“بتغريدة”، أقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الدفاع “مارك إسبر” بعد أشهر من الخلافات بينهما. إلا أنّ هذه الخلافات لا يبدو أنّها كانت السبب الأساسي وراء الإقالة. إذ إنّ الرئيس الذي سيغادر البيت الأبيض بعد 70 يوماً تقريبًا، بعد خسارته المعركة الانتخابية التي جرت في 3 من الشهر الجاري، لا يريد أن يخرج بهدوء كما لمّح وزير الدّفاع المُقال بقوله بعد إقالته: “إنّ مغادرتي للمنصب ستؤدّي لتعيين شخص لا يقول لا للرئيس”.
الرئيس الأميركي ذكر في التغريدة عينها أنّه قام بتعيين رئيس “اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب” كريستوفر ميلر خلفًا لإسبر. وميلر يزاول عمله بالإنابة، وهو خامس شخصية تشغل منصب وزير الدفاع في عهد ترامب بعد جيم ماتيس، وباتريك شاناهان، وريتشارد سبنسر الذي تولّى المنصب لوقت قصير قبل إسبر.
ميلر “المتخصّص في محاربة الإرهاب” شارك أيضًا قس غزو أفغانستان والعراق عامي 2001 و2003، كما عمل نائب مساعد وزير الدفاع السابق للعمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب، وأشرف على توظيف قوات العمليات الخاصة في مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى إنّه كان مسؤولاً عن توظيف عناصر عمليات دعم المعلومات العسكرية، والحرب غير التقليدية، والحرب غير النظامية، والعمل المباشر، والعمليات الخاصة الحساسة، وقضايا استعادة الرهائن على النحو المحدّد من قبل وزير الدفاع.
“بتغريدة”، أقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الدفاع “مارك إسبر” بعد أشهر من الخلافات بينهما. إلا أنّ هذه الخلافات لا يبدو أنّها كانت السبب الأساسي وراء الإقالة
السيرة الذاتية “حافلة” لميلر، الذي عاجله سلفه المُقال بوصفه “أنّه لا يقول لا لترامب”، والتصريحات التي نقلتها وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين في البنتاغون (وزارة الدّفاع) تشير إلى أنّ الرئيس “المودِّع” قد لا يغادر البيت الأبيض بهدوء.
فترامب بعد 4 أعوام من تولّيه السّلطة في الولايات المتحدة، أثبت أنّه شخصية لا يمكن لأحد أن يتوقّع ماذا قد تقرّر، وبأيّ اتجاه قد تذهب. إلا أنّ المؤشرات التي حملها التعيين، وكلام إسبر يشيران إلى أنّ الأخير “ربّما” رفض الامتثال لأمر وجّهه ترامب لتنفيذه، ما أدّى لإقالته واستبداله.
السؤال الأكبر الذي يحمله تعيير ميلر في “الوقت الضائع” من تاريخ التعيين إلى خروج ترامب من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المُقبل هو: “هل سيقوم ميلر بتنفيذ ما رفضه إسبر؟”.
إسبر ما كان ليرفض تنفيذ “أمر صغير”، خصوصًا في هذا التوقيت، ما يدلّ ربّما على أنّ الأمر الذي أُقيل إسبر على إثره لم يكن “صغيرًا” على الإطلاق. وخبرات ميلر الآتي من “مكافحة الإرهاب” والعمل العسكري في الشرق الأوسط خير دليل على ذلك.
والوزير المُقال كان قد زار تل أبيب قبل 3 أسابيع، أي بعد أيّام قليلة على زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى واشنطن. وهو جال على الحدود مع لبنان، مباشرة بعد عودته من الولايات المتحدة مُطّلعًا على مناورات “السهم القاتل” التي حاكت حربًا إسرائيلية ضدّ حزب الله قد تشارك فيها الميليشيات العراقية والسورية ومقاتلون من قطاع غزة، وحتّى إيران.
السؤال الأكبر الذي يحمله تعيير ميلر في “الوقت الضائع” من تاريخ التعيين إلى خروج ترامب من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المُقبل هو: “هل سيقوم ميلر بتنفيذ ما رفضه إسبر؟”
وأشارت معلومات خاصة لـ”أساس” إلى توقّعات بألا يكتفي دونالد ترامب بإقالة إسبر واستبداله، بل إنّه قد يتجه نحو إقالة مديرة جهاز الاستخبارات المركزية CIA جينا هاسبل ومدير جهاز الأمن الفيدرالي FBI كريستوفر وراي. ما يؤشّر، إن حصل، على أنّ ترامب قد يقوم بأيّ خطوة غير متوقّعة قبيل خروجه من مقرّ إقامة الرئيس الأميركي…
ومع إقالة وزير الدّفاع، كان لافتًا جدًا تعيين جويل ريبرن كمبعوث خاص إلى سوريا خلفًا للسفير جايمس جيفري. ورايبرن يعمل نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر، المعروف بتصلّبه ضدّ إيران وحلفائها.
جاء التعيين أيضًا مترافقًا مع حزمة عقوبات اقتصادية قاسية استهدفت شخصيات اقتصادية وأمنية وكيانات سوريّة ولبنانية أغلبها يعمل في مجال النّفط. وأشارت مصادر خاصّة في وزارة الخارجية الأميركية لـ”أساس” إلى أنّ العقوبات هذه كان من المقرّر أن تصدر قبل أسبوعين، إلا أنّ المفاوضات التي كانت قائمة بين النظام السّوري والأميركيين حول مصير الصحافي أوستن تايس لمحاولة الإفراج عنه قبل الانتخابات الرئاسية أدّت إلىتأجيلها. لكنّ عدم وصول المحادثات إلى نتيجة أدّى إلى تصعيد أميركي تجاه النظام السّوري.
إقرأ أيضاً: ملامح إدارة بايدن: أوباما مع “فوتوشوب”
تزامن هذا مع إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو إنّ بلاده تعتزم التصريح بشراء دولة الإمارات معدّات دفاع متقدمة بقيمة 23.37 مليار دولار. ولفت إلى أنّ الموافقة تشمل ما يصل إلى 50 طائرة “إف-35” لايتنينغ 2، وما يصل إلى 18 طائرة مسيرة إم.كيو- 9 بي، ومجموعة من الذخائر جو-جو وجو-أرض.
الإشارات خطيرة، وكلّها تؤشّر إلى لبنان وإيران، وإلى أنّ ترامب قد لا يغادر قبل أن يرمي “سهماً قاتلاً” بوجه خصومه في الشرق الأوسط.