكون مرتبطة بـ”حزب الله” دون أن تدري كلا الدولتين بذلك؟
كاتب المقال ومن خلفه، وقعا في سقطة كبيرة عنوانها: “إهانة الأجهزة الأمنية والاستخبارية” في السعودية والإمارات، بإشارتهم إلى “أنّهم يعلمون والدولتان لا تعلمان”.
أمّا اختراع التقرير معلومة أنّ لحزب الله سيطرة على شركة KVA، وسرده تفاصيل تدلّ على عمق مخيلة “كاتبه”، فيفتح السؤال إن كان هو يعلم، والولايات المتحدة الأميركية بأجهزتها وتطوّرها وريادتها العالمية على الصعد الأمنية والعسكرية والاستخبارية والمعلوماتية لا تعلم؟
إقرأ أيضاً: وول ستريت جورنال: العقوبات على باسيل تحرّك مساعي تشكيل الحكومة
هكذا بات عندنا نوع جديد من “كُتّاب التقارير” الذين تعرّضوا لطفرة جينية خلال الأشهر الماضية جعلت منهم أحد أقوى الأجهزة في العالم، فهم فقط “يعلمون” والجميع لا يعلم، بل باتوا يُرشدون الدّول الكبرى عن ما الذي ينبغي فعله، عبر الإمعان بدسّ كلام “أمني” في الظاهر، لكنّه عبارة عن أضاليل لا أساس لها من الصحة في باطنه. ويكفي أن يتوجّه من يريد إلى الموقع الإلكتروني لصفحة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على موقع الخزانة الأميركية ليتأكّد من زيف الادّعاءات ومحاولة أذيّة شخصيات ورجال أعمال وشركات عاملة على الأراضي اللبنانية وفي الدول العربية.
أما الأسماء التي وزّعتها مواقع غير جديّة، وانتشرت في الأيام الأخيرة، فهي كاذبة إلى درجة أنّ مسؤولين في الخارجية الأميركية، لا يعرفون أيّ معلومة عن لوائح العقوبات المقبلة، وعن الأسماء المدرجة عليها، لأنّه ملفّ سريّ جداً يبقى محصوراً بين وزير الخزانة الأميركية، ووزير الخارجية وعدد قليل جدا من مساعديهم المقرّبين.